قمة وارسو تتصدى لأجندة طهران في الشرق الأوسط

تتطلع الولايات المتحدة إلى القمة التي تجمع 60 دولة في العاصمة وارسو من أجل حشد الدعم ضد طهران، وزيادة الضغوط عليها لإيقاف مشاريعها التخريبية في الشرق الأوسط، ولا تعير واشنطن اهتماما لغياب عدد من وزراء الخارجية الأوروبيين عن المؤتمر.
وارسو – اجتمع وزراء للخارجية ومسؤولون كبار من 60 دولة في العاصمة البولندية وارسو الأربعاء، حيث تأمل الولايات المتحدة في زيادة الضغط على إيران برغم مخاوف دول أوروبية كبرى من زيادة التوتر مع طهران.
ووصل نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الأربعاء إلى وارسو لافتتاح المؤتمر حول الشرق الأوسط، الذي يحضره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكن وسط مقاطعة أبرز المسؤولين الأوروبيين.
وانضم بنس ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى الحكومة البولندية لاستقبال الضيوف على العشاء، في القلعة الملكية في مدينة وارسو القديمة مساء الأربعاء.
وأبرز المؤتمر، الذي يستمر على مدى يومين، الانقسامات إذ قرر حلفاء أميركا الأوربيون المشاركة بمستوى تمثيلي متدن.
وهوّن بومبيو من شأن غياب وزراء أوروبيين بارزين عن المؤتمر، وذلك خلال توقف في العاصمة السلوفاكية براتيسلافا الثلاثاء قبل أن يتوجه إلى وارسو.
وقال في مؤتمر صحافي “بعض الدول سيحضر وزراء خارجيتها والبعض الآخر لا. هذا هو اختيارهم”. وأضاف “نعتقد أننا سنحقق تقدّما حقيقيا. نعتقد أنه ستكون هناك العشرات من الدول التي تعمل بجدية من أجل شرق أوسط أفضل وأكثر استقرارا، وآمل أن نحقق ذلك بحلول وقت مغادرتنا الخميس”.
برنامج المؤتمر لا يزال غامضا في حين تعقد الجلسة الرئيسية الخميس بطرح كل من بنس وبومبيو ونتانياهو ملاحظاتهم
وفي حين لا يزال برنامج المؤتمر غامضا، تعقد الجلسة الرئيسية الخميس عندما سيقوم كل من بنس وبومبيو ونتانياهو بطرح ملاحظات، في حين كُلفت مجموعات عمل مناقشة المسائل المطروحة.
وحاولت طهران التقليل من أهمية مؤتمر وارسو حيث قال وزير الخارجية جواد ظريف الأربعاء إن مؤتمر وارسو الذي تستضيفه الولايات المتحدة وبولندا، وتشارك فيه ستون دولة حول إيران والشرق الأوسط “مسعى جديد تبذله الولايات المتحدة في إطار هوسها الذي لا أساس له إزاء إيران”. وأضاف “أعتقد أن مؤتمر وارسو وُلد ميتا”.
وقال بومبيو، مساء الثلاثاء في مستهلّ زيارته لبولندا، “هذا ائتلاف عالمي يجري بناؤه لتحقيق المهمة الهامة المتمثلة في الحد من المخاطر طويلة الأمد المتأتية من منطقة الشرق الأوسط”.
ويعدّ وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت الدبلوماسي الأوروبي الوحيد الذي سيمثّل بلاده على هذا المستوى في وارسو. وشارك هانت في اجتماع رباعي مساء الأربعاء مع بومبيو والسعودية والإمارات العربية المتحدة اللتين تقودان التحالف العربي الداعم للحكومة الشرعية في اليمين، في مواجهة المتمردين الحوثيين الذين يحظون بتأييد إيران.
ولا تشارك روسيا في المؤتمر فيما تعقد في موازاته الخميس مباحثات في منتجع سوتشي، بحضور الرئيس حسن روحاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن سوريا التي يخطط ترامب لسحب القوات الأميركية منها.
وقالت تركيا إنها سترسل إلى وارسو فقط موظفا في سفارتها إلى المؤتمر الذي يشارك فيه حلفاؤها في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
ومن المجموعات التي ستحضر بقوة منظمة “مجاهدي خلق” الإيرانية المعارضة في الخارج والتي سحبتها الولايات المتحدة من قائمة المنظمات الإرهابية في 2012. وقد وثقت المنظمة علاقاتها مع المحافظين الأميركيين، ومن بينهم عمدة نيويورك رودي جولياني الذي سيتحدث في اجتماع حاشد للمجموعة في وارسو.
ويسلط غياب وزراء خارجية القوتين الأوروبيتين الكبيرتين ألمانيا وفرنسا الضوء على التوتر مع الاتحاد الأوروبي، بسبب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب العام الماضي بالانسحاب من الاتفاق النووي المُبرم في عام 2015 مع إيران وإعادة فرض العقوبات عليها.
وبينما فتحت دول مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا قناة جديدة للتجارة بغير الدولار مع إيران لتفادي العقوبات الأميركية وإنقاذ الاتفاق النووي، فقد انتقدت تلك الدول برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني.
وقال مسؤول أميركي كبير بشأن جدول أعمال مؤتمر وارسو “ستكون هناك مناقشات بشأن نفوذ إيران في الشرق الأوسط، ما الذي يمكننا فعله للمساعدة في حمل إيران على أن تكون في وضع أكثر نفعا، وللتصدي بشكل جماعي لبعض من سلوكها الضار في المنطقة”.
ومن بين الخلافات الأخرى بشأن السياسة، عبّر حلفاء واشنطن الأوروبيون أيضا عن القلق إزاء قرار ترامب بسحب القوات الأميركية من سوريا.
وسيتحدث في المؤتمر أيضا جاريد كوشنر، مستشار البيت الأبيض وصهر الرئيس ترامب، بشأن خطط الولايات المتحدة للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ومن غير المرجّح أن يخوض كوشنر في كثير من تفاصيل الخطة، غير أن هذه ستكون إحدى المناسبات الأولى التي يتحدث فيها علنا عن المساعي الأميركية.
وقال المسؤولون الفلسطينيون إنهم لن يحضروا مؤتمر وارسو بسبب قرار واشنطن نقل السفارة الأميركية إلى القدس. غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيحضر إلى جانب العديد من المسؤولين من الدول الخليجية.
وتعدّ استضافة المؤتمر فرصة لحكومة المحافظين في بولندا لتعزيز العلاقات مع واشنطن، في وقت يواجهون فيه عزلة متزايدة داخل الاتحاد الأوروبي، وسط نزاع حول التزام الحكومة بمعايير سيادة القانون.
وقال بيوتر بوراس، مدير مكتب وارسو في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية وهو مؤسسة بحثية، “هذا جهد واضح للتأكيد على رغبتهم في إرضاء واشنطن”. وأضاف “أهداف المؤتمر تحدّدها أيضا الولايات المتحدة وليس بولندا. بولندا ليست سوى المنفذ”.
لكن وزير الخارجية البولندي ياسيك تشابوتوفيتش إن التعاون بين أوروبا والولايات المتحدة ضروري لحلّ المشكلات في الشرق الأوسط. وقال في تصريحات للصحافيين في وارسو “الاتحاد الأوروبي في رأيي لا يتمتّع وحده بثقل سياسي يكفي لمحاولة التأثير فعليا في الوضع في الشرق الأوسط”. وأضاف “لا يمكننا ممارسة نفوذ إيجابي وتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط إلا بالعمل مع الولايات المتحدة، وبصورة أعمّ مع مجتمع الدول الديمقراطية”.