الولايات المتحدة توسع تحالفها المناهض لإيران في وارسو

توافق أميركي أوروبي على التصدي لأجندات طهران التخريبية، وإيران تفشل في فصل الاتفاق النووي عن برنامجها الباليستي.
الأربعاء 2019/02/13
استعراض للصواريخ الباليستية وسط طهران

تواصل الولايات المتحدة دون هوادة تسليط أقصى درجات الضغط على النظام الإيراني من أجل محاصرة أنشطته التخريبية، ضمن رؤيتها لاستقرار منطقة الشرق الأوسط، ما يعمق عزلة طهران دوليا، بعد أن فشلت في تحقيق اختراق للموقف الأوروبي المتوجس كما واشنطن، من برنامجها الصاروخي الباليستي المناقض لقرارات مجلس الأمن الدولي.

وارسو - تسعى الولايات المتحدة في وارسو هذا الأسبوع لحشد العالم حول رؤيتها للشرق الأوسط التي تتلخص في مواجهة أجندات إيران التخريبية في المنطقة، إلا أنها لم تنجح على ما يبدو في كسب تأييد أوسع لطريق الوصول إلى الهدف المعلن على الرغم من الإجماع الدولي على ضرورة كبح طموحات طهران الباليستية ومواجهة سلوكها المزعزع للاستقرار في المنطقة.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الشهر الماضي عن المؤتمر الذي يستمر ليومين اعتبارا من الأربعاء، مشيرا إلى أن وزراء الخارجية من حول العالم سيأتون إلى بولندا للتعامل مع مسألة “نفوذ إيران المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط”.

ويشكل التجمع مناسبة لاستعراض وحدة الصف كرد قوي على نظام إيران الذي يحتفل هذا الأسبوع بمرور 40 عاما على إطاحة الإسلاميين بالشاه المقرب من الغرب محمد رضا بهلوي وإقامة الجمهورية الإسلامية.

وحتى مضيفة المؤتمر بولندا، التي تسعى لتعزيز علاقاتها بالولايات المتحدة في وجه تنامي النفوذ الروسي، أكدت أنها لا تزال ملتزمة بموقف الاتحاد الأوروبي الداعم لاتفاق 2015 الذي تفاوض عليه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لتخفيف العقوبات على إيران مقابل فرضها قيودا على برنامجها النووي.

ورغم ما تبديه الدول الأوروبية من دعم للملف النووي الإيراني ومن تفهّم متعلّق بانفتاحها على السوق الإيرانية، إلا أن حساباتها تتجه للوقوف إلى جانب الولايات المتحدة بخصوص خطورة الأنشطة الباليستية الإيرانية. ويرى مراقبون أنّ مساعي طهران في توظيف الخلاف التجاري بين واشنطن وأوروبا لإحداث اختراق في المواقف قد فشلت بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي مؤخرا عقوبات جديدة عليها بسبب برنامجها الصاروخي.

ويؤكد مراقبون وجود إجماع أميركي أوروبي للتصدي إلى الخطر الإيراني، لكن تكتيكات تحقيق هذا الهدف مازالت مختلفة.

بنيامين نتنياهو: نسعى لمواجهة أنشطة إيران ومنعها من الحصول على أسلحة نووية
بنيامين نتنياهو: نسعى لمواجهة أنشطة إيران ومنعها من الحصول على أسلحة نووية

ويرى هؤلاء أن تمسّك الطرف الأوروبي بالاتفاق النووي الإيراني لا يحجب مخاوفه من أنشطتها الباليستية والمزعزعة لاستقرار المنطقة وحتى داخل بلدان الاتحاد، بعد توجيه التهم للاستخبارات الإيرانية بتنفيذ اغتيالات في كل من فرنسا والدنمارك وهولندا، ما يقرّب الموقف الأوروبي أكثر فأكثر من الموقف الأميركي الذي بدا معزولا في بداية المطاف.

وفشلت إيران في توظيف الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة وأوروبا لخدمة ملفها النووي وفصله عن برنامجها الصاروخي، حيث يبدو الموقف الأوروبي بخصوص أنشطتها الباليستية أكثر تأييدا لموقف واشنطن.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إيران ستتصدر جدول الأعمال إذ ستجري مناقشة “كيفية مواصلة منعها من ترسيخ وجودها في سوريا ومنع أنشطتها العدائية في المنطقة، والأهم من ذلك كله، كيفية منعها من الحصول على أسلحة نووية”.

ولم تُدعَ إيران إلى وارسو وهو ما دفعها لاستدعاء السفير البولندي للاحتجاج، لكن في مسعى لاستعراض نفوذها الدبلوماسي، يسافر الرئيس الإيراني حسن روحاني تزامنا مع انعقاد المؤتمر إلى روسيا التي رفضت حضور اجتماع وارسو.

وسيلتقي روحاني في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان لمناقشة الوضع في سوريا، التي قرر ترامب سحب قواته منها.

وقال وزير الخارجية البولندي جاسيك تشابوتوفيتش إن مؤتمر وارسو “سيطلق عملية” لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط بينما أفاد مسؤول أميركي أن الدول ستعقد اجتماعات للمتابعة.

وأوضح علي فائز المسؤول عن الشأن الإيراني لدى مركز أبحاث “مجموعة الأزمات الدولية” أن الولايات المتحدة تبدو عازمة على استغلال مؤتمر وارسو لتوسيع تحالفها المناهض لإيران.

وانتقد السفير الأميركي في برلين ريتشارد غرينيل الآلية الأوروبية التي تهدف إلى الالتفاف على العقوبات الأميركية، مشيرا إلى أن ذلك لا يخدم الاستقرار حول العالم.

وقال غرينيل إن آلية الاتحاد الأوروبي الرامية إلى المساعدة في تسهيل التجارة مع إيران والالتفاف على العقوبات الأميركية تمثّل عدم احترام لسياسات واشنطن ومسارا غير ملائم للعمل.

وأكد في تصريحات لصحيفة فيلت آم زونتاغ الألمانية أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب يستخدم العقوبات لإجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات، ومنعها من تطوير أسلحة نووية ومن تطوير برنامجها الصاروخي.

وأطلقت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا الآلية المعروفة باسم “إنستكس” في نهاية يناير الماضي في مسعى إلى الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران الموقّع في عام 2015، والذي وضع بالفعل قيودا على قدرة طهران على تطوير أسلحة نووية، حيث تتيح هذه الآلية التجارة دون معاملات مالية مباشرة.

إطلاق عملية لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط
إطلاق عملية لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط

وعلى سبيل المثال، يمكن لإيران تسليم النفط أو منتجات أخرى إلى أوروبا، وبدلا من دفع الأموال إلى البنوك الإيرانية ستذهب الأموال إلى الشركات الأوروبية التي تبيع الدواء أو الغذاء إلى إيران.

وطالبت فرنسا الأسبوع الماضي إيران بالتراجع عن إطلاق صواريخ في إطار برنامج الفضاء الإيراني، معتبرة أن ذلك ينطوي على خرق لقرارات مجلس الأمن في الأمم المتحدة، في تماه مع موقف الولايات المتحدة بشأن أنشطة طهران الباليستية.

وفي بيان، طلب وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان من طهران “الوقف الفوري لكل نشاط مرتبط بالصواريخ الباليستية القادرة على حمل أسلحة نووية، ومن ضمنها عمليات الإطلاق المستندة إلى تكنولوجيا الصواريخ الباليستية”.

وتابع بيان الخارجية أن “فرنسا تذكّر بأن برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني لا يتوافق مع القرار 2231، الصادر عام 2015 عن مجلس الأمن الدولي”.

ووفق واشنطن وباريس، فإن التكنولوجيا المستخدمة في إطلاق تلك الصواريخ تكاد تشبه تلك المعتمدة في صنع الصواريخ الباليستية.

5