الولايات المتحدة تضغط على الدول لاستعادة جهادييها من سوريا

واشنطن: مستعدون للمساعدة لكننا لسنا معنيين بإيجاد حلول لهؤلاء المقاتلين.
الأربعاء 2019/02/13
ضحية الجميع

دمشق - تجد الدول التي لها مواطنون يقاتلون في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية شمال شرق سوريا نفسها في موقف صعب، خاصة مع اقتراب موعد انسحاب الولايات المتحدة من هذا البلد، حيث رجّح جنرال أميركي أن يتم الانسحاب خلال أسابيع.

ويضم تنظيم داعش عناصر من جنسيات مختلفة، وبدت فرنسا في الآونة الأخيرة الأعلى صوتا حيث أن هناك أكثر من 100 عنصر من داعش ينتمون لها في قبضة قوات سوريا الديمقراطية، فيما ارتكنت دول أخرى إلى الصمت ما بدا عدم رغبة منها في التعاطي مع هذه الإشكالية التي تشكل إحراجا كبيرا لها.

وتؤكد الولايات المتحدة استعداداها لمساعدة الدول التي تريد إعادة الجهاديين المعتقلين من مواطنيها مع عائلاتهم من سوريا إلى بلدانهم، لكنها تشدد في الوقت نفسه على ضرورة إتمام الأمر سريعا، وعلى أنها غير معنية بإيجاد حلول لهؤلاء الجهاديين.

وقال مسؤول أميركي طالبا عدم الكشف عن اسمه “إن الوقت الذي يمكن خلاله أن تقدم الولايات المتحدة المساعدة يضيق”، مضيفا “ندعو كل الدول إلى العمل سريعا جدا على تحمل مسؤولية مواطنيها الذين توجهوا إلى سوريا للقتال إلى جانب تنظيم داعش”.

ودفع الإعلان المفاجئ للرئيس الأميركي دونالد ترامب في 19 ديسمبر الماضي عن قرب سحب قوات بلاده من سوريا، إلى بدء العد العكسي للحكومات التي لديها مواطنون معتقلون بأيدي قوات سوريا الديمقراطية، لإيجاد طريقة لنقلهم إلى بلدانهم.

800 مقاتل جهادي أجنبي حاليا في أيدي القوات الكردية في سوريا يضاف إليهم نساء غير مقاتلات وأطفال ينتظرون أيضا إعادتهم إلى بلدانهم

وتسارع العد العكسي هذا الأسبوع مع شن قوات سوريا الديمقراطية هجومها على المعقل الأخير للتنظيم الجهادي في منطقة الباغوز على الحدود العراقية. وفي حال نجاح هذه العملية فإن الولايات المتحدة عازمة على إعلان السيطرة الكاملة على أراضي “الخلافة” وبدء سحب قواتها من سوريا.

وقال التحالف الدولي الذي يدعم قوات سوريا الديمقراطية الثلاثاء إن القوات تحقق تقدما “بطيئا ومنظما” ضد عناصر داعش.

وأوضح المتحدث باسم التحالف الكولونيل شون رايان في رسالة بالبريد الإلكتروني “العدو متحصن بالكامل ويواصل مقاتلو داعش شن هجمات مضادة”. وأضاف أنه “من السابق لأوانه تحديد إطار زمني” بشأن موعد نهاية العملية.

وفي وقت سابق لفت الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الأميركية، إلى أنه من المحتمل أن تبدأ الولايات المتحدة خلال أسابيع سحب قواتها البرية من سوريا.

وأوضح فوتيل في تصريحات صحافية أدلى بها خلال زيارة وداع أجراها للقوات الأميركية في الشرق الأوسط، قبل مغادرته لمنصبه في مارس المقبل أن “توقيت الانسحاب على وجه الدقة يتوقف على الوضع الميداني في سوريا”، في إشارة إلى القتال الجاري على الحدود العراقية.

وتتزايد المخاوف إزاء احتمال إفلات هؤلاء الجهاديين من سيطرة القوات التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردي مع انسحاب القوات الأميركية، ما لم يتم نقلهم سريعا إلى بلدانهم.

وسبق وأن حذرت قوات سوريا الديمقراطية من أنها لا تستطيع تفادي هذا السيناريو خاصة في حال تعرضها لخطر هجوم تركي على مناطقها.

والعديد من الدول التي كانت اختارت إبقاء الجهاديين من مواطنيها في سجون قوات سوريا الديمقراطية مثل فرنسا، باتت اليوم تواجه معضلة لها تشعبات دبلوماسية وقانونية ولوجستية وسياسية: كيف يمكن نقل جهاديين محتجزين في منطقة حرب لدى قوات تسيطر على أراض وليس لها صفة دولة، مع العلم أيضا أن الرأي العام الفرنسي لا يرحب كثيرا بعودة هؤلاء ولم ينس بعد سلسلة الهجمات الجهادية التي ضربت مناطق عدة من البلاد.

ورغم الصعوبات ونتيجة الضغوط الأميركية، يبدو أن بعض الدول وبينها فرنسا قررت نقل مواطنيها من الجهاديين إلى أراضيها. وتكرر الإدارة الأميركية منذ عشرة أيام وتلح على حلفائها العمل سريعا على إعادة الجهاديين من مواطنيها إلى بلدانهم.

جوزيف فوتيل: من المحتمل أن نبدأ خلال أسابيع سحب قواتنا البرية من سوريا
جوزيف فوتيل: من المحتمل أن نبدأ خلال أسابيع سحب قواتنا البرية من سوريا

وقال السفير ناتان سيلز منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية “إن نقل المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى بلدانهم الأصلية وتوجيه الاتهامات إليهم هناك، هو أفضل طريقة لتجنب عودتهم إلى القتال”.

وتشير التقديرات إلى وجود نحو 800 مقاتل جهادي أجنبي حاليا في أيدي القوات الكردية في سوريا يضاف إليهم نساء غير مقاتلات وأطفال ينتظرون أيضا إعادتهم إلى بلدانهم. ويتحدر هؤلاء الجهاديون من تونس والمغرب والسعودية وتركيا وروسيا، إضافة إلى عدد من الدول الأوروبية مثل فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وبلجيكا.

وأكد مصدر فرنسي مقرب من هذا الملف أنه من “المحتمل جدا” أن يتم الاستعانة بطائرات أميركية لنقل الفرنسيين من جهاديين وغير مقاتلين إلى فرنسا، ويقدر عددهم بأكثر من مئة غالبيتهم من القُصر.

وكان الجنرال جوزف فوتيل قال مطلع فبراير إن الولايات المتحدة تتحمل “مسؤولية تسهيل” تنفيذ هذه المهمة، مضيفا “بإمكاننا التوصل إلى اتفاقات”.

وسبق أن سيّرت واشنطن رحلات جوية من سوريا لنقل جهاديين إلى بلدانهم، وهي مستعدة للبحث في عدة خيارات لوجستية لتجنب القيود القانونية والسياسية التي تكبل أيدي بعض الحكومات، مثل المرور ببلد ثالث إذا لزم الأمر، قبل الوصول إلى البلد الذي يتحدر منه الجهاديون.

ولا يبدو أن الإدارة الأميركية في الوقت نفسه مستعدة للانتظار إلى ما لا نهاية. وقال السفير ناتان سيلز “ليست من مسؤولية قوات سوريا الديمقراطية ولا من مسؤولية الولايات المتحدة إيجاد حلول لمئات المقاتلين الإرهابيين الأجانب المحتجزين لدى هذه القوات”، ودعا البلدان المعنية “إلى عدم انتظار قيام الآخرين بإيجاد حلول لها”.

وقال المسؤول الأميركي الذي طلب عدم ذكر اسمه أيضا “القيام بعمليات لنقل الجهاديين لا يقتصر على مجرد إرسال طائرة إلى مطار في شمال شرق سوريا لنقلهم إلى بلدانهم الأصلية”، موضحا “أن هناك مشاكل تقنية ولوجستية” معقدة لا بد من تذليلها.

والشرط الأساسي الأميركي للمساهمة في هذه العملية هو “عدم استعداد واشنطن تحت أي ذريعة لتحمل مسؤولية حراسة المقاتلين الإرهابيين الأجانب خلال هذه العمليات”.

2