إساءة تفسير الإسلام في الغرب

الإسلاموفوبيا أو الخوف من الإسلام هو مشكلة لن تختفي. ليس من السهل العثور على صورة إيجابية عن الشرق الأوسط أو الإسلام في الإعلام الغربي.
نادرا ما تكون الأخبار عن المسلمين في وسائل الإعلام الأوروبية إيجابية. في بعض البلدان، مثل المملكة المتحدة، لا يعاني مجتمع آخر من مثل هذه الصحافة السلبية. يمكن الاعتماد على أمثال ديلي ميل، ديلي إكسبرس، وتايمز، على تشويه أي شيء مسلم.
يصور الإسلام على أنه ضار بشكل منهجي للقيم الليبرالية وفي نزاع مع الهوية البريطانية أو الأميركية أو الفرنسية، وينشر العديد من المفكرين خطابات ضد الإسلام.
في اليسار، ولاسيما في الولايات المتحدة ، يوظف جانب من الإسلاموفوبيا الإلحاد كأيديولوجية تفسد الأبعاد الروحية للإسلام وتتماشى مع شروط المستشرقين منذ أمد بعيد.
بالنسبة إلى هؤلاء الملحدين، فإن الإسلام غير شرعي لأنه دين. ولكنه، خلافا للأديان الأخرى، مهدد بشكل واضح لأنه يتعارض بطبيعته مع القيم الليبرالية. يتعاون هؤلاء مع الأب الفكري للإسلاموفوبيا الحديثة، برنارد لويس، في القول إن مبدأ الإسلام ذاته يطرح مشاكل فريدة لظهور حضارة عالمية.
يجادل اليسار الأميركي في برنامج “بيل ماهر”، على “إتش.بي.أو”، بأن “العالم الإسلامي يمتلك الكثير من القواسم المشتركة مع داعش” وأنّ “الإسلام هو الدين الوحيد الذي يعمل مثل المافيا، التي ستقتلك إذا قلت الكلمات الخاطئة”. ولا شك في أن ربط 1.6 مليار من المسلمين بشبكة إرهابية يلقى موافقة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
تاريخيا، ليست الشريعة قانونا بالمعنى الذي يفهمه الغرب، بل هي مجموعة من التوجيهات المستوحاة من القرآن الذي يوجه المسلمين نحو العيش في حياة إسلامية
كما يسيء المفكر الشعبي إريك زمور تمثيل أي خبر من العالم الإسلامي، ضد الملايين من الفرنسيين المسلمين. وقد زعم زمور ذات مرة أن حمل اسم عربي في فرنسا، يشير إلى أن الشخص المعني رفض الاندماج في المجتمع الفرنسي.
عندما قال ترامب في حملته الانتخابية قبل ثلاث سنوات إن سوريا التي مزّقتها الحرب “يمكن أن تكون داعش” وإن “الإسلام يكرهنا”، كان يشجع جمهوره المحافظ. لكن الإسلاموفوبيا الليبرالية في ازدياد أيضا.
إن صعود النزعة الشعبية والقومية في جميع أنحاء أوروبا لا يمكن إلا أن يشعل نار الإسلاموفوبيا. سجلت زيادة بنسبة 56 بالمئة في التخريب المعلن عنه ضد المسلمين في 2017 بالمقارنة مع سنة 2016 في المملكة المتحدة. وكان ست ضحايا من أصل عشر لهجمات جرائم الكراهية من النساء، وكان ثمانية من أصل عشرة من الجناة من الرجال، كما تشير البيانات الرسمية.
من المرجح أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد غذى هذا الارتفاع، بالإضافة إلى الهجمات الإرهابية، بما في ذلك التفجيرات الانتحارية في مانشستر أرينا.
يجادل تقرير صدر مؤخرا عن “رنيميد ترست” في المملكة المتحدة بأن الإشارة إلى الكراهية المعادية للمسلمين “قد تؤدي إلى تتطور في المواقف الضارة تجاه مجموعة ما لتبرير العيوب الاقتصادية أو السياسية التي تعاني منها”.
قال 37 بالمئة من البريطانيين إنهم سيدعمون أي حزب سياسي من شأنه أن يقلل عدد المسلمين في المملكة المتحدة. ويعيش نصف المسلمين البريطانيين في المناطق الأكثر حرمانا في البلاد. تناسب هذه الحقائق المظلة الواسعة من الإسلاموفوبيا، التي تعتبر عادية في العديد من الأقسام البريطانية والفرنسية وفي الولايات المتحدة. ويمتد كره الإسلام إلى ما وراء الأكاديميين والباحثين، ليشمل الشرطة والإعلام والقادة السياسيين.
في عام 2011 ، جادلت البارونة سعيدة وارسي، التي كانت الرئيس المشارك لحزب المحافظين البريطانيين في ذلك الوقت، بأن التعصب ضد المسلمين البريطانيين أصبح مقبولا بشكل متزايد في المجتمع. ففي 2016، ركزت حملة زاك غولدسميث على عمادة لندن على أن خصمه صادق خان كان على صلة بالإرهابيين الإسلاميين. ولكن، تم انتخاب صادق خان على الرغم من ذلك.
يتفق الكثيرون مع رئيس مجلس النواب الأميركي السابق نيوت غينغريتش في قوله “يستخدم الجهاديون الخفيون الأدوات السياسية والثقافية والمجتمعية والدينية والفكرية. ويستخدم الجهاديون العنيفون العنف. ويسعى كلاهما إلى استبدال الحضارة الغربية بفرض الشريعة”.
كما يشارك رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس كراهيته اليمينية للمسلمين والعرب، وهو الآن مرشح يميني في الانتخابات البلدية في برشلونة في الربيع القادم. ويقول إن الشريعة تؤدي إلى “استعباد النساء”.
تاريخيا، ليست الشريعة قانونا بالمعنى الذي يفهمه الغرب، بل هي مجموعة من التوجيهات المستوحاة من القرآن الذي يوجه المسلمين نحو العيش في حياة إسلامية. وليست الشريعة في أصلها معادية للمرأة. ومع ذلك، تحولت الشريعة في أذهان الأصوليين إلى مجموعة من القواعد التي يجب تنفيذها هنا والآن، بما في ذلك أكثر أشكال العقاب وحشية.
يصور الإسلام على أنه ضار بشكل منهجي للقيم الليبرالية وفي نزاع مع الهوية البريطانية أو الأميركية أو الفرنسية، وينشر العديد من المفكرين خطابات ضد الإسلام
تحب وسائل الإعلام هذه القصص الفاضحة، ولكنها لا تعكس أن “كو كلوكس كلان” ليست تمثيلا للممارسة المسيحية. هناك سبب آخر غالبا ما يتم تجاهله عن وجهة نظر الغرب السلبية عن الإسلام، وهو جهل العديد من الأوروبيين والأميركيين بتاريخ الشرق الأوسط وآسيا، وحياة مؤسس الدين النبي محمد.
في كتاب صدر مؤخرا بعنوان “محمد، نبي السلام وسط صراع الإمبراطوريات”، قرر خوان كول استكشاف الخلفية التاريخية وطبيعة رسالة الإسلام، كما يراه مؤسس الديانة التوحيدية الثالثة.
تحدى كول جوانب التقاليد الإسلامية والتصوير المعاصر للإسلام المبكر. لا يقول إن محمد كان أميا. ويجادل بأن معرفة القرآن الكريم بالكتب اليهودية والمسيحية بالإضافة إلى الفكر اليوناني مقرونة بحقيقة أن النبي كان متجولا. ويفترض أن محمد كان يتقن اللغة العربية الفصحى والآرامية وربما اليونانية. يقرأ عدد قليل من الناس هذه الكتب الأكاديمية، على أمل فهم أفضل للإسلام. في هذه الأثناء، تحرم اليد الثقيلة للرقابة في معظم أنحاء الشرق الأوسط الأكاديميين والصحافيين العرب من أن يكوّنوا رواية مضادة على الغرب.
إن انخفاض نسبة العنف الأقل في الشرق الأوسط هو العنصر الأساسي الذي من شأنه أن يحد من الخوف من الإسلام في الغرب. لكن، من غير المحتمل أن يتحقق هذا في أي وقت قريب.