هل تطرح الولايات المتحدة صفقة القرن خلال مؤتمر وارسو المرتقب

رام الله- اندلعت في الأيام الأخيرة حرب تصريحات بين الإدارة الأميركية والسلطة الفلسطينية، من منابر مختلفة، وسط تحميل كل طرف للآخر المسؤولية عن وضع عراقيل أمام تحقيق السلام.
ويرى مراقبون أن أحد أسباب التصعيد الرئيسية هي المخاوف من أن يقدم الجانب الأميركي في المؤتمر المنتظر عقده في وارسو الأسبوع المقبل، على التسويق لخطة السلام المبهمة والتي تعرف بـ”صفقة القرن” ويخشى الفلسطينيون أن تأتي على ما تبقى من مطالبهم بدولة مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وكانت ترجيحات تقول إن واشنطن ستعلن عن خطتها بعد الانتخابات العامة في إسرائيل المقررة في أبريل المقبل، تفاديا لأي تأثير على مجرى الاستحقاق.
ويبدو أنه استجدت معطيات للسلطة الفلسطينية جعلتها قلقة من أن تقدم إدارة الرئيس دونالد ترامب الموعد لإحداث عنصر الصدمة والأهم هو تقديم “هدية” لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبيل الاستحقاق الانتخابي حيث يواجه منافسا شرسا وهو الجنرال بيني غانتس القادم من المؤسسة العسكرية، والذي أعلن مؤخرا عن مواقف أقل تصلبا حيال التوصل لسلام مع الفلسطينيين كالتلميح إلى إمكانية تطبيق سيناريو رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون فك الارتباط بغزة في الضفة الغربية.
وحذرت السلطة الفلسطينية الخميس الدول من المشاركة في مؤتمر وارسو الذي دعت إليه واشنطن في وقت لاحق هذا الشهر حول السلام والأمن في الشرق الأوسط، معتبرة أنه “مؤامرة أميركية” تهدف إلى “تصفية” القضية الفلسطينية.
ترامب كلف غرينبلات وصهره كوشنير بوضع خطة للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويلتزم الرجلان تكتما شديدا ولم يتسرب أي شيء تقريبا عن خطتهما
وتستضيف الولايات المتحدة وبولندا “الاجتماع الوزاري لتعزيز مستقبل السلام والأمن في الشرق الأوسط” في وارسو في 13 و14 فبراير، لكن عدة أطراف وفي مقدمها روسيا ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي أعلنت عدم مشاركتها.
واعتبرت الخارجية الفلسطينية أن هذا المؤتمر “مؤامرة أميركية تستهدف النيل من استقلالية قرارات المشاركين بالمؤتمر السيادية حيال قضايا جوهرية تعتمد على مواقف مبدئية لهذه الدول، مثل الموقف من القضية الفلسطينية”.
وأكدت في بيان أن الموقف الفلسطيني واضح حيال “مثل تلك المؤتمرات الهادفة إلى النيل من قضية شعبنا وتصفيتها، وهي لن تتعامل مع مخرجات مؤتمرات غير شرعية”.
وأضافت “هذا المؤتمر أميركي بامتياز، الهدف منه دفع الدول المشاركة إلى تبني مواقف الإدارة الأميركية من القضايا المطروحة وتحديدا القضية الفلسطينية”.وأوضحت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيانها أن “النوايا الخبيثة لهذه الإدارة كررها الرئيس الأميركي دونالد ترامب” في خطابه حول حال الاتحاد الذي ألقاه أمام الكونغرس قائلة إنه “أكد فيه مواصلة سياسته المنحازة بالمطلق لإسرائيل، بعيدا عن أي تفكير لخلق أي شكل من أشكال التوازن في العلاقة مع الجانب العربي الفلسطيني”.
اعتبرت الخارجية الفلسطينية أن هذا المؤتمر “مؤامرة أميركية تستهدف النيل من استقلالية قرارات المشاركين بالمؤتمر السيادية حيال قضايا جوهرية تعتمد على مواقف مبدئية لهذه الدول
ويرتقب أن يحضر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المؤتمر إلى جانب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ومستشاري الرئيس الأميركي، جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات.
وكلف ترامب غرينبلات وصهره كوشنير بوضع خطة للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويلتزم الرجلان تكتما شديدا ولم يتسرب أي شيء تقريبا عن خطتهما التي يتم التأكيد باستمرار أن إعلانها وشيك وأرجئ مرات عدة.
وما يعقد مهمتهما هو أنه منذ اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل في نهاية 2017، ترفض السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس التحدث إلى الإدارة الأميركية لأنها لم تعد تعتبرها وسيطا ممكنا.
ومؤخرا غادر غرينبلات مربع الصمت ليشن هجوما عبر موقع تويتر على قيادات في السلطة الفلسطينية. وفي سلسلة أخيرة من التغريدات، رد جيسون غرينبلات الأربعاء على نبيل أبوردينة الناطق باسم رئيس السلطة الفلسطينية الذي رأى أنه لا سلام ممكنا “دون اتفاق مع الشعب الفلسطيني”.
وكتب غرينبلات “حسنا السيد نبيل، نحن متفقون على أمر: لا سلام بلا اتفاق. نبذل جهودا شاقة من أجل ذلك. أنتم لا تفعلون شيئا. لا يمكنكم القول إنكم تريدون السلام وتحاولون في الوقت نفسه تقويض كل فرصة لاتفاق”. وهذا التعليق جاء بعد تغريدات أخرى منذ الجمعة.
فقد “رد” المبعوث الأميركي على أبوردينة وأمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات وعضو اللجنة التنفيذية للمنظمة حنان عشراوي، متوجها إليهم في بعض الأحيان بأسمائهم الأولى، حول قضايا متنوعة من تعليق المساعدات الأميركية إلى المستوطنات الإسرائيلية ومصير القدس وقطاع غزة.
وعبر هذه التغريدات “تخاطب” الولايات المتحدة السلطة الفلسطينية. وقال جيسون غرينبلات إن “الفرق الوحيد هو أننا نتحدث الآن عن هذه القضايا علنا على تويتر، بشكل يسمح للرأي العام بفهم مواقف كل منا”.
وبحسب تعبيره، عبر عن ارتياحه لهذه “الشفافية” من أجل “الرد على كل تضليل ينشره بعض القادة الفلسطينيين”. وفي مواجهة هذه الرسائل القصيرة، دانت حنان عشراوي “دبلوماسية تويتر” التي تشكل “انتصارا للعقول المحدودة”. وقالت في تغريدة على تويتر إن “تغريدة لا يمكن إطلاقا أن تحل محل تحاور حقيقي بحثا عن حلول حقيقية”.
ورد جيسون غرينبلات “بابي يبقى مفتوحا إذا كانت السلطة الفلسطينية تريد التحدث”. وأضاف “أنتم وصائب وكل زملائكم مرحب بكم دائما (كتبت بالأحرف الكبيرة) للقائي في البيت الأبيض من أجل مناقشة الأمور شخصيا”.