صراع فضائيات بين روسيا وبريطانيا

“الحرب الإعلامية” مصطلح حظي بانتشار واسع للدلالة على الحرب الباردة “الجديدة” بين الغرب وروسيا. آخر هذه الفصول حرب “بي بي سي” البريطانية و”آر تي” الروسية.
موسكو – قال المتحدث باسم الرئاسة الروسي دميتري بيسكوف، الأربعاء 6 فبراير، إن تعرض “آر تي” (قناة روسيا اليوم) ووكالة “سبوتنيك” للاضطهاد في بريطانيا يدفع موسكو إلى مراقبة مدى التزام وسائل الإعلام البريطانية بالقوانين الروسية.
وصرح بيسكوف خلال إلقائه كلمة في منتدى تحت عنوان “ميديا دين” (يوم الإعلام) “تتعرض وسائلنا الإعلامية للاضطهاد في بريطانيا. ويتم تقييد حقوقها في العمل وجمع المعلومات ونشرها. وهذا يجبر الجانب الروسي على مراقبة امتثال وسائل الإعلام البريطانية للتشريعات الحالية”.
واقترح نائب بريطاني في وقت سابق “مصادرة أصول سبوتنيك وآر.تي، لوقف عمل وسائل الإعلام الروسية”. وقال بيسكوف، إن الصحافة تلعب دور السلطة الرابعة، إلا أنها الآن في مرحلة انتقالية.
وأضاف “هناك أنواع مختلفة من الصحافة، ومن بينها الصحافة الإخبارية والصحافة التحليلية والصحافة الهامشية بالمعنى الجيد لهذه الكلمة، أي أنها تتخصص في مجالات مختلفة، إلا أن مهمة الصحافة بصفة عامة تتلخص في إعلام الناس والقيام بدور السلطة الرابعة ذاتها، ولا يمكن أن يكون المجتمع صحيا دون أن تكون الصحافة صحية.
خدمة بي بي سي العالمية تلقت تمويلا إضافيا بقيمة 219 مليون جنيه إسترليني، لزيادة برامجها باللغة الروسية
وعلى حد قول بيسكوف، فإن الصحافة تلعب دور الرقابة ودور الردع ودور توجيه اللوم. وقال “أحيانا تعيش الصحافة مرحلة نهضة، وأحيانا أخرى (تمرّ بـ) مرحلة صعبة، والآن هي في مرحلة انتقال، الصحافة تتغير والإعلام يتغير، ويبدو لي أن هذا التغيير ليس للأفضل، ولا أعلم إلى أين ستصل الصحافة، لأن التنبؤ بهذا من اختصاص الخبراء”.
وتنظم دار الطباعة والنشر “كوميرسانت” منتدى تحت عنوان “يوم الإعلام”.
في سياق آخر، أصبح الوضع مع وسائل الإعلام الروسية في الغرب في السنوات الأخيرة أكثر صعوبة، وفي نوفمبر من عام 2017 تبنى البرلمان الأوروبي قرارا ينصّ على الحاجة إلى مواجهة وسائل الإعلام الروسية، إذ تمت الإشارة إلى سبوتنيك وآر.تي باعتبارهما تهديدين رئيسيين.
واتهم عدد من السياسيين الغربيين -بمن فيهم أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي وأعضاء في الكونغرس، وكذلك رئيس فرنسا مانويل ماكرون- سبوتنيك وآر.تي بالتدخل في انتخابات الولايات المتحدة وفرنسا. ووصف الممثلون الرسميون الروس هذه التصريحات بأنها لا أساس لها من الصحة.
والأسبوع الماضي نقلت وكالات أنباء روسية عن هيئة تنظيم الاتصالات الحكومية قولها إن قناة “بي بي سي ورلد نيوز” ارتكبت “انتهاكات معينة” أثناء عملها في روسيا.
وقالت روسيا الشهر الماضي إنها بدأت تحقيقا بشأن هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ردا على ضغوط لندن.
وذكرت وكالة تاس الروسية للأنباء أن هيئة تنظيم الاتصالات روسكومنادزور قالت إنها حسمت أمرها الآن بشأن كيفية المضي قدما في القضية.
وأضافت “التدقيق في أعمال التلفزيون البريطاني الذي يبث قناة بي بي سي ورلد نيوز استكمل. ثبت ارتكاب انتهاكات معينة. ويجري حاليا تقييم الوضع الإجرائي لهذه الانتهاكات”. ولم يوضح البيان نوع الانتهاكات.
وفي وقت سابق هذا الشهر قالت الهيئة إن بي بي سي نشرت مواد تروج لأفكار جماعة إرهابية وأنها تبحث في ما إذا كانت الشركة قد خالفت القانون الروسي.

وقالت بي بي سي مرارا إنها ملتزمة تماما بالقانون الروسي. من جانب آخر، أكّد مسؤول بريطاني تلقي خدمة بي بي سي العالمية تمويلا إضافيا بقيمة 219 مليون جنيه إسترليني، لزيادة كمية البرامج باللغة الروسية خلال السنوات الأربع المقبلة.
وقال ممثل وزارة الثقافة والإعلام والرياضة البريطانية لدى البرلمان هنري أشتون “يتم كل 10 سنوات تحديث ميثاق بي بي سي وتتلقى الشركة دعمًا ماليًا تبلغ قيمته 3.8 مليون جنيه إسترليني من رسوم الترخيص التلفزيوني. أعتقد أن مبلغ 219 مليون جنيه إسترليني الإضافي الذي خصص للسنوات الأربع المقبلة سيساعد على زيادة عدد البرامج باللغة الروسية التي تنتجها هيئة الإذاعة البريطانية”.
وأكد المسؤولون في بريطانيا، الذين تمول حكومتهم هيئة الإذاعة البريطانية، الحاجة إلى صراع معلومات مع روسيا. وبالإضافة إلى الخدمة الروسية (في هيئة الإذاعة البريطانية) الممولة من الضرائب البريطانية، يتم تمويل مشروع “Integrity Initiative” الذي تم إنشاؤه لمواجهة روسيا.
وكان الكرملين أطلق القناة منذ 4 مايو 2005 بموازنة قدرها 30 مليون دولار وصلت إلى حدود 380 مليون دولار، لتنخفض في العام 2012 إلى 300 مليون دولار.
وقد تكفّل بإطلاق القناة أحد مساعدي فلاديمير بوتين المكلّفين بالإعلام ميخائيل ليسين، الملقّب بـ“البلدوزر”، وذلك للمزاعم التي تقول إنه يستطيع إجبار أي قناة تلفزيونية روسية على الخضوع لأوامر الكرملين.
بعد سنتين توسّعت الشبكة لتضمّ قناة باللغة العربية في سنة 2007، ثم بالإسبانية في سنة 2009، بالإضافة إلى قناة RT-US المتخصصة في الشأن الأميركي، وRT-UK الموجهة للداخل البريطاني، وRT documentary المتخصصة في الوثائقيات. وأطلق في ديسمبر 2017 “آر.تي فرانس” RT France في فرنسا التي واجهت هجومات عنيفة.