تحصن نيكولاس مادورو بالجيش القوي يطيل أمد الفوضى في فنزويلا

الاعتراف الأوروبي بخوان غوايدو مهم لكنه غير حاسم، وتدخل عسكري في كاراكاس سيناريو مطروح مع تأجيل التنفيذ.
الاثنين 2019/02/04
إرث تشافيز يتأكل

حال الشارع المنقسم بين مؤيد للرئيس نيكولاس مادورو ومنتصر لرئيس الجمعية الوطنية خوان غوايدو الذي أعلن نفسه رئيسا انتقاليا لفنزويلا بدعم من الولايات المتحدة والغرب، دون وجود انفراجة قريبة للفوضى السياسية التي تعم البلاد المنهكة اقتصاديا. ورغم الدعم الغربي غير المشروط للرئيس الانتقالي، إلا أن مادورو المدعوم من الجيش وعدد كبير من التشافيزيين مستميت في البقاء في منصبه رغم التهديدات.

كاراكاس – عرض رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو مرة جديدة إجراء انتخابات تشريعية مبكرة ردا على ضغوط المعارضة والغرب، فيما حسمت ست دول من الاتحاد الأوروبي أمرها للاعتراف برئيس الجمعية الوطنية خوان غوايدو رئيسا شرعيا لفنزويلا.

وكانت ألمانيا وإسبانيا وفرنسا وهولندا والبرتغال وبريطانيا أمهلت مادورو ثمانية أيام للدعوة إلى انتخابات رئاسية جديدة، وإلا فسوف تعترف بمعارضه خوان غوايدو رئيسا. ويرفض مادورو (56 عاما) المهلة الأوروبية متهما الولايات المتحدة بتدبير انقلاب ضده، وهو يحظى بدعم من روسيا والصين وكوريا الشمالية وتركيا وكوبا.

وتعكس بعض الدعوات إلى تدخل عسكري أميركي لإنهاء الأزمة في فنزويلا فشل الضغوط السياسية لتنحية الرئيس الاشتراكي، فيما يستبعد خبراء إقدام الولايات المتحدة على تدخل عسكري وفتح جبهة توتر جديدة في حديقتها الخلفية.

ويشير هؤلاء إلى أن واشنطن لن تقدم على تدخل عسكري مباشر في كاراكاس لكنها قد تشجع أو تغري قيادات عسكرية كبيرة مقربة من مادورو للإطاحة به، مؤكدين أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيواصل سياسة خنق الاقتصاد الفنزويلي وعزله إلى حين الإطاحة بالنظام على شاكلة ثورة شعبية.

وحسب متابعين، تفكر الولايات المتحدة الآن في مرحلة ما بعد مادورو وهل أن الرئيس الانتقالي خوان غوايدو قادر على بسط الاستقرار في الدولة بعد إزاحه مادورو.

خوان غوايدو: سنواصل التحرك إلى أن نصبح أحرارا، إلى أن ينتهي اغتصاب السلطة
خوان غوايدو: سنواصل التحرك إلى أن نصبح أحرارا، إلى أن ينتهي اغتصاب السلطة

وتخشى واشنطن من فوضى جديدة في حديقتها الخلفية قد تكلف أمنها القومي الكثير في صورة عدم قدرة الرئيس الجديد على بسط الأمن في دولة يتعصب الكثير منها لإرث هوغو شافيز الذي يحمل لواءه نيكولاس مادورو.

ونزل عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى شوارع كراكاس السبت، بعضهم للمطالبة برحيل مادورو والآخرون للاحتفال بذكرى مرور عشرين عاما على الثورة البوليفارية وتأكيد دعمهم للزعيم الاشتراكي.

وأظهرت صور التقطتها وكالة فرانس برس حشودا في الشوارع من الجانبين، من غير أن تتوافر أرقام جديرة بالثقة حول أعداد المتظاهرين.

ومن منصة أمام مقر ممثلية الاتحاد الأوروبي في كراكاس، أعلن غوايدو (35 عاما) أن شهر فبراير سيكون “حاسما” لطرد مادورو من السلطة.

وقال “سنواصل التحرك في الشوارع إلى أن نصبح أحرارا، إلى أن ينتهي اغتصاب” السلطة، فيما رد الحشد “نعم هذا ممكن”.

ودعا أنصاره إلى مواصلة الضغط في تظاهرة جديدة في “يوم الشباب في فنزويلا” في 12 فبراير، فيما تظاهر فنزويليون ضد مادورو في عدد من بلدان أميركا اللاتينية ولاسيما في كولومبيا وكورستا ريكا والمكسيك والأرجنتين.

ورد مادورو “لم نكن ولن نصبح بلدا متسولا”، مضيفا “هناك بعض الذين يشعرون أنهم متسولون من الإمبريالية ويبيعون وطنهم بعشرين مليون دولار”، ملمحا بذلك إلى قيمة المساعدة الإنسانية التي وعدت بها واشنطن خوان غوايدو، لكن لا يمكن نقلها دون موافقة الجيش والسلطات.

ولمواجهة ما وصفه بأنه “خطة مروعة” للولايات المتحدة، أعلن عن زيادة عدد الجنود، داعيا القوات شبه العسكرية التي تتألف من مدنيين، للانضمام إلى الجيش.

وحسب أرقام الأمم المتحدة، منذ بداية التظاهرات في 21 يناير، قتل حوالي أربعين شخصا واعتقل أكثر من 850.

وتعليقا على الإنذار الذي وجهه الأوروبيون، عبرت قناة التلفزيون الفنزويلية “تيليسور” على موقعها الإلكتروني السبت عن أسفها “للموقف التدخلي الذي تبناه رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز والاتحاد الأوروبي على حد السواء”.

وانضم أول سفير فنزويلي إلى غوايدو، حيث أعلن جوناثان فيلاسكو سفير كراكاس في العراق، في تسجيل فيديو أن الجمعية الوطنية هي “السلطة الشرعية الوحيدة”.

وقلّل محللون من تأثير انشقاق سفير كاراكاس في بغداد وإعلانه الانضمام إلى الرئيس الانتقالي، مشيرين إلى أن بقاء مادورو من عدمه مرتبط بقوة المؤسسة العسكرية المحيطة به.

غليان الشارع يتواصل
غليان الشارع يتواصل

وتخشى الأسرة الدولية كارثة إنسانية في هذا البلد الذي كان أغنى دول أميركا اللاتينية وهو اليوم يعاني تضخما هائلا بلغ نسبة عشرة ملايين بالمئة في 2019، ونقصا حادا في المواد الغذائية والأدوية.

وتشهد فنزويلا توترا منذ 23 يناير الماضي، إثر إعلان غوايدو نفسه “رئيسا مؤقتا” للبلاد، وإعلان الرئيس مادورو قطع العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن متهما إياها بتدبير محاولة انقلاب ضده.

وسارعت واشنطن بالاعتراف بزعيم المعارضة “رئيسا انتقاليا”، وتبعتها كل من كندا وكولومبيا وبيرو والإكوادور وباراغواي والبرازيل وشيلي وبنما والأرجنتين وكوستاريكا وغواتيمالا ثم بريطانيا.

وبالمقابل أيدت كل من تركيا وروسيا والمكسيك وبوليفيا شرعية مادورو الذي أدى قبل أيام اليمين الدستورية رئيسا لفترة جديدة من 6 سنوات.

وألمح مادورو الأحد إلى احتمال اندلاع حرب أهلية في تصريحات لوسائل الإعلام، وذلك تعليقا على تزايد عزلته دوليا.

وقال لقناة “لا سيكستا” التلفزيونية “لا أحد يمكن أن يقول بالتأكيد إن مخاطر مثل هذا السيناريو ظاهرة للعيان”، مضيفا ” كل شيء يعتمد على درجة حماقة وعدوانية الإمبرياليين الشماليين (الولايات المتحدة) وحلفائها الغربيين”. وحذرت واشنطن مرارا من أن “كل الخيارات” ستكون مطروحة بشأن فنزويلا، في إشارة إلى إمكانية التدخل العسكري، إلا أن مجموعة ليما المؤلفة من 14 دولة من أميركا اللاتينية بالإضافة إلى كندا والداعمة لغوايدو، رفضت أيّ تدخل عسكري.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن إرسال قوات إلى فنزويلا هو “أحد الخيارات” المطروحة وإنه رفض طلبا من الرئيس نيكولاس مادورو للقائه.

وقال ترامب في مقابلة بثتها شبكة ‘سي.بي.إس” الأميركية الأحد “دون شك هذا أحد الخيارات”، مضيفا “لقد طلب لقائي وأنا رفضت ذلك، نحن على مسافة بعيدة جدا في هذه العملية”.

5