محاصرة هواوي تقلص آمال تهدئة التوترات بين واشنطن وبكين

الولايات المتحدة تكشف حملتها ضد عملاق التكنولوجيا الصيني هواوي، ما يعرقل آمال تهدئة التوترات التجارية بين واشنطن وبكين مع اقتراب انتهاء هدنة بينهما في مارس المقبل
الأربعاء 2019/01/30
صراع الجيل الخامس

بكين – دانت الصين الثلاثاء ما وصفته بأنه “الدوافع السياسية” للولايات المتحدة بتوجيهها الاتهام لعملاق الاتصالات الصيني هواوي في قضية يُرجّح أن تفاقم التوتر في العلاقات بين القوتين العظميين، فيما أشارت تقارير إعلامية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيصدر أمرا تنفيذيّا بإغلاق السوق الأميركية أمام منتجات هواوي.

وأعلنت وزارة العدل الأميركية عن 13 اتهاما ضد هواوي للتكنولوجيا ومديرتها المالية مينغ وانتشو ابنة مؤسس المجموعة، وضد شركتين تابعتين للمجموعة العملاقة على خلفية انتهاك العقوبات الأميركية على إيران.

واتُهمت الشركة أيضا بسرقة تكنولوجيا، وذلك في نفس اليوم الذي وصل فيه كبير المفاوضين الصينيين في الملف التجاري إلى واشنطن لإجراء محادثات في غاية الأهمية مع مسؤولين أميركيين، ما سيعقد على الأرجح تلك المحادثات مع اقتراب نهاية هدنة في الحرب التجارية بين البلدين أعلنت حتى مارس سعيا للتوصل إلى تسوية.

ودخلت كندا على خط الخلاف منذ توقيفها مينغ بموجب مذكرة من الولايات المتحدة الشهر الماضي، مما أثار أزمة دبلوماسية بين أوتاوا وبكين، التي كررت دعوة كندا إلى إطلاق سراحها والولايات المتحدة لإلغاء المذكرة بحقها.

وقال المتحدث باسم الوزارة غينغ شونغ في مؤتمر صحافي روتيني “منذ فترة، تستخدم الولايات المتحدة سلطة الدولة لتشويه وقمع شركات صينية محددة في محاولة للتضييق على العمليات الشرعية والقانونية للشركات”.

وأضاف “نحض الولايات المتحدة بقوة على وقف الاضطهاد غير المنطقي للشركات الصينية ومنها هواوي، ومعاملتها بطريقة عادلة وبموضوعية، وستدافع الصين بحزم عن الحقوق والمصالح المشروعة للمؤسسات الصينية”.

وتمثل لائحتا الاتهام انتكاسة جديدة للشركة، التي حظرت معداتها من شبكات محلية في الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا وسط مخاوف أمنية.

وإلى جانب اتهام مينغ والشركة بالاحتيال على خلفية انتهاك العقوبات على إيران، تم اتهام شركتين تابعتين لهواوي بسرقة تكنولوجيا مرتبطة بصناعة الروبوتات من شركة تي-موبايل.

وقال مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (إف.بي.آي) كريستوفر راي إنّ “مجموعتي الاتهامات تفضحان تصرفات هواوي السافرة والمستمرة لاستغلال الشركات الأميركية والمؤسسات المالية وتهديد سوق العمل العالمي الحر والعادل”.

كريستوفر راي: هواوي تستغل المؤسسات المالية لتهديد سوق العمل العالمي
كريستوفر راي: هواوي تستغل المؤسسات المالية لتهديد سوق العمل العالمي

ونفت هواوي في بيان أن تكون “الشركة أو أي من فروعها أو الشركات التابعة لها ارتكبت أيا من الانتهاكات للقانون الأميركي المذكورة في لائحتي الاتهام”، مؤكدة أن “لا علم للشركة بأي مخالفة من جانب السيدة مينغ ونؤمن أنّ المحاكم الأميركية ستصل في النهاية لنفس الاستنتاجات”.

وقدمت الولايات المتحدة مذكرة رسمية تطلب تسليمها مينغ، حيث ستمثل أمام المحكمة في 6 فبراير في كندا. وبعد تسعة أيام على توقيفها في فانكوفر في الأول من ديسمبر، قامت السلطات الصينية بتوقيف كنديين اثنين في خطوة اعتبرت ردا للضغط على أوتاوا.

والتهم المرفوعة ضد مينغ أمام محكمة فدرالية في نيويورك، تقول إنه بين 2007 و2017 سعت مينغ وهواوي والشركتان التابعتان لها للتستر على أنشطتها مع إيران في انتهاك للعقوبات الأميركية والدولية عليها.

وتذكر لائحة الاتهام بأن مؤسس هواوي، رين جينغفي، المهندس السابق في جيش التحرير الشعبي الصيني والمشار له بـ”الشخص رقم واحد” في وثائق المحكمة كذب في قوله إن الشركة “لم تتعامل بشكل مباشر مع أي شركة إيرانية” خلال مقابلة أجراها معه مكتب التحقيقات الفدرالي إف.بي.آي في يوليو 2007، غير أنه لم يتم توجيه اتهام لرين.

وتقول لائحة الاتهام الثانية إن هواوي قامت بمجهود منسق لسرقة تكنولوجيا مرتبطة بروبوت لاختبار الهواتف يطلق عليه “تابي” من مختبرات “تي-موبيال” الأميركية في ولاية واشنطن.

وقالت وزارة العدل إن الشركة الصينية قدمت في يوليو 2013 مكافآت لموظفين “على أساس قيمة المعلومات التي سرقوها من شركات أخرى حول العالم، وقدموها لهواوي عبر عنوان إلكتروني مشفر”.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في وقت سابق الشهر الماضي أن الحكومة الأميركية تحاول إقناع مقدمي الخدمات اللاسلكية والإنترنت في الدول الحليفة لها بتجنب أجهزة الاتصال التي تنتجها شركة هواوي. ونقل تقرير الصحيفة عن أشخاص مطلعين لم تكشف عن أسمائهم أن مسؤولين أميركيين تواصلوا مع نظرائهم في الحكومات ومع مديرين تنفيذيين في مجال الاتصالات بدول صديقة يشيع بالفعل استخدام أجهزة هواوي بها حول ما يرونه مخاطر على الأمن الإلكتروني.

وتبدي قيادات بوكالات الاستخبارات وغيرها قلقها من أن تكون هواوي وشركات صينية أخرى مدينة بالولاء للحكومة الصينية أو الحزب الشيوعي الحاكم، مما يزيد خطر التجسس، فيما قال متحدث باسم وزارة التجارة الأميركية في بيان إن الوزارة ستظل حذرة حيال أي تهديد للأمن القومي الأميركي.

وذكرت وول ستريت جورنال أن واشنطن تدرس زيادة المساعدات المالية لتطوير قطاع الاتصالات في الدول التي تتجنب الأجهزة الصينية الصنع، مضيفة أن من بين ما يقلق الحكومة استخدام أجهزة اتصال صينية في دول تستضيف قواعد عسكرية أميركية مثل ألمانيا وإيطاليا واليابان.

وقالت ثلاثة مصادر مطلعة لرويترز إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدرس إصدار أمر تنفيذي لإعلان حالة طوارئ وطنية يتم بموجبها منع الشركات الأميركية من استخدام معدّات اتصالات من إنتاج شركتي هواوي وزد.تي.إي الصينيتين، فيما تبدو لندن قلقة من مشاركة هواوي في نشر الجيل الخامس لشبكات الاتصالات في بريطانيا.

وستكون هذه أحدث خطوة تتخذها إدارة ترامب لإغلاق السوق الأميركية أمام شركتي هواوي وزد.تي.إي، وهما من أكبر شركات معدّات الشبكات الصينية، حيث تزعم الولايات المتحدة أن الشركتين تعملان بتوجيه من الحكومة الصينية وأنه يمكن استخدام معداتهما في التجسس على الأميركيين.

5