واشنطن تعمّق حيرة كابول بمنح طالبان نصرا دون مقابل

تسريبات محادثات السلام بين الولايات المتحدة وطالبان تعمق حيرة السلطات في كابول، التي تخشى من إبرام واشنطن صفقة مع المتمردين تدفع بها إلى الهامش
الثلاثاء 2019/01/29
ضحايا العنف ينشدون السلام

كابول – قال مسؤول حكومي أميركي كبير الاثنين إن الولايات المتحدة ملتزمة بسحب القوات الأجنبية من أفغانستان بعد حرب دامت 17 عاما و ذلك بعد محادثات استمرت ستة أيام بين فريق أميركي وممثلين عن حركة طالبان في العاصمة القطرية الدوحة، ما يوحي، حسب متابعين، ببوادر صفقة بين واشنطن والمتمردين بمعزل عن السلطات في كابول التي تنامى قلقها من استبعاد ممثلين لها في المفاوضات.

وتحدث المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه عن إحراز “تقدم كبير” في المحادثات التي جرت خلال الأيام القليلة الماضية مع حركة طالبان وتناولت سحب القوات الأجنبية وأن تكون الحركة جزءا من حكومة انتقالية في البلاد، إلا أنه أضاف أن هناك حاجة لإجراء المزيد من المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار وتوقيته.

وأضاف “هدفنا المساعدة على تحقيق السلام في أفغانستان ونرغب في شراكة مستقبلية يتم تحديدها مع حكومة ما بعد السلام… نود أن نترك إرثا طيبا”.

وأشاد المسؤولون الأميركيون والجماعة المتشددة السبت، بعد المحادثات بالتقدم الذي تحقق، لكن المسؤول الأميركي قال إنه لم يتم الانتهاء من وضع مسودة اتفاق.

وإلى جانب مسألة وقف إطلاق النار الشائكة، لم تناقش طالبان الحاجة لإجراء محادثات مع الحكومة الأفغانية للتوصل إلى تسوية سياسية، وهو أمر تعتقد الولايات المتحدة أنه جزء أساسي في أي اتفاق.

واعتبر المسؤول الأميركي أن تقدما تحقق على صعيد المخاوف الأميركية بشأن استخدام أفغانستان قاعدة لتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية لتنفيذ هجمات على الولايات المتحدة وحلفائها، مضيفا “هذا هو سبب قدومنا إلى أفغانستان في المقام الأول”.

ويجمع جل المتابعين للشأن الأفغاني أن الولايات المتحدة أهدت حركة طالبان نصرا دون مقابل بعد تلويح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخفض عدد القوات العاملة في أفغانستان، ما دفع الحركة التي تسيطر على مناطق كثيرة في البلاد إلى استثمار “الهبة الأميركية” الغير منتظرة في المزيد من الضغط نحو تحسين شروط مفاوضات السلام.

ويخشى مراقبون أن يضعف قرار ترامب الموقف التفاوضي للمبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد، وأن يرفع من جهة معنويات طالبان ويثبط من جهة أخرى عزيمة القوات الأفغانية التي تتكبّد خسائر بشرية فادحة جراء هجمات الحركة، حيث يتخوف بعض الأفغان من سقوط الحكومة الأفغانية وعودة الحرب الأهلية إلى البلاد.

أشرف غني: أدعو عناصر طالبان إلى إظهار إرادتهم بقبول مطلب الأفغان للسلام
أشرف غني: أدعو عناصر طالبان إلى إظهار إرادتهم بقبول مطلب الأفغان للسلام

وعبّر الأفغان عن تفاؤل حذر بشأن المحادثات وسط مخاوف من انسحاب أميركي فيما تتعرض قوات الأمن الأفغانية إلى خسائر فادحة والحكومة تستعد لمعركة انتخابات والمدنيون يدفعون الثمن الأكبر بعد عقدين من سفك الدم.

ودعا الرئيس الأفغاني أشرف غني الاثنين طالبان إلى “بدء محادثات جدية” مع حكومته وذلك في أعقاب إعلان الحركة المتمردة والولايات المتحدة عن تقدم خلال مفاوضات غير مسبوقة الأسبوع الماضي، غير أن طالبان ترفض التفاوض مع الحكومة الأفغانية لتسوية نزاع مستمر منذ 17 عاما وتصفها بأنها “دمية” تحركها واشنطن.

وقال غني في خطاب بثه التلفزيون من القصر الرئاسي في كابول “أدعو عناصر طالبان إلى إظهار إرادتهم الأفغانية وقبول مطلب الأفغان للسلام”.

وألقت رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إنهاء أطول نزاع شاركت فيه الولايات المتحدة، بثقلها على المحادثات، لكن السلطات الأفغانية عبرت في السابق عن الاستياء لاستبعادها عن محادثات قطر وحذرت من أن أي اتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان يتطلب موافقة كابول.

وجاء خطاب غني بعد ساعات على إعلان مكتبه بأنه تلقى تطمينات من واشنطن بأن المحادثات في قطر لا تزال تركز على إحضار المتمردين إلى طاولة التفاوض مع كابول.

ووصل الموفد الأميركي الخاص زلماي خليل زاد، الذي يقود المفاوضات، إلى أفغانستان في ساعة متأخرة الأحد لاطلاع المسؤولين وعلى رأسهم غني، بالتقدم المحرز.

وأوضح خليل زاد للرئيس غني أن “الولايات المتحدة أصرت خلال محادثاتها مع طالبان على أن الحل الوحيد لسلام دائم في أفغانستان هو حوار بين الأفغان”، مضيفا “دوري هو تسهيل مثل هذه المحادثات بين المتمردين وكابول”.

وأعلنت مفوضية الانتخابات الأفغانية، تأجيل الانتخابات الرئاسية، التي كانت مقررة في أبريل المقبل، إلى عدة أشهر، فيما تشير تقارير إعلامية إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب دفعت في هذا الاتجاه بعد دخولها في مفاوضات سلام مع حركة طالبان.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن مسؤول في الإدارة الأميركية أن المبعوث زلماي خليل زاد عرض على قادة حكومة الوحدة الوطنية والسياسيين الأفغان الذين التقاهم في كابول بأن أحد الخيارات التي تبحث في واشنطن لإنهاء الحرب هو تعليق الانتخابات الرئاسية. وبحسب الصحيفة، فإن الخطط التي يعكف المسؤولون الأميركيون في واشنطن على دراستها تظهر رغبة إدارة الرئيس ترامب من أجل إيجاد حل سياسي وتسوية تنهي ثاني أطول حرب في التاريخ الأميركي.

وأضافت وول ستريت جورنال عن دبلوماسي غربي لم تكشف عن اسمه، أن الخيار الآخر هو أن يسمح الأميركيون إقامة الانتخابات، لكن بشرط أن تسفر عنها حكومة انتقالية تعمل إلى حين تشكيل حكومة ائتلافية تضم في ثناياها حركة طالبان أيضاً.

ويبقى الخيار الثالث المطروح للنقاش، بحسب الصحيفة، هو الدعوة إلى التئام المجلس الوطني الأعلى، الأمر الذي يستسيغه عدد من السياسيين الأفغان البارزين في مقدمتهم الرئيس السابق حامد كرزاي، وانتخاب حكومة انتقالية مهمتها رسم الخطط في سبيل إنهاء الصراع الأفغاني.

5