الانقسامات وتغول عباس يساهمان في تآكل الجبهة الداعمة للفلسطينيين

انتقاد الاتحاد الأوروبي للسلطة الفلسطينية لا يعني أن هناك تغيرا حيال حماس بقدر ما هو تحفظ على سياسات الرئيس عباس.
الأربعاء 2019/01/23
تغير في الموقف الأوروبي تجاه عباس

رام الله - أثار بيان الاتحاد الأوروبي الأخير الذي بدا داعما لحركة حماس ضد سياسات السلطة الفلسطينية تساؤلات كثيرة لجهة وجود تغير في الموقف الأوروبي من الملف الفلسطيني، وبخاصة من حماس التي يصنف الاتحاد جناحها العسكري، كتائب عزالدين القسام، تنظيما إرهابيا.

وكان بيان صدر الاثنين عن ممثل الاتحاد الأوروبي ورؤساء بعثات دول الاتحاد في القدس ورام الله قد انتقد خطوة الرئيس محمود عباس حل المجلس التشريعي الذي تسيطر عليه حماس، مطالبا بإجراء انتخابات حقيقية يشارك فيها “كل الفلسطينيين”.

ويعتبر الاتحاد الأوروبي داعما رئيسيا للسلطة الفلسطينية سواء على الصعيدين الدبلوماسي أو الاقتصادي. ولعب الاتحاد دورا أساسيا في فرملة اندفاع بعض الدول للاقتداء بخطوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في العام 2017، من خلال اتخاذ موقف حازم مفاده أن حل مسألة القدس تبقى من مسائل الحل النهائي.

ويرى محللون أن انتقاد الاتحاد الأوروبي النادر للسلطة الفلسطينية لا يعني أن هناك تغيرا حيال الموقف من حركة حماس بقدر ما هو تحفظ على سياسات الرئيس عباس الذي يصر على احتكار جميع السلطات بيده عبر ضرب المؤسسات الشرعية للاستعاضة عنها بأجسام بديلة، الأمر الذي يتناقض والقيم الأوروبية القائمة على العمل المؤسساتي والفصل بين السلطات.

وقال بيان الاتحاد الأوروبي إن المجلس التشريعي لم يعقد أي جلسة منذ عام 2007 ولم يتمكن من ممارسة مهامه كجسم تشريعي لدى السلطة الفلسطينية، كما هو منصوص عليه في القانون الأساسي خلال العقد الماضي.

السؤال أبرز هل أن عباس فعلا مستعد لهكذا استحقاق في ظل تآكل واضح في شعبيته والانقسامات التي تعصف بحركة فتح؟

وأضاف أن حل المجلس “يُنهي رسميا صلاحية الجسم الحكومي الوحيد المُنتخب للسلطة الفلسطينية، وهذا تطور تنظر إليه بعثات الاتحاد الأوروبي بعين القلق”.

ووفقا لاستنتاجات مجلس وزراء الخارجية الأوروبيين لعام 2016 وعلى ضوء الإعلان عن عقد انتخابات، فإن بعثات دول الاتحاد الأوروبي في القدس ورام الله شجعت القيادة الفلسطينية للعمل من أجل مؤسسات قوية وشاملة وخاضعة للمساءلة، وديمقراطية تقوم على أساس احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان.

وكان الرئيس محمود عباس قد أعلن في 22 من الشهر الماضي أن “المحكمة الدستورية قضت بحل المجلس التشريعي، والدعوة إلى انتخابات تشريعية خلال ستة أشهر” علما أن آخر انتخابات برلمانية جرت عام 2006.

وأدّى إعلان عباس عن حل المجلس التشريعي من قبل المحكمة الدستورية -المثيرة للجدل والتي أنشأها في العام 2016- إلى المزيد من تعميق الانقسام بين حركتي فتح وحماس التي أبدت باقي الفصائل الفلسطينية دعما لها.

ويرى مراقبون أن الانقسام بين فتح وحماس، فضلا عن سعي عباس للتغوّل واحتكار القرار الفلسطيني لا يخدم الدول الداعمة للقضية ومن بينها الدول الأوروبية التي لطالما تعرضت لضغوطات من الجانب الأميركي في ظل اتهامات إسرائيلية لها بالتحيز للفلسطينيين.

ويلفت المراقبون إلى أن استمرار هذا الوضع من شأنه أن يؤدي إلى تآكل الجبهة الدولية المساندة للقضية الفلسطينية، مشيرين إلى أن العديد من الدول التي كانت محسوبة في السابق على الشق المناصر للقضية عدلت موقفها بشكل جذري.

وبدأت تبرز مؤشرات عن تحولات في مواقف الدول الأوروبية، ولعل تأييد دول الاتحاد لمشروع قرار أميركي يدين حركة حماس في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 6 ديسمبر الماضي في سابقة من نوعها ابرز مؤشر عن هذه التحولات.

وقال محمد سليمان أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إن خروج بيان الاتحاد الأوروبي في هذا التوقيت منتقدا للسلطة الفلسطينية يؤكد حدوث تغير في مواقفه السياسية تجاه قضايا الشرق الأوسط.

واعتبر سليمان في تصريحات لـ”العرب” أن إعلان وزارة الدفاع الفرنسية، الأحد، عن تأييد الانسحاب الأميركي من سوريا بعد رفض قاطع في البداية له، لا يمكن فصله عن إعراب الاتحاد الأوروبي، الاثنين، وقلقه من حل المجلس التشريعي الفلسطيني، وهما حدثان يعبران عن وجود تنسيق جديد في بعض المواقف الإقليمية بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الغاضبة من السلطة الفلسطينية، وفرنسا وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي.

Thumbnail

وأشار إلى أن المجلس التشريعي ليس له تأثير قوي، لكن الخطوة تمثل وسيلة ضغط غربية على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتتشابه مع ما تفعله واشنطن من تصرفات سلبية ضده، مؤكدا أن مهاجمة الاتحاد الأوروبي لقرار حل المجلس، بعد تأييده السابق للسلطة الفلسطينية عقب إعلان ترامب نقله سفارة بلاده إلى القدس، ينذر بوجود تحولات وتغيير سياسي في المستقبل.

ودعا بيان الاتحاد الأوروبي الحكومة الفلسطينية إلى العمل من أجل عقد انتخابات حقيقية وديمقراطية لـ”كافة الفلسطينيين”، باعتبار ذلك “أمرا حيويا من مُنطلق إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة”.

وكان الرئيس عباس قد اجتمع مساء الأحد في رام الله مع لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، معلنا دعمه توفير كل ما يلزم لإجراء انتخابات تشريعية جديدة “في أسرع وقت ممكن”.

ورغم تصريحات المسؤولين الفلسطينيين المتكررة بشأن إجراء الاستحقاق الانتخابي في مايو المقبل بيد أن الكثيرين يتشككون في الأمر في ظل الضبابية السائدة وغياب أجوبة عن كيفية إجراء هذه الانتخابات، هل ستقتصر فقط على الضفة الغربية أم ستجرى في باقي المناطق الفلسطينية. وهل ستسمح الحكومة الإسرائيلية التي يسيطر عليها اليمين المتطرف بإجرائها في القدس، خاصة بعد قرار ترامب إعلان المدينة عاصمة لإسرائيل.

ويقول متابعون إن السؤال أبرز هل أن عباس فعلا مستعد لهكذا استحقاق في ظل تآكل واضح في شعبيته والانقسامات التي تعصف بحركة فتح؟

2