اجتماع بين السبسي الابن والرياحي في باريس يثير جدلا في نداء تونس

خطوة للحد من نزيف الاستقالات قبل المؤتمر والانتخابات، ولقاء يثير غضب قيادات الحزب من نجل الرئيس.
الاثنين 2019/01/14
سرعان ما انقطع حبل الود

في كل مرة يحاول فيها حزب نداء تونس الفائز بالانتخابات التشريعية والرئاسية عام 2014 في تونس لمّ شتاته وإعادة ترتيب بيته عقب أزمات الانشقاقات التي عصفت به منذ عام 2015، تعترض الحزب -المصطف حاليا في معارضة رئيس الحكومة يوسف الشاهد- مطبات لا تنبئ بأن الأيام القليلة القادمة ستعيد إليه بريقه الذي مكنه من استمالة شريحة واسعة من التونسيين في الانتخابات الأخيرة. آخر التطورات التي تهدد مستقبل نداء تونس تأتي عشية الإعداد لمؤتمره الانتخابي الأول عقب استقالة عدد من النواب المحسوبين على الأمين العام للحزب سليم الرياحي، ما ينذر بمزيد تقلص حظوظ النداء في الاستحقاقات الانتخابية القادمة.

تونس – أجبرت سلسلة الاستقالات الأخيرة في صفوف الكتلة البرلمانية لحركة نداء تونس رئيس الهيئة السياسية حافظ قائد السبسي على التنقّل إلى العاصمة الفرنسية باريس للقاء الأمين العام لنداء تونس سليم الرياحي المتواجد في أوروبا منذ شهر نوفمبر وتحديدا في بريطانيا.

وتأتي هذه الخطوة لرأب الصدع داخل الحزب الذي يستعد لعقد مؤتمره الانتخابي الأول في شهر مارس القادم عقب تقديم ستة نواب الأسبوع الماضي استقالاتهم من الكتلة البرلمانية لحزب نداء تونس، وهم درة اليعقوبي ورضا الزغندي وطارق الفتيتي وألفة الجويني وعلي بالأخوة ومحمود القاهري.

والنواب المستقيلون هم من أبناء حزب الاتحاد الوطني الحر الذي يتزعمه السياسي ورجل الأعمال سليم الرياحي قبل أن ينصهر في أكتوبر 2018 مع نداء تونس ويتحصّل على منصب الأمانة العامة للحزب.

وتشير الأوساط السياسية في تونس إلى أن رئيس الهيئة السياسية لحزب نداء تونس حافظ قائد السبسي انتقل مرفوقا بكل من رئيس الكتلة البرلمانية لنداء تونس سفيان طوبال والقيادية أنس الحطاب للقاء سليم الرياحي في باريس لإثنائه عن إقناع النواب المحسوبين عليه بالتراجع عن استقالاتهم.

بوجمعة الرميلي: حافظ قائد السبسي مصاب بمرض الزعامة. عليه إعادة تقييم نفسه
بوجمعة الرميلي: حافظ قائد السبسي مصاب بمرض الزعامة. عليه إعادة تقييم نفسه

وفي وقت سابق، أكدت العديد من المصادر المتطابقة أن استقالات نواب الاتحاد الوطني الحر سابقا أتت بطلب من سليم الرياحي المتواجد حاليا في بريطانيا، بتعلة أن نداء تونس لم يسر في النهج الذي تم الاتفاق عليه في بداية الاندماج بين الحزبين. وأكد النائب طارق الفتيتي وهو أحد المستقيلين، في تصريحات صحافية محلية، خبر الاستقالات، معبرا عن تحفظه على تقديم توضيحات بخصوص الأسباب التي تقف وراءها.

وقبل التوجه إلى باريس اجتمع  رئيس الكتلة البرلمانية لحزب نداء تونس سفيان طوبال، بكل النواب المستقيلين من الكتلة البرلمانية لحزبه لفهم أسباب هذه الخطوة، إلا أنه لم ينجح في إقناعهم بالتراجع عن هذه الخطوة التي تسبق المؤتمر الانتخابي للحزب.

وبعدما قال سفيان طوبال في الأسبوع الماضي إنه تعذر الاتصال بالأمين العام للحزب سليم الرياح، أُجبر أعضاء من الهيئة السياسية على السفر إلى باريس لملاقاة سليم الرياحي، إلا أن هذه الخطوة بدورها أثارت موجة غضب في صفوف قيادات حزب نداء تونس خاصة أنها لم تكن منسقة وكانت سرية للغاية ولم يستشر فيها كل أعضاء الهيئة السياسية لحزب نداء تونس. وقبل أن تثير هذه الخطوة الجديدة موجة استياء في صفوف قيادات نداء تونس التي تستعد لإعادة ترتيب الحزب عبر تنظيم مؤتمر انتخابي ينهي أزمة الانشقاقات في صفوفه، اتهم القيادي بالحزب بوجمعة الرميلي رئيس الهيئة السياسية حافظ قائد السبسي بأنه مصاب بمرض الزعامة وبأنه يريد أن يكون دائما قائد الحزب الأول، رغم أنه لم يكن في الصف الأول عند تأسيسه من قبل الرئيس الباجي قائد السبسي وعدة قيادات انسحبت من الحزب عقب انتخابات 2014.

يذكر أن سليم الرياحي متواجد خارج تونس منذ 23 نوفمبر المنقضي، بعد أن تقدم بشكاية ضد رئيس الحكومة يوسف الشاهد والناشط السياسي لزهر العكرمي والرئيس السابق للديوان الرئاسي سليم العزابي والمستشار بالقصبة ومدير الأمن الرئاسي بتهمة التخطيط للانقلاب وعزل الرئيس الباجي قائد السبسي. وكان القضاء العسكري قد أعلن حفظ الشكاية بسبب عدم حضور الرياحي في مناسبتين.

وساهمت الاستقالات الأخيرة في تقلص عدد نواب الكتلة البرلمانية لحزب نداء تونس إلى 41 نائبا، لتحتل المرتبة الثالثة في البرلمان بالاشتراك مع كتلة الائتلاف الوطني الداعمة لحكومة يوسف الشاهد. وتأتي هذه الأزمة الجديدة للحزب الحاكم في وقت بات يتنافس فيه مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد على استقطاب قواعد الحزب التي صوّتت له في الانتخابات التشريعية والرئاسية عام 2014.

ويستعد رئيس الحكومة رفقة قيادات مستقيلة في وقت سابق من حزب نداء تونس لتأسيس مشروع سياسي جديد في غضون الأسابيع القادمة وتقديمه كبديل تقدمي وحداثي لحزب نداء تونس الذي عصفت به أزمة الانشقاقات منذ عام 2015 وقسّمته إلى عدة أحزاب.

وعجز حزب نداء تونس منذ مطلع عام 2018 عن الإطاحة برئيس الحكومة يوسف الشاهد (قيادي بنداء تونس)  بعدما وجد الأخير دعما سياسيا من كتلة حركة النهضة الإسلامية وكذلك كتلة الائتلاف الوطني في البرلمان والمحسوبة عليه والمشاركة في إعداد المشروع السياسي الجديد المرتقب.

وتتأهب تونس لتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في عام 2019 وسط أجواء سياسية واجتماعية مشحونة أدت إلى اندلاع موجة احتجاجات شملت العديد من مناطق البلاد شمالا وجنوبا.

4