على مائدة الشعر

الخط ليس الكتابة، فالكتابة معنى أما الخط فهو الجمال، تذهب الكتابة إذا ما تم القبض على المعنى الذي تحمله، أما الخط فإن الجمال يبقيه خالدا.
ذلك ما يراهن عليه الخطاطون، وهو رهان ترفعه النشوة إلى مستوى المقدس، ما لم تتجل موسيقى الحرف فإن هناك خطأ في مكان ما، فلكل حرف صوت إيقاعي غير صوته المنطوق، ذلك الصوت هو ما تلتقطه يد الخطاط.
ولذلك كان ملتقى الخط العربي الذي أقامته الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية ورعته الشيخة سعاد الصباح مناسبة للانفتاح على إيقاعات بصرية، كان الشعر وحده قادرا على القبض على تجلياتها الصوتية. ثمانية عشر خطاطا نجح الفنان عبدالرسول سلمان في أن يلم شملهم من مختلف أنحاء العالم العربي، وهو ما أكسب تلك التظاهرة الفنية نوعا من التنويع في الأساليب والمدارس والتجارب التي يعود بعضها إلى أكثر من خمسين سنة.
لقد التقى كبار الخطاطين في تظاهرة تكاد تكون فريدة من نوعها في الوقت الذي لم يعد فيه فن الخط العربي يقف في صدارة المشهد الفني، وهي التفاتة تستحق الثناء لما انطوت عليه من رغبة عميقة في مراجعة الأصول من خلال الأصول الفنية عبر العودة إلى فن عربي، كانت له دائما مكانة بارزة في الثقافة العربية.
وإذا ما كان التيار الحروفي في الرسم قد ذهب بعقول بعض الخطاطين وجعلهم يعزفون عن ممارسة الخط ليتحولوا إلى الرسم، فإن الملتقى كشف عن حقيقة أن هناك معلمين كبارا مازالوا معنيين بتطوير فن الخط من غير أن تحبط جهودهم الخلاقة التقنيات الحديثة الجاهزة.
على مائدة الشعر التي مدتها الشاعرة سعاد الصباح اجتمع أمراء الحرف بترف رؤاهم التي تصنع للغة جناحين، شعراء من جهة ما يحملون من خفة إيقاعية، تصدر عن طريقة خاصة في النظر إلى اللغة باعتبارها خزانة موسيقى.
ما فعله الفنان عبدالرسول سلمان وهو رئيس الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية يشكل خطوة في طريق التأصيل ومراجعة الجذور.