زخم المصالحة بين إثيوبيا وإريتريا يطوي صراع الحدود

الصومال ينأى بنفسه عن سياسة الاصطفافات ويلتحق بقطار السلام.
الأربعاء 2019/01/09
قطار السلام يخترق الحدود

أديس أبابا - افتتح الرئيس الإريتري إسياس أفورقي ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد رسميا معبرا حدوديا بين بلدة أم هاجر في إريتريا وبلدة الحميرة في إثيوبيا، فيما يتسارع زحم السلام بين الدولتين في أعقاب اتفاق سلام تاريخي ساهمت دولة الإمارات بمساعدة سعودية في إنجاحه.

وقبل ما يزيد قليلا على أسبوع في 28 ديسمبر، قال سكان ومسؤولون في إثيوبيا إن إريتريا أغلقت معابر في بلدتي زالامبيسا وراما، وكلاهما في إقليم تيجراي المتاخم لإريتريا، دون إبداء أسباب.

ورغم ذلك، بدا افتتاح المعبر عودة لجهود البلدين لاستعادة العلاقات منذ توقيع اتفاق في أسمرة بإريتريا في التاسع من يوليو 2018.

ويهدف الاتفاق إلى إنهاء عقدين من القتال الذي اندلع بعد حرب بين البلدين في الفترة من 1998 إلى 2000 سقط فيها نحو 80 ألف قتيل.

وشكّلت المصالحة الإريترية الإثيوبية، التي ساهمت دولة الإمارات في إنجاحها، ترتيبات جديدة في منطقة القرن الأفريقي، أخرجت المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية من أتون النزاعات الحدودية والحروب الأهلية إلى طريق التكامل التنموي والاقتصادي، ما يؤشر على تجاوز دول المنطقة لمنطق الاصطفافات الإقليمية التي أضرّت بها وبأمنها.

طاهر محمود غيلي: الصومال والإمارات ليسا مجرد دولتين صديقتين بل شقيقتين أيضا
طاهر محمود غيلي: الصومال والإمارات ليسا مجرد دولتين صديقتين بل شقيقتين أيضا

وبادر رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد بإنهاء هذا العداء في أبريل بعد وقت قصير من توليه منصبه، وذلك في إطار حزمة إصلاحات أعادت رسم المشهد السياسي في منطقة القرن الأفريقي.

ويتجاوز لقاء السلام الذي احتضنته أسمرة عتبة إنهاء القطيعة بين البلدين الجارين ليدخل العمق الأفريقي وتتخذ تداعياته أبعادا إقليمية، بشقيها العربي والأفريقي، وأيضا عالمية في علاقة باستراتيجية منطقة القرن الأفريقي وتأثر التجارة الدولية كما السياسات بكل ما يطرأ فيها من تغيّرات.

وتخطو منطقة القرن الأفريقي نحو طيّ صفحات قاتمة لأزمتها سنوات طويلة وجعلتها عنوان التوترات السياسية والصراعات المسلحة، الأهلية والبينية، وتحولت أيضا إلى عنصر جذب للكثير من التنظيمات الإسلامية المتطرفة.

ولم تكن الظروف الاقتصادية سببا وحيدا في تعدّد وتنوّع علاقات دول المنطقة، مع دول عربية وغير عربية، دول في الشرق وأخرى في الغرب، بل هي لعبة الجغرافيا السياسية، التي منحت القرن الأفريقي مزايا استراتيجية يصعب أن تستغني عنها كل دولة تريد تأمين مصالحها في البحر الأحمر وخليج عدن والخليج العربي، وهو ما أوجد صراعا خفيّا على النفوذ في هذه المنطقة، التي تحوّلت إلى صمام أمان للبعض وعنصر قلق وتوتر لآخرين.

وانضم الصومال الذي يعاني من انهيار أمني وحرب أهلية أودت بحياة الآلاف من الصوماليين إلى ركب الترتيبات الجديدة في القرن الأفريقي التي تبلورت معالمها على إثر إعلان مصالحة تاريخية بين أثيوبيا وأريتريا، فيا يؤكد محللون أن مقديشو التقطت بشكل سريع دينامية التقارب بين أديس أبابا وأسمرة وما حظيت به من دعم دولي واسع، للخروج من أزمتها والابتعاد عن سياسة الاصطفاف الإقليمية التي عزلتها عن محيطها.

وفي 28 يوليو، أجرى الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو، زيارة تاريخية إلى إريتريا، بعد أن كانت العلاقات بينهما متدهورة لعقود، على خلفية اتهام مقديشو لإريتريا بالضلوع في دعم الإرهابيين ضد الحكومة الصومالية.

وقال وزير الإعلام في الحكومة الصومالية طاهر محمود غيلي إنه يمكن لإريتريا لعب دور وساطة بين الصومال والإمارات.

وأضاف غيلي في حديث مع إذاعة صوت أميركا -قسم البث الصومالي- إن العلاقات الصومالية الإماراتية مرّت بمستويات مختلفة وإنهما ليسا مجرد دولتين صديقتين بل شقيقتين أيضا.

ودرّبت الإمارات المئات من الجنود الصوماليين منذ عام 2014 في إطار جهد تدعمه البعثة العسكرية للاتحاد الأفريقي لهزيمة إسلاميين متشددين، وتأمين البلاد من أجل الحكومة التي تحظى بدعم الأمم المتحدة ودول غربية.

واضطرت الإمارات إلى إيقاف برنامجها التدريبي في الصومال، ردا على مصادرة قوات الأمن الصومالية الملايين من الدولارات واحتجازها طائرة إماراتية لفترة وجيزة، في تصعيد يضرّ بالصومال ويضعه أمام فوهة بركان الإرهاب، في وقت تتصاعد فيه التقارير التي تتحدث عن أنّ الجماعات الإرهابية المهاجرة من الشرق الأوسط شدّت رحالها نحو المنطقة الأفريقية.

ويوضح خبراء صوماليون أن الرئيس محمد عبدالله محمد فرماجو، استفاد من دعم الإمارات ودورها في ترسيخ الاستقرار في البلاد، خلال حملته الانتخابية التي قادته إلى الفوز في 2017.

وإلى جانب مهمة تدريب قوات الجيش الصومالي، تضطلع دولة الإمارات بمهمة مساعدة السلطات الصومالية في مكافحة ظاهرة القرصنة التي باتت كابوسا مزعجا للسلطات نفسها.

ويؤكد مراقبون أن من مصلحة الإمارات التواجد في منطقة القرن الأفريقي من أجل حماية تجارتها واستثماراتها في منطقة تفتقد إلى الاستقرار الأمني وذلك بالتعاون مع السلطات المحلية، بعد أن عانت هي الأخرى من عمليات القرصنة التي تستهدف السفن التجارية وناقلات النفط قبالة سواحل اليمن.

5