التدريبات المنتظمة تخفض ضغط الدم بقدر ما يفعل الدواء

يرى مدربو اللياقة وأخصائيو الطب الرياضي أن الإصابة بارتفاع ضغط الدم ليس عذرا للامتناع عن ممارسة التمارين وتفادي أي شكل من أشكال الأنشطة خفيفة كانت أو مكثفة. ويذهب العلماء إلى أكثر من ذلك إذ يرون أن الاستمرار في التدرب، بشكل منتظم، يمكنه أن يقوم مقام الأدوية الخافضة لضغط الدم، في كثير من الأحيان.
لندن - أفادت دراسة بأن ممارسة التمارين الرياضية قد تخفض ضغط الدم بقدر ما يفعل الدواء. وجمع الباحثون بيانات ما يقرب من 400 تجربة عشوائية قيّمت آثار أدوية ضغط الدم وممارسة التدريبات على خفض ضغط الدم. ووجدوا أن الأدوية والرياضة خفضتا ضغط الدم بنحو تسعة مليمترات زئبق لدى المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم.
وقال الباحث الرئيسي في الدراسة، حسين ناجي، الباحث في السياسات الصحية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية في المملكة المتحدة، “يبدو أن التمارين تسبب انخفاضات مماثلة في ضغط الدم الانقباضي مثل الأدوية الخافضة للضغط التي يشيع استخدامها بين الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم”.
ودرس ناجي وزملاؤه نتائج 194 تجربة عشوائية بحثت تأثير أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم و197 تجربة اختبرت تأثير التدريبات على خفض الضغط المرتفع.
وعند فحص بيانات جميع المشاركين، وجد الباحثون أن الأدوية أكثر فعالية من ممارسة التمارين الرياضية في خفض ضغط الدم الانقباضي وهو الرقم العلوي في قراءة ضغط الدم والذي يشير إلى الضغط على جدران الأوعية الدموية عندما يضخ القلب الدم. لكن عندما ركز الفريق فقط على المجموعة التي تعاني من ارتفاع كبير في الضغط، حيث يسجل الرقم العلوي في قراءة الضغط 140 أو أكثر، وجدوا أن التدريبات تحقق نفس نتيجة الدواء إذ يخفضان الضغط 8.96 مليمتر زئبق في المتوسط.
وأشار ناجي وزملاؤه إلى أنهم فحصوا تأثير أنواع مختلفة من التمارين ووجدوا أن جميع أنواع التمارين حتى البسيطة منها تحقق فائدة.
وأشارت جمعية القلب الأميركية إلى أنه كل ما زادت معدلات ممارسة الرياضة كل ما خف خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم. وكشفت الدراسات العلمية أن 30 دقيقة من الرياضة في اليوم تقي من ارتفاع ضغط الدم بنسبة الخُمس وهي يمكن أن تغني عن العقاقير.
نشر الموقع الأميركي، مايو كلينيك، تقريرا أظهر أن خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم (ارتفاع التوتر الشرياني) يزيد مع التقدّم بالعمر، ولكن يمكن أن تحدث ممارسة القليل من التمارين اختلافًا كبيرًا. وإذا كان ضغط الدم مرتفعا بالفعل، فإنّ بعض الحركة والنشاط يساعدان على التحكم فيه.
وكشفت دراسة نشرت في المجلة العلمية (سيركولايشن هارت فايلر) أنه بإمكان مرضى ارتفاع ضغط الدم الرئوي ممارسة التمارين الرياضية، التي من شأنها أن تعود بالنفع على جودة الحياة لديهم. يواجه مرضى ارتفاع ضغط الدم الرئوي، عادة، صعوبة في التنفس، كما أنهم يتعبون بسرعة ويعانون من نوبات دوار، ولهذا يتمّ تحذيرهم من ممارسة التمارين الرياضية.
ومن أجل ذلك، قام الباحثون بمراجعة دراسات سابقة وصل عددها إلى 15 دراسة علمية مختلفة، استهدفت ما يزيد عن 400 مشترك مصاب بمرض ارتفاع ضغطة الدم الرئوي، وقاموا بتحليل المعلومات، ووجدوا من خلالها أن ممارسة التمارين الرياضية (والتي كانت عبارة عن مشي لبضع دقائق) من شأنها أن تقلل من ضغط الدم في الشرايين المتأثرة بمرض ارتفاع ضغط الدم الرئوي.
وقال الباحث الرئيسي في الدراسة الدكتور جاريت بيري “نتائج الدراسة تشير إلى أن تشكيك الأطباء في قدرة مرضى ارتفاع ضغط الدم الرئوي على ممارسة التمارين الرياضية هو أمر غير دقيق وليس في مكانه”. وأضاف “بل على العكس، هذه التمارين الرياضية لها تأثير إيجابي على عمل القلب بشكل عام، وجودة حياة المرضى”.
وأشار الباحثون إلى أنّ ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة هي أمر آمن على مرضى ارتفاع ضغط الدم الرئوي، وهي مرتبطة بالحصول والتمتّع على حياة وصحة أفضل. ولكن هذا لا يعني أن يقوم المرضى فورا بالركض أو ركوب الدراجات الهوائية، بل القيام ببعض النشاطات الرياضية الخفيفة ومن الأفضل أن يكونوا بمرافقة شخص آخر، وبالطبع التحدث مع طبيبهم واستشارته قبل البدء في التمارين.
وأوضح الباحثون أن هناك ضرورة ملحة للقيام بمزيد من الأبحاث حول ممارسة التمارين الرياضية لمرضى ارتفاع ضغط الدم الرئوي مستقبلا، والتأكد من أن العلاقة في ما بينهما ايجابية على المدى الطويل.
وبحث موقع مايو كلينيك في الصلة بين ضغط الدم المرتفع وممارسة الرياضة وتوصّل إلى أن ممارسة الرياضة تعمل بانتظام على تقوية عضلة القلب. ويمكن للقلب الأقوى أن يضخ المزيد من الدم بمجهود أقل. وإذا كان بمقدور القلب ضخ الدم بمجهود أقلّ، يقلّ الضغط على الشرايين، مما يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم.
وعندما يصبح الشخص أكثر نشاطًا قد ينخفض ضغط الدم الانقباضي لديه -وهو الرقم العلوي في قياسات ضغط الدم- من 4 إلى 9 ملم من الزئبق في المتوسّط. وهو ما يماثل في كفاءته بعض أدوية ضغط الدم. وبالنسبة إلى بعض الأشخاص، تعتبر ممارسة الرياضة لبعض الوقت كافيةَ لتقليل الحاجة إلى أدوية ضغط الدم.
وإذا كان مستوى ضغط الدم معتدلاً -أقل من 120/80 ملم من الزئبق- فقد تساعد ممارسة الرياضة على تجنّب ارتفاع ضغط الدم مع التقدّم في العمر. كما تساعد ممارسة الرياضة بانتظام على الحفاظ على وزن صحي وهي طريقة أخرى مهمة للتحكّم في مستوى ضغط الدم.
ولكن للحفاظ على مستوى منخفض لضغط الدم، يشترط أن تكون ممارسة الرياضة بشكل منتظم، وقد يستغرق الأمر من شهر إلى ثلاثة أشهر تقريبا من المواظبة على ممارسة الرياضة قبل أن يظهر تأثير ملحوظ على مستوى ضغط الدم.
وأشار باحثون إلى أن النشاط الهوائي يمكن أن يكون إحدى الطرق الفعّالة في السيطرة على ضغط الدم المرتفع. وتُعدّ كل الأنشطة البدنية التي تزيد من معدل ضربات القلب والتنفس بمثابة نشاط هوائي، وتتضمن:
- الأعمال المنزلية، مثل جز العشب، أو مشط الأوراق أو العمل بالحديقة أو غسل الأرضية.
- الرياضات النشطة، مثل كرة السلة والتنس.
- صعود الدرج والسير والركض وركوب الدراجات والسباحة والرقص.
تُوصي المنظمات المهتمة بالصحة واللياقة البدنية بممارسة الأنشطة الهوائية المعتدلة على الأقلّ لمدة 150 دقيقة أو ممارسة الأنشطة الهوائية القوية لمدة 75 دقيقة أسبوعيا، أو مزيج من الأنشطة المعتدلة والقوية.
ويحثّ مدربو اللياقة على ضرورة ممارسة الرياضة الهوائية لمدة 30 دقيقة على الأقلّ خلال معظم أيام الأسبوع، حيث يمكن تقسيم التمارين الرياضية إلى عّدة جلسات كل منها لمدة 10 دقائق من التمارين الهوائية والحصول على نفس فوائد الجلسة الرياضية المستمرة 30 دقيقة.
وتجدر الإشارة إلى أن تدريب رفع الأثقال يمكن أن يؤدي إلى زيادة مؤقتة في ضغط الدم في أثناء التمرين. وقد تكون هذه الزيادة مؤثرة، بحسب مقدار الوزن الذي يتم رفعه. لكن رفع الأثقال يمكن أن يكون له كذلك فوائد لضغط الدم على المدى الطويل تفوق خطر الارتفاع المؤقت بضغط الدم الذي يسببه لدى معظم الناس. كما يمكنه أن يقوم بتحسين جوانب أخرى من صحة القلب والأوعية الدموية، الأمر الذي يساعد على الحدّ من المخاطر الشاملة لأمراض القلب والأوعية الدموية.
تُوصي وزارة الصحة والخدمات البشرية الأميركية بدمج تمارين القوة المستهدِفة لجميع المجموعات العضلية الرئيسية في نظام اللياقة البدنية ومزاولتها مرتين على الأقل في الأسبوع.
ويوضّح الباحثون أنه في حال رغب أحد ما يعاني من ارتفاع ضغط الدم في تضمين رفع الأثقال في برنامج اللياقة الخاص به عليه القيام ببعض الخطوات، حفاظا على سلامته:
- أن يتعلَّم الشكل المناسب للتمرين وكيفية أدائه دون مخاطر.
- عدم حبس الأنفاس لأن ذلك يمكن أن يؤدي في أثناء المجهود إلى حدوث ارتفاع مفاجئ خطير في ضغط الدم. وبدلاً من ذلك، يفضّل التنفس بهدوء وأريحية وبشكل مستمر في كل تمرين.
- رفع الأثقال الأخف وزنا بمعدل أكبر فالأثقال الأكثر وزنا تتطلب جهدا أكبر، مما قد يؤدّي إلى ارتفاع أكبر في ضغط الدم. والأجدى تدريب العضلات بأثقال أخفّ وزنا عن طريق زيادة عدد مرات تكرار التمرين.
- ينبغي الإنصات إلى الجسد والتوقف عن النشاط فورا في حال اللهاث أو الدوار الشديدين أو عند مواجهة ألم في الصدر أو الشعور بإجهاد.
- في حال كان المتدرب مصابا بارتفاع ضغط الدم، فعليه الحصول على موافقة طبيبه قبل إضافة تمارين لرفع الأثقال إلى نظام اللياقة البدنية الروتيني.
وأحيانًا يكون من الأفضل استشارة الطبيب قبل البدء في برنامج رياضي، خاصةً في الحالات التالية:
- إذا كنت رجلا أكبر من 45 عاما أو امرأة أكبر من 55 عاما.
- إذا كنت مدخنا أو أقلعت عن التدخين خلال الأشهر الستة الماضية.
- إذا كنت تعاني من زيادة الوزن أو السمنة.