الموازنة الأردنية تجتاز بصعوبة المعارضة البرلمانية والشعبية

عمان – تمكن مجلس النواب الأردني بصعوبة من إقرار موازنة العام الجديد، التي تضمنت زيادة الإنفاق بنسبة 8.7 بالمئة عن العام الماضي ليصل إلى نحو 13 مليار دولار، وزيادة أكبر في توقعات الإيرادات، التي تستند إلى زيادات ضريبية تثير جدلا واسعا في الشارع الأردني.
وتتوقع الموازنة التي تم إقرارها بأغلبية 60 صوتا من مجموع 105 نواب ارتفاع حجم الإيرادات بنسبة 9.1 بالمئة لتصل إلى 12.1 مليار دولار، لتترك عجزا متوقعا بقيمة 910 ملايين دولار.
وتتركز الاعتراضات في البرلمان والشارع حول عدم تقديم حلول جديدة لمشاكل البطالة والفقر المزمنة، في وقت تتسع فيه اختلالات المؤشرات المالية ويتجاوز الدين العام حاجز 40 مليار دولار، أي ما يعادل 94 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالمعايير العالمية.
وتزامن إقرار الموازنة مع مشاركة المئات في تظاهرة قرب مبنى رئاسة الوزراء في عمان للمطالبة بإصلاحات اقتصادية وسياسية ومحاربة الفساد، في وقت يتواصل فيه الجدل بشأن قوانين ضريبية جديدة.
ورفض أعضاء في مجلس النواب مشروع قانون الموازنة لأسباب تراوحت بين كونها “محبطة للآمال ومخيبة للتوقعات” أو كونها “لم تأت بجديد ولم تعالج مشاكل الفقر والبطالة”.
وقال رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز في رده على مداخلات النواب إن “أولويات الحكومة في العام الحالي هي ضبط العجز من خلال تساوي الإيرادات المحلية مع النفقات الجارية وتمويل المشاريع ذات الأولوية وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص”. وكان مجلس النوّاب قد أقرّ في 18 نوفمبر مشروعا معدلا لقانون ضريبة الدخل، الذي كان أثار احتجاجات في الشارع الصيف الماضي، أطاحت برئيس الوزراء السابق هاني الملقي، بسبب زيادة في المساهمات الضريبية على الأفراد والشركات.
وتواصلت منذ ذلك الحين تظاهرات أسبوعية بدأت متواضعة كل يوم خميس وسط تفاوت في عدد المشاركين فيها بين أسبوع وآخر.
وتظهر الأرقام الرسمية أن معدل الفقر في الأردن يبلغ حاليا نحو 20 بالمئة في حين يصل معدل البطالة إلى 18.5 بالمئة في بلد يبلغ فيه معدل الأجور الشهرية نحو 600 دولار والحدّ الأدنى للأجور 300 دولار.
وتشير تقديرات إحصائية في دراسة نشرتها مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية العام الماضي إلى أن العاصمة الأردنية عمّان احتلت المركز الأول عربيا في غلاء المعيشة والمرتبة 28 عالميا.
ومن المقرر أن ينتقل مشروع الموازنة بعد إقرارها من مجلس النواب إلى مجلس الأعيان (الغرفة الثانية للبرلمان) وإذا تم إقرارها، ترسل إلى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، للموافقة عليها وإصدارها في قانون قبل نشرها أخيرا في الجريدة الرسمية.
وفرضت الأزمات الاقتصادية نفسها بقوة في المشهد الأردني خلال العام الماضي، بعد شروع الحكومة في تطبيق زيادة أسعار العديد من السلع والخدمات وإدخال تعديلات على ضريبة الدخل. وتضمنت تلك التعديلات زيادة برفع ضريبة المبيعات بمقدار 6 بالمئة على البنزين وإخضاع 164 سلعة لضريبة المبيعات بنسبة 10 بالمئة. كما فرضت الحكومة ضريبة مبيعات بنسبة 4 و5 بالمئة على سلع أخرى كانت معفاة من الضرائب.
وأقدمت الحكومة على قرار، وصف حينها بأنه الأكثر “جرأة” على الإطلاق، برفع الدعم عن الخبز بنسبة 100 بالمئة، واستبداله بتوجيه الدعم لمن اعتبرتهم الحكومة “مستحقين”.
كما رفعت الحكومة أجور النقل العام بنسبة 10 بالمئة في فبراير، بحيث تشمل حافلات النقل العام المتوسطة والكبيرة وسيارات التاكسي والأجرة العاملة على جميع الخطوط.
ودخلت البلاد في أزمة خانقة بعد إعلان حكومة رئيس الوزراء الأردني السابق هاني الملقي، تعديل قانون ضريبة الدخل لتوسيع شريحة الخاضعين للضرائب، وتفجرت احتجاجات واسعة أدت في النهاية إلى استقالة الحكومة.
ووعدت حكومة الرزاز عند تشكيلها بسحب مشروع القانون الضريبي المثير للجدل، ما أعاد الهدوء إلى الشارع. وأجرت تعديلات بسيطة على القانون وقامت بإقراره ليدخل التنفيذ مطلع العام الحالي.
ومع ذلك تواصلت الاحتجاجات الشعبية المتقطعة قرب مقر مجلس الوزراء، الشهر الماضي، رفضا للقانون، حيث يواصل المحتجون المطالبة بإسقاطه نهائيا. وتشير بيانات دائرة الإحصاءات العامة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الأردني سجل نموا بنسبة 2 بالمئة خلال الربع الثالث العام الماضي على أساس سنوي بعد أن نما بنسبة 2.1 بالمئة في الربع الثاني من العام.
وتظهر البيانات مؤشرات متفائلة تكمن في تسجيل قطاع الخدمات الاجتماعية والشخصية أعلى معدل نمو وبنسبة بلغت 3.5 بالمئة، تلاه قطاع الزراعة 2.9 بالمئة، ثم النقل والتخزين والاتصالات 2.8 بالمئة.
لكن بيانات قطاع العقارات الصادرة عن دائرة الأراضي والمساحة الحكومية جاءت مخيبة للآمال وأظهرت تراجع قيمة مبيعات العقارات بنسبة 13 بالمئة في العام الماضي لتصل إلى 7.423 مليار دولار.