وصفة إنفانتينو لإنقاذ قطر: كأس عالم خليجي مشترك بـ48 فريقا

أسئلة بشأن كيفية تجاوز العائق السياسي المتعلّق بمقاطعة أربع دول للدوحة.
الخميس 2019/01/03
اقتراح الحلول اعتراف بوجود المشاكل

الرفع في عدد المنتخبات المشاركة في نهائيات كأس العالم القادم وإشراك بلدان خليجية في تنظيمها قد يشكّل حلاّ مثاليا مطمئنا لكبار المسؤولين في الاتحاد الدولي لكرة القدم على مصير المناسبة الرياضية الأكثر أهمية في العالم، والتخلّص من ظلال الشكّ التي لم تتمكّن قطر، رغم كل جهودها الدعائية، من تبديدها. على أن يظلّ الإشكال المتعلّق بالجانب السياسي والمتمثّل بمقاطعة أربع دول للدوحة، هو موضع النظر ومثار التساؤل بشأن كيفية تجاوزه.

دبي - يدرس الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” إمكانية رفع عدد المنتخبات المشاركة في نهائيات كأس العالم القادم ومشاركة بلدان خليجية في تنظيمها، وذلك في مقترح أعلنه، الأربعاء، رئيس الاتحاد جياني إنفانتينو، وبدا بمثابة وصفة لإنقاذ المناسبة الرياضية الأهم في العالم، ورفع الحرج عن قطر الواقعة تحت ضغط الوقت والتي لم تستطع حتى الآن، ورغم استعداداتها اللوجستية الضخمة، أن تثبت قدرتها على احتضان نهائيات 2022 وتقديم حلول عملية لعدد من المعضلات المتعلقة بالتنظيم.

واضطرت فيفا في وقت سابق لتغيير موعد نهائيات كأس العالم القادم لتبدأ في شهر نوفمبر بدلا عن شهر يونيو بسبب حرارة الطقس في منطقة الخليج رغم أن قطر سبق لها أن تعهّدت بتوفير حلول تقنية لمشكلة الحرارة، لكن إشكالا آخر استجدّ، وكان ذا طبيعة سياسية هذه المرّة وتمثل بمقاطعة ثلاث دول خليجية هي كل من السعودية والإمارات والبحرين، إلى جانب مصر، لقطر بسبب السياسات التي تتّبعها الأخيرة وتوصف بالمهدّدة للاستقرار في المنطقة، ومن ضمنها ربط علاقات بتنظيمات متشدّدة وجماعات إرهابية وتقديم الدعم الإعلامي والمادي لها.

وفشلت قطر في إنهاء المقاطعة التي بدأت في شهر يونيو 2017 رغم الوساطات التي استخدمتها، وحملة العلاقات العامّة التي شنّتها بكثافة، حيث اصطدمت في كلّ مرّة بإصرار الدول الأربع على وجوب تغيير الدوحة للسياسات موضع اعتراض تلك الدول.

وكثيرا ما لجأت الدوحة للتهوين من شأن المقاطعة ونفي تأثيرها عليها، وحاولت في السياق ذاته استبعاد إمكانية تأثير مقاطعة جيرانها لها على قدرتها على احتضان كأس العالم، مركّزة على عامل استكمال البنى التحتية والمنشآت الرياضية المتعلّقة بالحدث الرياضي الكبير، لكنّ الخبراء والمختصّين، بما في ذلك كبار المسؤولين الرياضيين الدوليين، ما فتئوا يشيرون إلى وجود أسئلة كبيرة يتعيّن على الدوحة الإجابة عليها ويتعلّق بعضها على سبيل المثال بطريقة تنقّل الجماهير، ومن ضمنها عشاق كرة القدم في المنطقة الخليجية إلى قطر وطريقة إيوائها في ظلّ المقاطعة.

وتعمّدت قطر في نوفمبر الماضي تسريب اسم إيران كحلّ محتمل لمعضلة تنظيم كأس العالم القادم وذلك بتقديم احتمال إقامة عدد من الفرق المشاركة في النهائيات على الأراضي الإيرانية. لكنّ ذلك بدا أقرب إلى بالون اختبار ورسالة قطرية استفزازية لبلدان الخليج وعدد من القوى الدولية الممتعضة من السياسات الإيرانية والتي من المتوقّع أن ترفض بشدّة منح طهران مثل تلك “الجائزة” التي ستمثّل دعاية إيجابية لمصلحتها وتساعدها على تبييض صفحة نظامها الموصوم بالتشدّد ونشر الإرهاب.

كذلك تخضع إيران لعقوبات أميركية شديدة تحرص واشنطن على التزام جميع الدول بتنفيذها، ولن تكون من السهل مشاركة إيران في تنظيم تظاهرة رياضية بحجم كأس العالم دون أن يكون هناك خرق ما لتلك العقوبات خصوصا في الجانب المتعلّق بعمليات نقل الأموال وإرسالها إلى الداخل الإيراني في نطاق توفير التمويل الضروري لمتطلّبات إقامة الفرق الرياضية وتنقّلها.

وأعلن إنفانتينو خلال مؤتمر رياضي في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، أنه يدرس إمكانية زيادة عدد المنتخبات المشاركة في بطولة كأس العالم بداية من نسختها القادمة في قطر عام 2022.

دول خليجية تقدم بمتانة بناها التحتية وتطور قدراتها التقنية حلولا مثالية جاهزة في حال المضي بتنفيذ مخطط الفيفا

وتقول مصادر رياضية إنّ زيادة عدد المنتخبات هدف جوهري ضمن الإصلاحات التي يريد إنفانتينو وفريقه إدخالها على عالم كرة القدم العالمية، وإنّ الرئيس السويسري للفيفا حريص على تنفيذ تلك الزيادة خلال نهائيات كأس العالم القادم كي لا يضطر لانتظار أربع سنوات أخرى لا يمكنه أن يضمن ما يمكن أن يجري خلالها.

وقال إنفانتينو “سنحاول التفكير في زيادة عدد المنتخبات المشاركة بالمونديال بداية من النسخة القادمة، لتصبح 48 منتخبا بدلا من 32”، مضيفا “الفيفا تبحث كذلك مدى إمكانية أن تقدم دول خليجية مساعدة لقطر في استضافة عدد من المباريات”.

إلّا أنّ رئيس الفيفا استدرك بالقول “أعلم أن هناك توترات في هذه المنطقة وعلى القادة السياسيين إدارتها”، وذلك في إشارة إلى مقاطعة الدول الأربع لقطر.

ومن المؤكّد أن كبار المسؤولين في الفيفا على دراية بعمق الخلافات بين قطر ومجموعة الدول المقاطعة لها، لكنّهم قد يكونون بصدد الرهان على براغماتية الخليجيين وقدرتهم على تجزئة القضايا والفصل بينها، ما يعني أن اشتراك الدول الخليجية مع الدوحة في مصلحة ما، رغم مقاطعتها، أمر غير مستحيل الحدوث، حيث لم تحل الخلافات داخل مجموعة مجلس التعاون الخليجي دون جلوس البلدان الستّة في ديسمبر الماضي تحت قبّة قمّة الرياض الخليجية.

وعلى صعيد عملي فإن عددا من دول الخليج تقدّم حلولا مثالية جاهزة لتنفيذ مخطّط الفيفا للرفع من عدد الفرق المشاركة في نهائيات كأس العالم، وذلك بفعل استقرارها الأمني الفريد، ومتانة بناها التحتية بما في ذلك المنشآت والمرافق الرياضية، وأيضا امتلاكها لأكثر التقنيات تطوّرا في مجال الاتصالات والنقل التلفزيوني.

واحتضنت الإمارات مؤخرا بنجاح نهائيات كأس العالم للأندية في نسخة وصفت بالمثالية لجهة حسن التنظيم ودقّته، فيما تحتضن انطلاقا من السبت، وعلى مدار قرابة الشهر، النسخة الأكبر من بطولة كأس الأمم الآسيوية لكرة القدم، بمشاركة 24 منتخبا وذلك لأول مرّة في تاريخ المنافسة.

3