الاحتجاجات تمتد إلى المتقاعدين في إيران ولا حلول في الأفق

نائب إيراني يؤكد أن أعداد الفقراء تضاعفت خلال سنة واحدة ، وميليشيات طهران في الخارج لا تمر بضائقة مالية.
الخميس 2019/01/03
رواتب لم تعد كافية لسد الرمق

مع اشتداد قسوة العقوبات الأميركية على إيران التي عمّقت أزمة الاقتصاد المنهك، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، خرج المتقاعدون للاحتجاج أمام مبنى البرلمان في طهران بعد أن استشعروا توجّها حكوميا نحو التغاضي عن مطالبهم برفع مرتباتهم في الموازنة الجديدة، فيما لا تملك السلطات الاستجابة للمطالب الاجتماعية في ظل سقوط حر للاقتصاد المتهاوي يستوجب وفق رأيها المزيد من التقشف.

طهران – نظم متقاعدون في العاصمة الإيرانية طهران، الأربعاء، وقفة احتجاجية رفضا لتجاهل حقوقهم القانونية، وعدم كفاية رواتبهم، فيما يغدق النظام الأموال على دعم ميليشياته في الخارج كالحوثيين في اليمن وحزب الله اللبناني، رغم الأزمة الاقتصادية التي يعيشها.

ويتوقع مراقبون أن صمود النظام الإيراني تجاه التحركات الاحتجاجية التي تجاوزت محدودي الدخل إلى المواطنين الأكثر ثراء كالتجار، لن يطول كثيرا مع اشتداد وطأة العقوبات الأميركية.

ويرى هؤلاء أن أتباع سياسة المزيد من التقشف من قبل النظام لن تأتي أُكلها على المديين المتوسط والبعيد، إذ تنبئ بمزيد تفجّر الأورام الاجتماعية واتساع دائرة الغضب الشعبي على النظام الذي يغدق الأموال على أذرعه في الخارج ويستثني الداخل المنهك من أجنداته عبر التجييش الدعائي وتصوير الوضع القاتم في البلاد على أنه مؤامرة غربية يجب التضحية من أجل مواجهتها.

ولم تعد شعارات المؤامرة التي يلتجئ إليها النظام في كل الأزمات التي تعصف به تجد آذانا صاغية في ظل انتشار الفساد والمحسوبية داخل البلاد، خاصة المؤسسات المرتبطة مباشرة بالمرشد الأعلى علي خامنئي التي ازداد ثراؤها رغم الأزمة الاقتصادية.

وتجمّع العشرات من المتقاعدين وعلى رأسهم مدرسون وممرضون متقاعدون، أمام مبنى البرلمان في العاصمة طهران، مرددين هتافات منددة بغلاء الأسعار والتضخم، ورفعوا لافتات كتب عليها عبارات من قبيل “طبقوا القانون بدلا من التمييز”. وقال المتقاعدون إن موازنة 2019، لم تأخذ في الاعتبار حقوقهم، مطالبين الحكومة بإعادة تنظيمها، حيث تبدأ السنة المالية في إيران، بتاريخ 21 مارس من كل عام، حتى 20 مارس من العام التالي له، وفق قانون الموازنة.

الأعداء سيطلعون على معلومات تمويلية حساسة إذا صادقنا على اتفاقية مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال

وفي يناير الماضي، نظم العسكريون المتقاعدون وقفة أمام البرلمان مطالبين بتحسين رواتبهم في ميزانية العام المقبل وإعادة تنظيم قانون الضرائب المباشرة.

وكشف رئيس مجموعة العمّال في مجلس الشورى الإيراني علي رضا محجوب، أنّ معدل الفقر المدقع في إيران وصل إلى 34 بالمئة، فيما يبدد النظام الإيراني الأموال في دعم وتمويل الميليشيات التابعة له خارج البلاد.

وأشار محجوب في حديثه لصحيفة عصر إيران، إلى أنّ معدل الفقر المدقع ارتفع ضعف ما كان عليه العام قبل الماضي، مبيّنا أن نسبة الفقر المدقع بلغت 17 بالمئة، لترتفع في 2018 إلى 34 بالمئة.

وأوضح أنّ الأشخاص الذين يتلقون مرتبا يعادل أقل من دولارين في اليوم، يصنّفون على أنهم ضمن مستوى الفقر المدقع، بناء على توصيف منظمة العمل التابعة للأمم المتحدة.

وفيما يقبع أكثر من ربع الشعب الإيراني في الفقر المدقع، يصرف النظام الإيراني الأموال بسخاء على ميليشياته في كل من اليمن ولبنان وسوريا، بينما تتسع دائرة الاتهامات بالفساد للدوائر المقرّبة من المرشد آية الله علي خامنئي وعلى رأسها مؤسسة الحرس الثوري.

وصادق البرلمان الإيراني مؤخرا، على مشروع قانون الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، عارضه النواب المحافظون بشدّة.

ويرى متابعون أن معارضة التيار المحافظ لمشروع القانون قبل التصويت عليه لا يمكن قراءته بعيدا عن أنشطة النظام في الخارج، حيث تعتمد طهران على أذرع وميليشيات لتنفيذ أجنداتها الخبيثة في المنطقة. ويمثّل القانون الجديد، إن تمّ الالتزام ببنوده وعدم تركه حبرا على ورق، عقبة أمام دعم الميليشيات في الخارج التي تعتمد كليّا على الدعم المالي الإيراني كجماعة الحوثي في اليمن وحزب الله في لبنان الذي تصنّفه الولايات المتحدة كمجموعة إرهابية

وقبيل التصويت، حذّر وزير الخارجية، محمد جواد ظريف في الكلمة التي ألقاها، من زيادة الولايات المتحدة الأميركية عقوباتها في حال عدم قبول مشروع القانون.

معدل الفقر المدقع في إيران وصل إلى 34 بالمئة، فيما يبدد النظام الإيراني الأموال في دعم وتمويل الميليشيات التابعة له خارج البلاد

وتطرّق ظريف لزيارة رئيس البنك المركزي الإيراني عبدالناصر همتي إلى موسكو، والتي عاد منها برسالة مفادها أنّ روسيا لن تستطيع مساعدة إيران ما لم تنضم إلى الاتفاقية، وكذلك الصين.

وتجمّع النواب المعارضون لانضمام إيران إلى الاتفاقية، أمام مبنى مجلس الشورى (البرلمان) محتجين على تمريره معتبرين ذلك “إهانة للشعب”.

ويعارض الجناح المحافظ في إيران انضمام بلادهم إلى الاتفاقية بحجة أنّ “الأعداء سيطّلعون على معلومات تمويلية حساسة في البلاد”.

ودارت نقاشات حادة في البرلمان الإيراني خلال أوقات سابقة، حول الانضمام إلى الفريق الدولي لوقف تمويل الإرهاب والذي يطلب من الدول الأعضاء إقرار العديد من القوانين لمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال.

ويأمل المسؤولون الإيرانيون أن تساهم المصادقة على قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال في تقريب البلاد من المعايير الدولية وتساعد في استبعادها من قوائم سوداء للاستثمار في ظل إعادة فرض العقوبات الأميركية.

وتكشف التجربة أن إيران إذا ما وافقت على قرار لإظهار “حسن السلوك” في العلن، فإنها تخفي وراءه شيئا ما تقوم به. وأبرز مثال على ذلك مفاوضات الاتفاق النووي، التي استغلتها إيران لتوسيع تواجدها العسكري في سوريا والعراق واليمن، وتطبق خطتها التي عملت عليها منذ ثلاثة عقود لرسم ممر يصلها بشواطئ البحر المتوسط، ويمنحها نفوذا في المنطقة والعالم.

وانسحبت الولايات المتحدة في مايو الماضي من الاتفاق النووي الإيراني وأعادت فرض عقوبات على طهران.

5