سباق شركات البث الرقمي لن يبقي نتفليكس في القمة طويلا

تضع الشركات الرقمية نصب أعينها سحب البساط من شركة نتفليكس في خدمة البث الرقمي التي تحقق الآن نجاحا كبيرا، وسيكون من الصعب على نتفليكس الاحتفاظ بموقعها أمام عمالقة مثل أمازون وأبل.
لندن - حققت الشركة الرائدة في خدمات البث المباشر نتفليكس نجاحاً ساحقاً بعد أن وصل عدد المشتركين في خدمتها إلى 150 مليون مشترك حول العالم. لكن المنافسة تحتدم مع تزايد قدرات خصومها من الشركات ووسائل الإعلام التقليدية ووادي السيليكون، ما يجعل استمرارية التربع على القمة صعبة.
ومن المقرر أن تنضم شركة “ديزني”، بشراكتها مع “مارفيل” و”بيكسار” و”ستار وورز”، إلى السباق من خلال عرض خدمة البث الخاصة بها “ديزني بلاس”.
وتعول المجموعة الترفيهية الأكبر في العالم على تنشيط وتحديث المحتوى الذي تقدمه للمساعدة في اللحاق بالركب وتحقيق النجاح وإن كان متأخرا بعض الشيء.
كما تقوم شركة “وارنر ميديا” التي تمتلكها مؤسسة “أي.تي أند تي” بإعداد خدمة تشمل محتوى من “اتش.بي.أو”، و”ترنر” و”وارنر بروز فيلم ستوديو”.
80 بالمئة من المشتركين الجدد لنتفليكس هم من خارج الولايات المتحدة
لكن لم تكن “وارنر ميديا” مقنعة مثل “ديزني” في سحب المبادرة من نتفليكس، غير أن استعداد نتفليكس لدفع 100 مليون دولار (78 مليون جنيه استرليني) من أجل تمديد مدة عرض مسلسل “فريندز” لمدة عام آخر يبرز حجم المنافسة على المحتوى والمشكلات التي يمكن أن تواجهها نتفليكس إذا قامت شركات الإعلام الأخرى بإعادة تقييم استراتيجيات المحتوى الخاصة بها. فقد سبق لشركة نتفليكس أن دفعت 30 مليون دولار في السنة لمسلسل “فريندز”، ما يعتبر واحداً من أكبر نجاحاتها على مستوى العالم.
وقال ريتشارد بروتون -وهو محلل في شركة “أمبير أناليسيز”- “تواجه نتفليكس منافسة متزايدة من بعض موردي المحتوى السابقين. حيث على الرغم من تركيزها الكبير على بث المحتوى الأصلي، إلا أن الشركة لا تزال تعتمد بشكل كبير على بث المحتوى المرخص للمشتركين والذي ينطوي على بعض المخاطر”.
وتقدر مؤسسة “أمبير” أن المحتوى الأصلي لنتفليكس في الولايات المتحدة لا يشكل سوى حوالي 8 بالمئة من عدد ساعات المحتوى المتاح في مكتبتها الضخمة، و9 بالمئة في المملكة المتحدة. وتم تصنيف 5 بالمئة أخرى من الساعات على أنها أصلية بواسطة نتفليكس لأنها تحظى بالسبق في بثها أولاً، ولكن يتم الحصول على هذه الساعات بشكل فعلي من موردي المحتوى، مثل “ستار تريك: ديسكوفري”.
ويقول بروتون “لا تشكل أي مجموعة من مجموعات استوديوهات هوليوود بشكل كبير نسبة كبيرة من كتالوغ نتفليكس، ربما 4 بالمئة أو 5 بالمئة من إجمالي الساعات. وإذا سحبت واحدة -أو اثنتان- من هذه الشركات المحتوى الخاص بها، فيمكن لـنتفليكس بسهولة أن تسد هذه الفجوة. ولكن إذا احتدمت المنافسة بين الشركات في السوق، فسيصبح الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لـنتفليكس”.
وتواجه نتفليكس بالفعل منافسة شرسة مع خدمة البث الخاصة بـأمازون، “برايم فيديو” الذي هو منافس عالمي له خطط طموحة بما في ذلك التفرد بالعرض الحصري لفيلم “لورد أوف ذا رينغز”. وكنتيجة لذلك، رفعت نتفليكس ميزانية المحتوى بنسبة 50 بالمئة، من 8 مليارات دولار إلى 12 مليارات دولار، بعدما أعلنت أمازون أنها ستنفق 5 مليارات دولار هذا العام. وعلى الرغم من ذلك، يمكن لأمازون أن تفوق منافسيها بسهولة؛ حيث تبلغ قيمتها السوقية ست مرات أكبر من قيمة نتفليكس، و4.5 مرة ضعف حجم “ديزني”.
وتشعر نتفليكس أيضاً بالقلق تجاه أبل، التي يتوقع أن تطلق خدمة البث الخاصة بها هذا العام. كما يكلف سباق المحتوى الشرس نتفليكس الكثير، حيث تتوقع الشركة تحقيق فارق نقدي سلبي يبلغ 3 مليارات دولار -4 مليارات دولار هذا العام- وهذا يعني أن المبلغ الذي تنفقه الشركة على المحتوى والتسويق وغيرهما في عام 2018 سوف يتجاوز ما تكسبه الشركة من المشتركين بما لا يقل عن 3 مليارات دولار.
وتواصل نتفليكس مراكمة الديون من أجل زيادة الأموال التي تحتاج إليها لمواصلة تغذية محتوى الأفلام والتلفزيون الموجّه إلى المشاهدين والمشتركين، إذ بلغ صافي دين الشركة 8.34 مليار دولار في نهاية شهر سبتمبر، ليسجل ارتفاعاً بنسبة تصل إلى أكثر من 70 بالمئة على أساس سنوي.
وبنت نتفليكس سمعتها وجمهورها كذلك من الأعمال الدرامية باهظة الثمن، مثل المسلسل الدرامي “ذا كراون”. ولكن الشركة الآن بدأت تركّز على إنجاز عروض أرخص، وأكثر شعبية، وغير مقيدة، على غرار انتشار برنامج تلفزيون الواقع “ذا سيركيل” على “تشانيل فور” في أسواق متعددة، حيث قام ريد هاستينغز، الرئيس التنفيذي لشركة نتفليكس، بتسليط الضوء على قيمة هذا الاتجاه.
ويقول لوكاس غرين رئيس قسم المحتوى في مؤسسة “بانيجاي غروب” -وهي الشركة المنتجة لبعض البرامج التلفزيونية مثل “سيرفايفور”، و”تمبتيشن آيلاند”، و”وايف سواب”- “تعتبر برامج التلفزيون الارتجالية دائمًا قطاعًا مربحًا بشكل كبير؛ فقد تصدرت هذه النوعية من البرامج والدراما دائماً العناوين الرئيسية في الصحف. ومع ذلك فإن ألعاب الفيديو والمسابقات وبرامج تلفزيون الواقع وبرامج المواعدة والطبخ وعروض المواهب يمكن استرجاعها بكل سهولة، وهي أسرع من حيث الإنتاج، وأكثر فعالية من حيث التكلفة، وبالتالي تنطوي على مخاطر أقل”.
وتواجه نتفليكس أيضًا ضغوطًا خارج الولايات المتحدة، إذ تقترب الشركات في هذه المناطق بشكل متزايد من قوة ونفوذ نتفليكس. حيث أن أكثر من 80 بالمئة من المشتركين الجدد الذين أضافتهم نتفليكس في الربع الثالث من هذا العام هم من خارج الولايات المتحدة.
وكانت الشركة متفائلة للغاية بشأن توسيع أفقها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ولا سيما الهند. ولكن ارتفاع سعر نتفليكس يجعلها خدمة متميزة مقارنة بخدمات التلفزيون المدفوع في العديد من هذه الأسواق الجديدة، وقد تضطر نتفليكس إلى خفض الأسعار الخاصة بها، مما يعني أنها ستحتاج إلى المزيد من المشتركين.
ولكن أي منافس سيمثل أكبر تهديد لنتفليكس؟ يعتقد بروتون أن هذا المنافس هو شركة أمازون، “إذا كان عليّ أن أضع نقودي في مكان ما، فستكون أمازون أول شيء أفكر فيه. ستحتاج الشركات الجديدة الأخرى مثل ’ديزني’ و’وارنر ميديا’ إلى الكثير من الوقت والكثير من خطط التسويق لتحقيق الانتشار في المنازل.
وسيتجهون بالطبع إلى أمازون من أجل السعي إلى طلب ترخيص المحتوى الخاص بهم، ولا سيما أن كتالوغها يعد الأكبر حتى الآن، حتى لو كان الكثير من هذا المحتوى قديماً جداً. هذا بالإضافة إلى أن أمازون بدأت تبحث الآن عن امتلاك الحق الحصري في بث البرامج الرياضية وغيرها من المجالات الأخرى”.