من يريد إخراج التونسيين إلى الشوارع عبر فيسبوك

أحدثت حملة فيسبوكية تحمل اسم “السترات الحمراء” تحشد للنزول إلى الشوارع للاحتجاج، خلافات كبرى داخل الرأي العام التونسي، خاصة أن الداعين إلى ارتداء “السترات الحمراء” مجهولون إلى حد الآن، بالرغم من كثرة المتعاطفين معهم.
تونس - ظهرت على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك في تونس حملة تطالب بالنزول إلى الشوارع التونسية، وارتداء “السترات الحمراء” للاحتجاج على تأزّم الوضع الاقتصادي، مستلهمة فكرة احتجاجات أصحاب “السترات الصفراء” في فرنسا.
وأطلق القائمون على هذه الحملة صفحة على موقع فيسبوك، سمّوها “السترات الحمراء” (les Gilets rouges)، ورفعت هذه الصفحة شعار “تونس غاضبة” (#La Tunisie En Colère)، وحظيت بمتابعة الآلاف من التونسيين.
وأثارت الحركة جدلا واسعا في تونس:
ووصفها معلقون بأنها “تقليد أعمى” و”حركة انقلابية على صناديق الشعب واختياراته”. وقال معلق:
bassem mabrouk
الشعب في حاجة لمن يقدم له الوعي وليس لمن يحرّضه. والدعوة إلى الفوضى وقد تبَقّى أقل من عام على الانتخابات.. هذه حركة مشبوهة.
ومن جانبها شرحت صفحة “السترات الحمراء” سبب دعوتها للنزول إلى الشوارع، مؤكدة ارتفاع نسبة البطالة إلى 15.5 بالمئة.
وتؤكد أن قرابة المليون و700 ألف تونسي يعيشون تحت خط الفقر. كما ارتفع سعر صرف اليورو الذي يساوي 3.4 مقارنة بالدينار بعد أن كان اليورو يساو 1.8 دينار عام 2011. كما زادت نسبة المديونية في نفس الفترة (2011-2018) 264 بالمئة. كما وصلت نسبة التضخم إلى 7.5 بالمئة بعد أن كانت 3.5 بالمئة عام 2011. وأضافت الصفحة:
Gilets Rouges TN
علاش (لماذا) اللون الأحمر؟
إذا كان الفرنسيون بتلك الرفاهية التي يعيشونها مقارنة بالشعب التونسي قد رفعوا اللون الأصفر، فنحن سنرفع اللون الأحمر.
اللون الأحمر: لأن الوضع خطير والمؤشرات كلها، الاقتصادية والاجتماعية، حمراء.
الأحمر: لون الإصرار والعزيمة ولون العلم الغالي الذي نفتديه بأرواحنا.
وكتب مغلق على فيسبوك متوجها للقائمين على الحملة:
Med Salah Riahi
“بربي لا تتركوا أيا من السياسيين يدخل ويسيّس هذا الحراك.. إنها آخر فرصة لينا كشباب وكمواطنين توانسة. عيشكم”.
وقالت معلقة:
Souad Hammemi
“ماذا نزول إلى الشارع وسترات حمراء؟ يا صاحب الصفحة أنت تساهم في الفوضى وتحقق أحلام الانتهازيين السرّاق المعروفين.. إذا أردت أن تحتج اعمل على توقيف بارونة الاتحاد الذي خرّب البلاد والجبهة الشلغومية اللي تبث في الفوضى وكعبات النداء الفاسدين”.
وكتب معلق آخر:
Hedy Ali
الثورة تنشأ في محيطها ولا تستورد.. وفرنسا ليست قدوة لنا، الأفكار والنضالات لا يسرقها إلا طمّاع سخيف غايته الركوب على الأحداث والمتاجرة بمآلها لاحقا، وهنا أحذّر التونسيين!
وقال معلق:
Rachid Riahi Riahi
حذار من برنامج السترات الحمراء.
أكثر من 10 آلاف سترة حمراء وفّرها نبيل القروي لإدخال البلاد في الفوضى ومستنقع الحرب الأهلية.
وكانت “أخبار” لم تتثبّت “العرب” من صحتها قد أكدت أن “نبيل القروي صاحب قناة نسمة الخاصة والقيادي بحزب نداء تونس هو من يقف وراء الترويج لاحتجاجات السترات الحمراء”.
ومن جانبه، قرّر القروي مقاضاة الأطراف التي روجت إشاعة دعمه لحملة احتجاجات عنوانها “السترات الحمراء”.
وأكد القروي في بيان أن ما تم ترويجه “لا أساس له من الصحة ولا يتعدى سوى ادعاءات كاذبة واتهامات مغرضة وشيطنة لا يعرف أسبابها إلا من هم وراء هؤلاء ومموّليهم وأصحاب القرار لديهم”. وأضاف أنّ مثل هذه الحملات “المغرضة بقصد التشويه امتهنها البعض ممن تؤجرهم أطراف حزبية وسياسية (..) أمّا ما يشدّ الانتباه هذه المرّة فهو خطورة الادعاء واختيار هذا التوقيت الذي تشتعل فيه أوروبا”.
وقال الناشط نجيب الدزيري:
Najib Dziri
التاريخ يعيد نفسه في شكل مهزلة:
يشوهوننا اليوم، كما الأمس بنفس الطريقة والأسلوب وبنفس الوجوه والأبواق المأجورة، كما شوّهونا وشوهوا شباب تونس في ثورة ديسمبر يناير 2011، ليتم نسب حركة “السترات الحمراء” إلى أكثر من جهة. من حق الشباب أن يحتج، وأن يبدع في احتجاجاته كما شاء وشاء الوطن.
واعتبر ناشط آخر:
Mohamed Ben Ismaïl
“السترات الحمراء”، حراك مصطنع تعدُّ له أطراف لم تستطع ردّ يوسف الشاهد إلى حظيرة الباجي وابنه حافظ، فبدأت تخطّط لانتفاضة ظاهرها اجتماعي ولكن بمضمون ندائي يساري بجبوجي.
وقال معلق:
Mou Gass Gass
أنا ضد السترات الحمراء.. أنا مع الشاشية التونسية، عصفوران بحجر واحد، “تحريك السوق العربي” و”زعزعة العملاء والخونة”.. أنا ضد تقليد فرنسا.
من جانبه، يرى المحلل السياسي التونسي نزار مقني “أن الحشد لحملة على غرار ما حدث في فرنسا لن يكون له أي طائل، خاصة وأن الفوارق شاسعة بين المطالب التي طرحت في فرنسا وبين ما يطرح في تونس من شعارات أولا، ولأن حملة السترات الصفراء كانت حركة عفوية وتطورت سريعا وكانت أهدافها اجتماعية واقتصادية، فيما الموجود إلى اليوم من تعبئة وحشد في فيسبوك في تونس يعتمد شعارات وأهدافا واضحة وهي سياسية بالأساس تهدف إلى الإطاحة بالحكومة ثانيا”.
ويضيف في تصريحات لـ”العرب”، “أعتقد أنه لا يمكن الحديث عن تأثير ديمينو (نظرية في العلوم السياسية) بانتقال المشهدية الفرنسية المطلبية إلى تونس، لأن هناك العديد من الاختلافات إذ لا يمكن الحديث عن هذا التأثير إلا إذا كان المجتمعون محل مقارنة قريبة، فتونس ديمقراطية ناشئة وفرنسا ديمقراطية عتيقة”.