التأثير الأميركي على الاحتجاجات الفرنسية "تضليل" روسي

موسكو - أوجد الإعلام الروسي صلة مزعومة بين احتجاجات حركة “السترات الصفراء” في فرنسا، وأياد أميركية ترغب في معاقبة الرئيس الفرنسي، وتولى صحافيون وكتاب روس مهمة التحليل والربط السياسي، في غياب أدلة أو تقارير حقيقية عن هذه الصلة.
واستفاضت وسائل الإعلام الروسية كما هو الحال بالنسبة لوسائل إعلام عربية عديدة، باستغلال الحدث الفرنسي لتمرير رسائل سياسية تصب في صالح أنظمتها، وفي الحالة الروسية بدت الفرصة سانحة لانتقاد الدول الغربية، وتوسيع الهوة مع الولايات المتحدة من بوابة الإعلام رغم أنه يخضع لرقابة السلطات الروسية ويدور في فلكها.
وقارنت عدة وسائل إعلام رسمية روسية التظاهرات العنيفة التي قامت بها حركة “السترات الصفراء” في فرنسا بعدة “ثورات” شهدتها جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق في السنوات الماضية معتبرة أن الولايات المتحدة لها دور فيها لأنها تريد معاقبة الرئيس الفرنسي.
وكتبت صحيفة روسيسكايا غازيتا الرسمية في مقالة طويلة حول أعمال العنف التي هزت باريس وعدة مدن فرنسية أن “إضعاف ماكرون، وصولا إلى حصول فرصة لاستقالته، يصب في مصلحة الرئيس الأميركي دونالد ترامب”.
وأضافت الصحيفة الحكومية الروسية “يكفي التذكير بأن رئيس الجمهورية الخامسة أعلن نفسه في الآونة الأخيرة زعيما للاتحاد الأوروبي مدافعا عن فكرة إنشاء جيش أوروبي مستقل عن الولايات المتحدة ودافع بشدة عن الاتفاق النووي الإيراني”.
ورأت الصحيفة أن هذه الأسباب تكفي لربط حركة “السترات الصفراء” “بالثورات التي اتخذ كل منها شعارا بلون معين” والتي أخرجت أوكرانيا وجورجيا من الفلك الروسي بدعم، بحسب ما تقول موسكو، من الولايات المتحدة أو الغربيين.
وبحسب روسيسكايا غازيتا، هناك الكثير من أوجه الشبه بين الحالتين: “خلق حركة احتجاج مصطنعة تنظم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاهد مسرحية بهدف الإثبات للمجتمع رغبة الشعب المزعومة”.
وحذرت الصحيفة أخيرا من “انتصار السترات الصفراء، لأنه سيعزز بقوة الموقف الأميركي في أوروبا عبر الإثبات بوضوح للقادة الأوروبيين أن معارضة ترامب، أو حتى أن يكونوا على خلاف معه، أمر محفوف بالمخاطر”.
وفي مقالة نشرت الاثنين، اعتبرت كاتبة في وكالة ريا نوفوستي العامة للأنباء أن الحجج بأن الولايات المتحدة لها دور في الحركة الاحتجاجية “مقنعة جدا”.
وكان المقدم المعروف في شبكة “روسيا1-” ديمتري كيسيليف بدأ الحديث عن هذا الأمر في برنامجه الأحد معتبرا أنه من المستحيل أن تكون “زيادة طفيفة في أسعار الوقود وراء مشاهد نهب وتعبئة للشرطة وتصاعد الدخان وإطلاق نار ودماء وسحب الغاز المسيل للدموع”.
وقال “الذريعة غير متكافئة على الإطلاق”، مضيفا “هذا الأمر يشبه تصدير أميركا لثورة ذات شعار بلون، وكل هذا لأن الرئيس ماكرون تحدث عن ضرورة تشكيل جيش أوروبي”.
لكن الكرملين لا يستطيع افتراض هذه الصلات والمضي قدما مع إعلامه في ظل عدم وجود تقارير رسمية تؤكد ما يدعيه، فالتزم الاعتدال وصرح بأنه “لا يرى” أي تأثير للولايات المتحدة على حركة “السترات الصفراء”.
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف “إنها قضية داخلية في فرنسا. بالنسبة إلينا من المهم ألا تتسبب هذه الاضطرابات في سقوط ضحايا أو جرحى، وخصوصا من المواطنين الروس”.
ويلتزم الإعلام الروسي بنهج تحريري ثابت موال للكرملين، وتشكل شبكة “روسيا اليوم” بمكاتبها وقنواتها متعددة اللغات حول العالم مع وكالة “سبوتنيك” أذرعا إعلامية تنتقد بشكل متواصل السياسات الغربية، وكثيرا ما أزعجت السياسيين وبشكل خاص الرئيس الفرنسي الذي اتهمها ببث الأخبار المضللة والدعاية السياسية المناوئة إبان الانتخابات الرئاسية الفرنسية السابقة.