جلب طالبان إلى مفاوضات السلام شرط ترامب لدعم باكستان

إسلام آباد – أعلن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، أنه تلقى رسالة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاثنين، يطلب فيها مساعدة إسلام آباد في إقناع حركة طالبان بالانخراط في عملية السلام بأفغانستان، فيما يشير محللون إلى أن الإدارة الأميركية قد تكون عرضت استئناف مساعداتها المجمدة لباكستان مقابل دعم مساعي مبعوثها للسلام في أفغانستان زلماي خليل زاده.
ويرى مراقبون أن الطلب الأميركي يعزز قناعات واشنطن بقوة التأثير الذي تملكه إسلام آباد على حركة طالبان، حيث اتهم الرئيس الأميركي مرارا باكستان بتوفير ملاذ آمن لمقاتلي الحركة المتشددة التي تقود جزءا كبيرا من عملياتها في أفغانستان انطلاقا من الحدود الباكستانية.
و تتزامن الدعوة الأميركية مع تعثر اقتصادي غير مسبوق في باكستان، حيث يسعى رئيس الوزراء عمران خان إلى استجلاب أموال لحلحلة الأوضاع، فيما لم تثمر جهود جولته الخارجية التي قادته إلى الصين أي نتائج تذكر سوى بعض التعهدات.
ولم يستبعد متابعون للشأن الباكستاني أن تكون واشنطن قد طلبت من حكومة إسلام آباد الانخراط في دعم عملية السلام الأفغانية مقابل استئناف المساعدات الأميركية المجمدة مما يعبد الطريق أمامها للحصول على حزمة مساعدات دولية تنعش اقتصادها المتعثر.
وقال خان خلال اجتماع مع صحافيين، إن “ترامب طلب في الرسالة أن تلعب باكستان دورا في محادثات السلام الرامية إلى إنهاء الصراع في أفغانستان”، مضيفا أن ترامب “طلب أيضا مساعدة باكستان في جلب قادة حركة طالبان إلى طاولة التفاوض” ولم يكشف عن المزيد من التفاصيل.
والشهر الماضي، قال ترامب في مقابلة تلفزيونية إن “باكستان لا تفعل أي شيء للولايات المتحدة على الرغم من تلقيها مساعدات أميركية بمليارات الدولارات”، مضيفا أن “إسلام آباد كانت على علم بمكان زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن”، قبل أن تقتله القوات الأميركية في مداهمة بباكستان عام 2011.
ورد خان حينها بتغريدة وجه فيها حديثه إلى ترامب قائلا “لا تجعلوا باكستان كبش فداء لفشلكم في أفغانستان”. ولطالما اتهم المسؤولون الأميركيون الاستخبارات العسكرية الباكستانية، بإيواء مسلحي طالبان على أراضيها، وهو ما تنفيه إسلام آباد.
وتوترت العلاقات بالفعل بين الولايات المتحدة وباكستان وشهدت تدهورا منذ مطلع العام بعدما اتهم ترامب البلاد بخداع واشنطن في الحملة العالمية ضد الإرهاب.
ويأتي التحرك الأميركي في وقت بدأ فيه المبعوث الأميركي للسلام زلماي خليل زاده جولة في المنطقة تستمر ثلاثة أسابيع يزور خلالها العديد من الدول، من بينها باكستان، في مسعى للتوصل إلى تسوية سياسية للصراع الذي مزق البلاد.
وأوضحت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن جولة خليل زاده تشمل كلا من باكستان وأفغانستان وروسيا وأوزباكستان وتركمانستان وبلجيكا والإمارات وقطر.
وجاء في البيان أن المبعوث الأميركي “سيلتقي خلال الجولة بمسؤولين من الحكومة الأفغانية ومن الأطراف المعنية الأخرى (دون تحديدها) لدعم وتسهيل عملية شاملة للسلام وتمكين الشعب الأفغاني من تقرير مصير البلاد”.
وذكر أن “خليل زاده سيكون على اتصال مع الرئيس الأفغاني أشرف غني، والرئيس التنفيذي للبلاد عبدالله عبدالله وغيرهم من أصحاب المصلحة الأفغان لتنسيق الجهود المبذولة لجلب طالبان إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة”.
ونقل البيان عن خليل زاده قوله “يجب أن يكون لكل الأفغان الكلمة في تهيئة الأجواء لسلام دائم بالبلاد، ولا تزال الولايات المتحدة ملتزمة بدعم رغبة الشعب الأفغاني”.
وقال “إن التسوية السياسية بين الحكومة الأفغانية وطالبان هي التي تضمن ألا تعود أفغانستان مجددا أرضا رحبة للإرهاب الدولي”.
والشهر الماضي، أجرى خليل زاده محادثات استمرت 3 أيام مع ممثلين بارزين في حركة طالبان في قطر، حيث يوجد لدى الحركة الأفغانية مكتب سياسي. وقال مسؤول في طالبان لرويترز، طلب عدم الكشف عن هويته، إن المباحثات “هدفت إلى تجديد عملية السلام وإنهاء أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في أفغانستان منذ 17 عاما”.
ومنذ سنوات، يقاتل مسلحو حركة طالبان القوات الحكومية الأفغانية والقوات الدولية، بقيادة الولايات المتحدة؛ ما أسقط قتلى وجرحى وتسبب في موجات نزوح.
وفي 2001، قادت واشنطن قوات دولية أسقطت نظام حكم طالبان، بتهمة إيواء تنظيم القاعدة، الذي تبنى هجمات 11 سبتمبر من ذلك العام، على الولايات المتحدة؛ ما أسقط نحو 3 آلاف قتيل.
وتجري حاليا جهود دولية لمحاولة إقناع الحكومة الأفغانية وطالبان بالجلوس على طاولة التفاوض بهدف نزع فتيل الصراع، فيما ترفض الحركة المتشددة الدخول في أي حوار مع حكومة كابول التي تصفها بـ”العميلة”.
وتشهد أفغانستان مواجهات شبه يومية بين عناصر الأمن والجيش الأفغاني من جهة، ومقاتلي طالبان من جهة أخرى، تسفر عن سقوط قتلى من الطرفين، فضلا عن عمليات جوية تنفذها الطائرات الأفغانية.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية، في وقت سابق هذا العام، أن الولايات المتحدة عرضت على باكستان اتخاذ إجراءات ملموسة لإعادة العمل بالمساعدة الأمنية التي علقت واشنطن العمل بها.
وقال الكولونيل روب مانينغ، المتحدث باسم البنتاغون، “إن ما نريده بسيط جدا، يجب ألا يجد قادة طلبان وحقاني الذين يخططون لارتكاب اعتداءات، ملجأ لهم في باكستان، أو أن يتمكنوا من شن عمليات انطلاقا من الأراضي الباكستانية”.
وأضاف المتحدث أن “الولايات المتحدة شرحت لباكستان الإجراءات المحددة والملموسة التي يمكن أن تتخذها بهذا الصدد”، مشيرا إلى أن المساعدات “علقت ولم تلغ أو تنقل” إلى مشاريع أخرى.