تصاعد زخم مبادرة العاهل المغربي للحوار مع الجزائر

نيويورك – ضاعف دعم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بالإضافة إلى تصريحات وزير الخارجية التونسي، الزخم الذي لاقته مبادرة العاهل المغربي الملك محمد السادس للحوار مع الجزائر.
وقال ستيفان دوغريك، المتحدث باسم أنطونيو غوتيريش، إن الأخير يدعم الحوار بين الجزائر والمغرب. جاء ذلك في تصريحات له بمؤتمر صحافي عقده في المقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك.
وكان دوغريك يرد على أسئلة الصحافيين بشأن تقارير إعلامية أفادت بتزايد حدة التوتر بين البلدين، على خلفية قضية إقليم الصحراء المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو.
وقال دوغريك “لقد كنا دائما داعمين للغاية للحوار المتزايد بين الجزائر والمغرب، اللذين تعتبر علاقتهما مهمة جدا للمنطقة”. وفي 6 نوفمبر الجاري، دعا العاهل المغربي الجزائر إلى إنشاء لجنة مشتركة لبحث الملفات الخلافية العالقة، بما فيها الحدود المغلقة.
وربط الملك محمد السادس خلال خطابه بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بمسار التنمية السياسية، وتحدث عن أهمية البعد المغاربي في مقاربة السياسة الخارجية لبلاده.
وأكد أن “واقع التفرقة والانشقاق داخل الفضاء المغاربي، في تناقض صارخ وغير معقول مع ما يجمع شعوبنا من أواصر الأخوة، ووحدة الدين واللغة، والتاريخ والمصير المشترك”.
وشدد في المقابل على أن “هذا الواقع لا يتماشى مع الطموح الذي كان يحفز جيل التحرير والاستقلال على تحقيق الوحدة المغاربية”، ليؤكد بلغة واضحة أن “مصالح شعوبنا هي في الوحدة والتكامل والاندماج، دون الحاجة إلى طرف ثالث للتدخل أو الوساطة بيننا”.
وأشاع هذا التأكيد تفاؤلا بإمكانية تجاوز حالة الجمود التي تحيط بالعمل المغاربي المشترك، لكن الصمت الجزائري حيال المبادرة الذي اعتبر بمثابة رفض ضمني، بدد الآمال.
والاثنين، دعا المغرب الجزائر إلى الإعلان رسميا عن ردها على المبادرة الملكية لإحداث لجنة سياسية مشتركة للحوار.
الاهتمام المتصاعد بمبادرة العاهل المغربي، يؤكد أن محاولة الجزائر لتعويمها في إطار مؤسساتي مغاربي باءت بالفشل
وجاء ذلك خلال مباحثات جرت بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة، بمقر الوزارة، مع سفير الجزائر بالرباط.
وذكر بلاغ صادر عن وزارة الخارجية المغربية “يأتي هذا اللقاء بعد عدة مبادرات، رسمية وغير رسمية، تم القيام بها، دون جدوى، على مدى عشرة أيام، قصد ربط الاتصال مع السلطات الجزائرية على مستوى وزاري”.
وجاء موقف الرباط عقب دعوة وجهتها الجزائر الأسبوع الماضي، إلى عقد دورة طارئة لدول اتحاد المغرب العربي، وهو ما اعتبر محاولة لتشتيت الانتباه عن مبادرة المغرب، وإفراغها من محتواها.
وأوضح بيان صادر عن الخارجية الجزائرية أن البلاد طلبت رسميًا من الأمين العام للاتحاد، الطيب البكوش، عقد اجتماع لمجلس وزراء الخارجية المغاربة في أقرب وقت. وأضاف أن وزراء خارجية الدول الأعضاء أُبلغت بهذا الطلب.
وشدد على أن المبادرة تندرج في إطار “القناعة الراسخة” لدى الجزائر بضرورة دفع مسار “الصرح المغاربي” وبعث مؤسساته.
واعتبر مراقبون أن الخطوة الجزائرية تهدف إلى تعويم مبادرة المملكة في إطار مؤسساتي مغاربي، مما يمكن قصر المرداية من هامش مناورة دبلوماسية للالتفاف حول الزخم الدبلوماسي والسياسي، الذي ما زالت مبادرة الرباط تراكمه إقليميا ودوليا، ومحاولة تهريب شأن ثنائي يهم أساسا البلدين الجارين، وإدراجه ضمن منظومة مؤسساتية مغاربية.
وأكّد وزير الشؤون الخارجية التونسي خميس الجهيناوي أنّ بلاده ”تتابع جهوداً خاصة مع الجزائر والمغرب، من أجل إغلاق ملف الخلافات الثنائية العربية والإقليمية، وبينها الخلاف الجزائري المغربي.
جاء ذلك في تدوينة نشرها الجهيناوي على صفحته الرسمية بموقع الفيسبوك.
وأضاف أنّ “تونس اقترحت تواريخ محددة لتنظيم لقاء تشاوري مغلق، بعيداً عن الأضواء، بين وزراء خارجية الدول المغاربية الخمس لدعم جهود تفعيل مؤسسات الاتحاد المغاربي.”
وتابع “أعتقد أن مبادرة الملك محمد السادس، وتصريحات الأشقاء في الجزائر، وتحركات الدبلوماسية المغاربية يمكن أن تساهم في تفعيل العلاقات المغاربية المغاربية، ثنائياً وجماعياً، وفي طيّ صفحة الخلافات القديمة بين الشقيقتين جمهورية الجزائر والمملكة المغربية”.
ويؤكد هذا الزخم المتصاعد بشأن مبادرة العاهل المغربي، أن محاولة الجزائر لتعويم المبادرة باءت بالفشل. وأُعلن عن تشكيل الاتحاد عام 1989 ويضم إلى جانب الجزائر كلًا من ليبيا وتونس والمغرب وموريتانيا.
إلا أن خلافات بينية، خصوصًا بين الجزائر والرباط، تسببت في تجمد عمل المنظمة الإقليمية، إذ لم تعقد أي قمة على مستوى القادة منذ عام 1994.