السعودية تقود السباق إلى حصص أسواق النفط قبل ساعة الصفر

لندن – كشفت مصادر مطلعة أن روسيا أصبحت على قناعة متزايدة بالحاجة إلى خفض إنتاج النفط بالتعاون مع منظمة أوبك، وأنها بدأت الحوار مع السعودية، أكبر مصدر في العالم بشأن موعد أي خفض محتمل وحجمه.
وعقدت وزارة الطاقة الروسية هذا الأسبوع اجتماعا مع رؤساء الشركات الروسية المنتجة للنفط قبيل اجتماع أوبك وحلفائها في فيينا يومي الخميس والجمعة المقبلين.
وقال مصدر مطلع إن هناك إجماعا في موسكو على خفض الإنتاج، لكنه لا ينبغي أن يكون فوريا “بل يحتاج الأمر إلى عملية تدريجية مثل المرة الماضية”.
في هذه الأثناء تتجه السعودية لزيادة حصتها السوقية في الصين هذا العام للمرة الأولى منذ 2012، مع ارتفاع الطلب من شركات تكرير صينية جديدة، في منافسة مباشرة مع روسيا على صدارة موردي أكبر مشتر للنفط في العالم.
ويتسابق منتجون آخرون على تعزيز حصصهم في الأسواق رغم تزايد الحاجة إلى خفض الإنتاج بعد تراجع سعر خام برنت دون 60 دولارا للبرميل رغم انحسار الإمدادات الإيرانية، لتفقد الأسعار أكثر من 26 دولارا من ذروتها قبل نحو شهرين.
وقالت أرامكو السعودية الأسبوع الماضي إنها ستوقع خمسة اتفاقات لتوريد الخام مع المشترين الصينيين ليصل حجم إجمالي عقودها مع الصين في العام المقبل إلى 1.67 مليون برميل يوميا.
ورجحت باولا رودريغز ماسيو المحللة لدى ريستاد إنرجي أن “السعودية قد تنتزع من روسيا صدارة أكبر موردي الخام للصين في ضوء اتفاقات توريد النفط المبرمة في الآونة الأخيرة واحتمال زيادة طاقة المصافي الصينية”.
وقد عززت السعودية حضورها بالفعل هذا العام بشكل كبير، فقد استوردت الصين حوالي 1.04 مليون برميل يوميا من الخام السعودي في الأشهر العشرة الأولى هذا العام لتستأثر بنحو 11.5 بالمئة من إجمالي وارداتها، وفق بيانات الجمارك الصينية.
ويقول محللو ريستاد إنرجي ورفينيتيف إن الحصة السوقية للسعودية في الصين قد تقفز إلى قرابة 17 بالمئة العام القادم، إذا طلب المشترون كامل الكميات المتعاقد عليها، في حين قد يتباطأ نمو إمدادات النفط الروسي إلى الصين.
وتترقب أسواق النفط العالمية بقلق اجتماع أوبك لاستيضاح وضع الإمدادات في المستقبل مع انقشاع الغبار بعد اضطراب شامل في أسواق الخام على مدى الأسابيع القليلة الماضية.
ولا تتوفر سوى مؤشرات قليلة بشأن إمكانية خفض الإنتاج في ظل غموض مستقبل الاعفاءات التي قدمتها واشنطن لثمانية مشترين للنفط الإيراني.
ويرى العديد من المحللين أن المطالب الأميركية بزيادة الإمدادات في الأسواق العالمية قد تتراجع بسبب تراجع الأسعار بنحو 30 بالمئة خلال الأسابيع الخمسة الماضية، الأمر الذي يسمح لأوبك وحلفائها بمناقشة خفض الإنتاج لمنع عودة ارتفاع الفائض في الأسواق واحتمال انهيار الأسعار مرة أخرى مثلما حدث قبل 4 سنوات.
ويتوقع متعاملون في السوق أن تخفض أوبك الإنتاج في اجتماعها الأسبوع المقبل بنحو 1.4 مليون برميل يوميا، لكن ليسوا على ثقة بعد أن تبددت تكهناتهم بارتفاع الأسعار إلى 100 دولار بعد فرض العقوبات الأميركية على صادرات النفط الإيرانية.
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أمس إن السعودية لن تخفض إنتاج النفط وحدها. وأشار إلى أن أعضاء أوبك حريصون على إعادة الاستقرار إلى أسواق النفط، وإلى وجود بوادر إيجابية من العراق ونيجيريا وليبيا.
ويرى غريغ شاريناو مدير محفظة بيمكو أن “الحصول على قدر من الوضوح بشأن نوايا السعودية وأوبك… سيكون له أثر كبير في مساعدة السوق على الأداء بشكل أفضل”. وحذر من أن أسعار النفط قد تتراجع إلى 40 دولارا للبرميل إذا لم تتوصل منظمة أوبك وحلفاؤها إلى اتفاق لخفض الإنتاج.
ورغم وجود إشارات كثيرة من السعودية ودول أخرى في أوبك إلا أنها متباينة ولا تعطي دليلا حاسما على بوصلة الاجتماع المقبل، خاصة بعد زيادة متوسط إنتاج السعودية إلى أكثر من 11 مليون برميل يوميا في نوفمبر.
كما تزداد الصورة تعقيدا في ظل تنامي تأثير روسيا، التي ارتفع إنتاجها إلى أعلى مستوى لها لما بعد الحقبة السوفيتية، إضافة إلى تأثير الولايات المتحدة، التي تنتج حاليا عند مستوى قياسي يبلغ 11.7 مليون برميل يوميا.
وارتبكت تكهنات المنتجين بشأن حاجة الأسواق العالمية بعد الإعفاءات الأميركية المفاجئة، التي أعادت دولا مثل اليابان وكوريا الجنوبية إلى شراء النفط الإيراني بعد إيقافها قبل سريان العقوبات الاقتصادية على طهران في مطلع الشهر الجاري.
كما دفعت دولا أخر مثل الهند إلى زيادة مشترياتها من إيران.
ويشير محللون إلى تعرض الكثير من صناديق تداول السلع الأولية لأضرار كبيرة بسبب رهانها على ارتفاع الأسعار بعد الإعفاءات الأميركية المناقضة لمواقف الولايات المتحدة المعلنة، في ظل وفرة الإمدادات البديلة في الأسواق.
ولا تزال هناك رهانات على ارتفاع الأسعار إلى 80 دولارا للبرميل رغم شكوك البعض في وصلها إلى ذلك المستوى. وقال شون رينولدز مدير محفظة صندوق فان إيك غلوبال إنه “بقدر ما كان التراجع حادا، أعتقد أن السوق مستعدة لعودة قوية”.