حراك باسيل يزيد من تعقيد أزمة تمثيل سنة 8 آذار بالحكومة بدل حلها

بيروت – تقول أوساط سياسية لبنانية إن التحركات التي قام بها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لحل عقدة توزير “سنة 8 آذار” في الحكومة الجديدة لم تفض إلا إلى مزيد تعقيد الأزمة.
وتشير هذه الأوساط إلى أن حراك باسيل كشف أن الهدف منه هو النأي برئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر عن أن يكونا طرفا في الأزمة، مع السعي إلى الحفاظ على المكتسبات التي حققها الطرفان لجهة امتلاكهما “للوزير الملك” بعد أن ضمنا 11 وزيرا من نصيبهما في الحكومة.
وكان آخر تحرك لباسيل لقاؤه الاثنين مع أعضاء اللقاء التشاوري (سنة 8 آذار)، في منزل العضو عبدالرحيم مراد، حيث دار نقاش طويل بين الجانبين اتسم وفق مصادر مقربة بالإيجابية لجهة تفهّم رئيس التيار الوطني الحر لمطالب هؤلاء.
ووفق المصادر فإن باسيل اعتبر أن من حق النواب الموالين لحزب الله المشاركة في الحكومة، وأنه لا مانع لدى التيار الوطني الحر في التراجع عن المقايضة التي تمّت بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية لجهة منح مقعد سني للأخير مقابل حصول تيار المستقبل عن مقعد مسيحي.
ويرى مراقبون أن هذا الطرح الذي يقدمه باسيل يعني أن يكون الحريري هو الوحيد الذي من المفروض أن يتنازل عن حصته لسنة حزب الله، فيما تبقى حصة رئاسة
الجمهورية والتيار الوطني الحر كما هي، الأمر الذي لن يقبل الحريري بالمطلق السير فيه.
وسبق أن شدّد رئيس الوزراء المكلف على أنه لن يوافق على أن يتم منح سنة 8 آذار من حصته الوزارية وأن هذا الموقف لا رجعة فيه، ما يعني أن الأزمة الحكومية آخذه في التشعّب.
وخلال اللقاء التشاوري طرح باسيل إجراء لقاء بين الحريري والمجموعة، فيما بدا أنه يريد إلقاء الكرة في ملعب رئيس الحكومة المكلف.
وذكرت أوساط مقربة من رئيس الوزراء أنه ليست هناك أي حاجة لإجراء هكذا لقاء، حيث أن موقف الرئيس الحريري واضح. فضلا عن أنّ ما هو مطروح اليوم لا يشكّل مخرجا لأي عقدة، بل إنه يزيد من تعقيد الأزمة.
ويتناغم منطق رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مع حليفه حزب الله الذي أعلن أمينه العام حسن نصرالله في آخر إطلالة له أنه “عندما دعمنا مطلب السنّة المستقلّين لم نطالب بها من حصة الرئيس بل من حصة الرئيس المكلف”، مشددا على أن على الأخير حلّ هذه العقدة.
وبدا أن التيار الوطني الحر يدعم توجه حزب الله نحو خلق ثنائية سنية، وهذا ما ترفضه حتى القوى السنّية التي تنافس الحريري على غرار رئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي الذي أظهر دعما للأخير في المواجهة الحكومية التي يخوضها.
ويرى مراقبون أن موقف التيار الوطني الحر من شأنه أن يضع الحريري أمام خيارات صعبة، من بينها إقدام الأخير على طرح تشكيلة حكومة أمر واقع، وهذا أمر صعب خاصة وأن حزب الله وحركة أمل لم يقدما أسماء مرشحيهما للوزارات، كما أن ذلك قد يلقى معارضة من رئيس الجمهورية.
ومن الخيارات الأخرى هو التلويح باعتذاره عن تشكيل الحكومة، وهذا ستكون تكلفته باهظة، وربما الخيار الوحيد حتى الآن تفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال إلى حين التوصل إلى تسوية تبدو بعيدة المنال في الوقت الحاضر.
وفجّر حزب الله أزمة تمثيل سنة 8 آذار في اللحظات الأخيرة من قرب ولادة حكومة الوحدة الوطنية، حيث رفض تقديم أسماء وزرائه للرئيس المكلف وساندته
في ذلك حركة أمل مشترطا تمثيل أحد هؤلاء النواب.
وكان البعض يأمل في أن يكون موقف حزب الله هو “رفع عتب” أمام النواب السنة الموالين له بيد أن تطور الأزمة وتمدّدها كشفا أن للحزب أجندة أخرى وهي خلق حالة من الثنائية داخل الطائفة السنية، فضلا عن أن توزير أحد حلفائه من شأنه أن يعزز موقعه داخل الحكومة، وبالتالي تكون له الكلمة الفصل في ظل الضغوط التي يواجهها من الولايات المتحدة.
ويقول سياسيون لبنانيون إن حزب الله يقامر بمصير البلد، لتحقيق أهداف سياسية، وأنه لا نية له في التراجع عن موقفه.
وغرّد رئيس حركة التغيير على حسابه الخاص عبر موقع تويتر قائلا “إشكالية نواب سنّة حزب الله ليست هي العائق إنما هؤلاء بمثابة متراس يتلطى خلفه الحزب للتعطيل بحثا عن مكاسب أكبر في حكومة يسعى للقبض على مفاصلها لخشيته مما ينتظره من ملفات تقلقه”.
ولبنان بحاجة ماسة إلى حكومة يمكنها الشروع في إصلاحات اقتصادية تعد أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، حيث يجد صعوبة في التغلب على ثالث أكبر نسبة للدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم، بالإضافة إلى الركود الاقتصادي.