الخلافات تصعب مهمة مجلس الصحافة المغربي بتنظيم الإعلام الرقمي

صحافيو المواقع الإلكترونية يعملون دون ضمانات مهنية، والمجلس الوطني للصحافة يعمل على صياغة ميثاق شرف المهنة.
الجمعة 2018/11/16
صحافة متطورة بفضل التغيرات التكنولوجية

تعتبر الصحافة الرقمية في المغرب ذات أولويات للمجلس الوطني للصحافة حديث النشأة، نظرا لتزايد حجم هذا القطاع في ظل التطور التكنولوجي المتسارع، لكنه يعاني بالمقابل من العديد من المشكلات منها عدم وجود قوانين تنظيمية كافية ولا يحظى  الصحافيون العاملون به بالحماية والضمانات المهنية.

الرباط – ينتظر الصحافيون المغربيون من المجلس الوطني للصحافة حديث التأسيس، أن ينفذ ما تعهد به من إصلاحات للقطاع وإنهاء الجدل حول مشكلات المؤسسات الصحافية والإعلامية، وبشكل خاص الصحافة الإلكترونية التي تزداد انتشارا لكنها تفتقر إلى التنظيم.

وقال يونس مجاهد، رئيس المجلس الوطني للصحافة المغربية، في تصريحات لـ“العرب” إن للمجلس حديث التأسيس في المملكة صلاحيات قانونية ومهنية جمة، يتم على أساسها تنظيم مهنة الصحافة واعتماد أخلاقياتها لخلق مقاولات صحافية قادرة على إنتاج محتوى إعلامي جيد.

وأكد مجاهد على هامش ندوة حول تنظيم الصحافة الرقمية، بالعاصمة الرباط، أن الصحافة الرقمية ذات أولويات، يشتغل عليها المجلس بكل حرص واهتمام، فهي اليوم صحافة متطورة بفضل التغيرات التكنولوجية، وبفضل الطاقات الواعدة التي تعمل في مجالها، الأمر الذي يجعل من المهم تنظيم العاملين فيها، ضمن منظور شامل يتعلق بالدخول إلى المهنة، بما في ذلك التأهيل والتكوين والسهر على احترام أخلاقيات مهنة الصحافة.

وتم انتخاب ممثلي الصحافيين المهنيين وناشري الصحف بالمجلس الوطني للصحافة، في يونيو الماضي، استنادا إلى الفصل الـ28 من الدستور المغربي، ويهدف المجلس إلى ضمان احترام القانون وتفعيل أخلاقيات المهنة في وسائل الإعلام كافة، ومن ضمنها الصحافة الرقمية، وتنظيم القطاع قانونيا ومهنيا وأخلاقيا.

وأوضح مجاهد أن “وسائل الإعلام بصفة عامة، ومنها الصحافة الرقمية، تعرف اليوم ديناميكية قوية، لذلك جاء المجلس الوطني للصحافة في المغرب بطموحات تنظيمية مع كل الشركاء، من أجل تأهيل قطاع الإعلام والصحافة، الذي لا يمكن تركه وحده لاقتصاد السوق وما يحكمه من منطق تجاري قوي، خاصة الصحافة الرقمية التي لا يجب تركها بمفردها تتصارع وسط منافسات قد تكون شريفة أو غير شريفة، لذلك لا بد من التدخل لتأهيلها كصحافة رقمية في المغرب، وتطويرها ودعمها”.

يونس مجاهد: المجلس لن ينغلق على نفسه وسيكون منفتحا على جميع الشركاء للنهوض بالإعلام
يونس مجاهد: المجلس لن ينغلق على نفسه وسيكون منفتحا على جميع الشركاء للنهوض بالإعلام

وأبدى أسفه للعدد الضئيل للصحافيين الذين يحصلون على البطاقة المهنية داخل المؤسسات الصحافية الرقمية، ما جعل المجلس يواجه تحديا كبيرا ويطمح إلى رفع عدد الصحافيين الذين يحصلون كل عام على البطاقة المهنية داخل تلك المؤسسات، لكنه اشترط أن تكون تلك المؤسسات، ومن يعمل فيها من الصحافيين، ترتكز على شروط مهنية وأخلاقية وقانونية.

وخلص يونس مجاهد في تصريحه لـ“العرب” إلى القول بأن المجلس الوطني المنتخب حديثا لتنظيم مهنة الصحافة والصحافيين في المغرب، لن ينغلق على نفسه، بل سيكون منفتحا على جميع الشركاء في إطار حوار متواصل يتم البحث من خلاله عن الحلول للنهوض بقطاع الإعلام في البلاد، طبقا لمبدأ المسؤولية الاجتماعية واحترام أخلاقيات المهنة، ومراعاة الجودة والإنتاج الصحافي القادر على القيام بدوره المنتظر من قبل المجتمع، وهي مسؤولية يتقاسمها الجميع؛ حكومة وفاعلين في الحقل الإعلامي.

ويلـمح مجاهد إلى الانتقادات التي طالت المجلس والجدل الذي رافق تأسيسه وانتخاباته، حيث أبدى عدد من الصحافيين وبشكل خاص المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، استياءهم من طريقة ترشيح أعضاء المجلس، وإقصاء شريحة واسعة من الصحافيين، باشتراط 15 عاما من الأقدمية، وإقصاء الصحافيين المغاربة المشتغلين بمؤسسات دولية.

في المقابل اعتبر آخرون أن اختلاف وجهات النظر حول المجلس أمر طبيعي وديمقراطي ولا يمكن أن يحظى بموافقة تامة من الجميع، ورأى حمد عبدالوهاب العلالي، أستاذ الإعلام بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالعاصمة الرباط، في تصريحات سابقة أن “التوافقات مسألة لن تكون سهلة داخل المجلس الوطني للصحافة، خصوصا أن الأدوار المنوطة به مهمة”.

وقال العلالي إن “ردود الفعل المختلفة تعكس دوائر متعددة من المصالح والتطلعات التي تطال في جزء منها مصالح السلطة”.

وأشار إلى أن “السلطة تريد أن يكون المجلس الوطني للصحافة مجلسا متوازنا بشكل ما، ويعكس الوضع القائم والتوازنات التي سادت إدارة العمليات الإعلامية بالبلاد منذ فترة”. وأوضح أن “الوصول إلى توافقات حضارية بعيدا عن كل مظاهر التمزق في الجسم الإعلامي المغربي، يعتبر حاسما في الحاضر كما في المستقبل”، مؤكدا أن “الديمقراطية هي السبيل لنزع فتيل التوتر داخل المجلس، والمدخل لتحديد

على نحو دقيق علاقات استقلالية، وليست تبعية بين أطراف السلطة (التنفيذية والتشريعية والقضائية) والإعلام كسلطة رابعة”.

واعتبر العلالي أن “الديمقراطية تمكن الصحافيين من القيام بعملهم على أحسن وجه وبمهنية عالية واحترام تام للقوانين وتبني للأخلاقيات المهنية”.

يشار إلى أن فعاليات الملتقى الوطني للصحافة الرقمية بالمغرب شهدت العديد من التجاذبات، لكن البقالي أكد أن لجان المجلس الوطني للصحافة عاكفة على صياغة ميثاق شرف للصحافة، سيتم نشره في الجريدة الرسمية للمملكة بعد المصادقة عليه، وهو ميثاق ذو طابع إلزامي رسمي صرف، بالإضافة إلى النظام الداخلي للمجلس الذي له صفة قانونية واضحة، تتميز بصلاحيات كثيرة تصب كلها في تنظيم مهنة الصحافة بجميع أصنافها.

وأضاف أن هذا المجلس يعمل من خلال ثلاث واجهات، وهي اللجان التي تضم أعضاء من المجلس، وميثاق الأخلاقيات، حيث يمكن من تهيئة مشروع يكون منفتحا ومحل تشاور واسع، وأخيرا النظام الداخلي الذي ينص عليه القانون.

وتضمنت فعاليات الملتقى أربع ورشات، تمت خلالها مناقشة المحاور التالية: الصحافة الإلكترونية المغربية وسؤال الأخلاقيات، صناعة المضمون السمعي البصري في الصحافة الإلكترونية، النموذج الاقتصادي للصحافة الإلكترونية والمقاولة الصحافية الإلكترونية بالمغرب.

18