قمة في سنغافورة ترسخ نفوذ الصين الاقتصادي

سنغافورة – سيضغط قادة العالم لاستكمال اتفاق تجاري ضخم تدعمه الصين ويستثني الولايات المتحدة خلال قمة تبدأ اليوم في سنغافورة، كرد على تنامي الحمائية وأجندة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يتخذ من “أميركا أولا” شعارا.
ويرجح أن تعلن الصين واليابان والهند ودول أخرى من آسيا والمحيط الهادئ اتفاقا واسعا على “الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية”، يغطي نصف سكان العالم.
ولم تكتف واشنطن بالتغيب عن الاتفاق فحسب حيث تخلى ترامب عن حضور القمة برمتها في سنغافورة، مؤكدا بذلك إصراره على التملص من جهود ترسيخ قواعد التجارة العالمية ومثيرا المزيد من الاسئلة بشأن التزام واشنطن حيال آسيا.
وبعد وقت قصير من وصوله إلى السلطة، مارس ترامب سياسة تجارية أحادية الجانب فانسحب من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ، الذي قاد سلفه باراك أوباما المفاوضات لإبرامه في مسعى لربط القوى الآسيوية التي تنمو بوتيرة سريعة بنظام تدعمه واشنطن لمواجهة الصين.
وترك نهج ترامب المجال مفتوحا لبكين لتروج لاتفاق منافس تفضله “الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية”، وهو اتفاق تجارة حرة يهدف إلى خفض الرسوم الجمركية ودمج الأسواق، لكن الاتفاق الذي تنضوي فيه 16 دولة يمنح حماية أضعف في مجالات بينها التوظيف والبيئة.
واستمر الاتفاق الذي دافع عنه أوباما حتى دون الولايات المتحدة حيث سيدخل حيز التنفيذ هذا العام، لكن ذاك المدعوم من بكين طغى عليه وبات الأكبر في العالم.
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية للمديرة التنفيذية لمركز آسيا التجاري، ديبورا إيلمز، قولها إن “الإعلان في سنغافورة بأن المحادثات المرتبطة بالاتفاق التي بدأت من العام 2012 اختتمت بمعظمها سيكون مهما كرمز لالتزام آسيا حيال التجارة في وقت تزداد فيه التوترات العالمية”.
ورجحت الخبيرة أن تستمر المفاوضات المتعلقة ببعض الجزئيات خلال العام القادم.
وأبدت الصين الأسبوع الماضي مرونة في درب مواجهة الحرب التجارية، عبر الالتزام بانفتاح أكبر على الواردات، رغم شكوك البعض في جدوى هذه الخطة، التي ستكون محور جدل خلال قمة العشرين المقررة نهاية هذا الشهر في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس.
وأكد دبلوماسي يحضر القمة طلب عدم الكشف عن هويته، أنه تم تحقيق “تقدم ملموس”، إلا أنه أشار إلى وجود بعض النقاط العالقة.
وتأتي القمة التي سيحضرها 20 من قادة العالم على وقع نزاع تجاري صيني أميركي اندلع منذ أشهر بعدما فرض ترامب رسوما جمركية على معظم الواردات الصينية هذا الصيف، بينما ردت بكين بفرض رسوم مماثلة على سلع أميركية.
ويعد غياب ترامب عن قمة سنغافورة واجتماع قادة العالم الذي يعقبها في بابوا غينيا الجديدة مدعاة اهتمام بشكل أكبر نظرا إلى أن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الذي أطلق مبادرة “الميل نحو آسيا” لتوجيه المزيد من الموارد الاقتصادية والعسكرية الأميركية للمنطقة، كان مشاركا دائما فيها.
لكن واشنطن تصر على أنها لا تزال ملتزمة حيال آسيا، مشيرة إلى الزيارات المتكررة التي يجريها كبار المسؤولين.
وقال أحد أرفع الدبلوماسيين المعنيين بآسيا في وزارة الخارجية الأميركية باتريك مورفي “نحن منخرطون بشكل كامل” في القارة الصفراء.
ومعظم التركيز سيكون على “الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية” بينما يسعى القادة إلى إيصال رسالة دعم للتجارة الحرة.
ويضم الاتفاق جميع أعضاء آسيا العشرة إضافة إلى الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا.
وقال كبير خبراء اقتصاد المنطقة لدى مؤسسة “آي.إتشأ س ماركيت”، راجيف بيسواس، لوكالة الصحافة الفرنسية إن على قادة العالم “تشكيل جبهة موحدة لدفع تحرير التجارة في آسيا والمحيط الهادئ قدما رغم الرياح الدولية المعاكسة للتجارة جراء تنامي تيار الحمائية العالمية”.