صناعة الطيران تتورط في الحرب التجارية الصينية الأميركية

تشوهاي (الصين) - اقتحم عملاقا صناعة الطيران في العالم أيرباص وبوينغ معرض الصين للطيران للدفاع عن هيمنتهما على صناعة الطيران، في ظل اقتراب روسيا والصين من المنافسة بعد إجراء تجارب ناجحة على طائرات تجارية جديدة.
وأبدت أكبر شركتين في العالم في مجال النقل الجوي أمس رغبتهما في إنهاء الحرب التجارية المستعرة بين واشنطن وبكين مع افتتاح الصين لأكبر معارضها الجوية مستعرضة طموحاتها في القطاع.
وصدرت تعليقات بوينغ وأيرباص خلال افتتاح المعرض، الذي ينعقد كل عامين وانطلقت أعماله في مدينة تشوهاي الساحلية ويستمر من 6 إلى 11 نوفمبر الجاري، حيث عادة ما يكون مناسبة لعرض التقدم، الذي أحرزته الصين في مجال الطيران.
وباتت الصين ساحة رئيسية لاقتناص الصفقات لشركات الطيران الأجنبية، بفضل الارتفاع الكبير في الطلب الصيني على السفر، لكن الآفاق تعقدت بفعل رغبة بكين في تنمية شركات عملاقة لها في صناعات عديدة من بينها الطيران وأشباه الموصلات والروبوتات.
وتوترت العلاقات بين بكين والولايات المتحدة على وجه الخصوص. فالرئيس الأميركي دونالد ترامب ينتقد الصين لما يراه سرقة لحقوق الملكية الفكرية وعراقيل أمام الشركات الأميركية وعجز تجاري متفاقم، بينما تنظر الصين إلى تلك الشكاوى باعتبارها غير منطقية.
ودخل الطرفان منذ أشهر في حرب رسوم متبادلة على سلع بمليارات الدولارات، لكن الفائض الثنائي الصيني في تراكم متواصل.
وتفادت الطائرات المُصنعة في الولايات المتحدة، وهي من أكبر صادرات الولايات المتحدة إلى الصين، رسوم بكين حتى الآن، ويرى محللون أنهم يترقبون ما إذا كانت الحرب التجارية ستمتد إلى شركات مثل بوينغ.
وقال جورج شو، أكبر مسؤول تنفيذي لأيرباص في الصين خلال مؤتمر صحافي، إن “شركة صناعة الطائرات الأوروبية أكبر منافس لبوينغ لا تتوقع مبيعات مرتفعة في ظل التوترات”. وأضاف “أنا صيني ونحن لا تعجبنا مثل هذه الحرب التجارية.. لا يوجد فائز في مثل تلك الحرب التجارية”.
وتقول مصادر في قطاع الطيران إن أيرباص كانت تأمل في إبرام صفقة لبيع 184 طائرة إلى الصين خلال زيادة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبكين في يناير المقبل، لكن يبدو أن المفاوضات تعثرت.
وفي كلمات منتقاة بعناية، قال ريك أندرسون، نائب رئيس بوينغ لمبيعات شمال شرق آسيا، إن “الصين سوق طيران سريعة النمو وإنه يعتقد أن واشنطن وبكين تدركان ذلك”.
وقال أندرسون “نستمر في التواصل مع قادة الولايات المتحدة والصين، وفي التشجيع على حوار بناء لحل الخلافات التجارية ونحن متفائلون بحل سريع”.
وأبدت الصين والولايات المتحدة في الأيام الماضية تفاؤلا بإمكانية حدوث اختراق، بعدما تحدث ترامب بالهاتف مع الرئيس الصيني شي جين بينغ الأسبوع الماضي.
وأعلنت الدولتان أيضا الجمعة الماضي، عن إطلاق حوار أمني عالي المستوى تأخر كثيرا. لكن بكين لم تظهر بعد علامة على ترويض طموحاتها في اللحاق بالمنافسين، مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، في مجال التكنولوجيا الفائقة.
ويبدو أن الاحتكار الثنائي للسوق لن يدوم طويلا، حيث تلوح أجواء المنافسة في الأفق وخاصة من روسيا والصين اللتين أجرتا اختبارات على طرازات من صنعهما لطائرات الرحلات المتوسطة.
ومن بين المشروعات، التي عرضتها الصين في تشوهاي، نموذج بالحجم الكامل للطائرة عريضة البدن سي.آر 929، التي تقوم بتطويرها مؤسسة الصين للطائرات التجارية بالاشتراك مع يونايتد إيركرافت كوربوريشن الروسية، على أمل أن تتمكن في نهاية المطاف من منافسة الطائرات بوينغ 787 وأيرباص أي 350.
وشكل نجاح تجارب الإقلاع والهبوط لطائرة سي 919 العام الماضي، تحديا مباشرا لهيمنة أيرباص وبوينغ على صناعة الطيران التجاري، إذ تسعى بكين إلى كسر احتكار الشركتين العملاقتين للسوق العالمية.
وأطلقت الصين وروسيا العام الماضي، مشروعا مشتركا لتطوير طائرة ركاب قادرة على القيام برحلات طويلة لمنافسة شركتي بوينغ الأميركية وأيرباص الأوروبية، في خطوة تهدف لكسر هيمنة عملاقي صناعة الطيران على الأسواق العالمية.
وتقدر بوينغ أن تصل قيمة السوق العالمية للطائرات عريضة البدن إلى نحو 2.5 تريليون دولار على مدى العشرين عاما القادمة، مع نمو أحجام أساطيل الطيران لأكثر من مثليه إلى 9180 طائرة.
وتشكل الطائرات عريضة البدن حوالي 20 بالمئة من التسليمات العالمية المتوقعة على مدى تلك الفترة، لكنها تشكل حوالي 40 بالمئة من حيث القيمة.
وفي المقابل، تعتبر طائرات الرحلات القصيرة والمتوسطة ذات الممر الواحد الأكثر مبيعا في صناعة الطيران المدني، حيث يسمح الطلب على أيرباص أي 320 للشركة الأوروبية بالتفوق حتى الآن على منافستها الأميركية، التي تسعى إلى العودة بقوة لهذه الفئة من القطاع.