العين على النفط، لكن تأثير الحرمان من سويفت أخطر على إيران

رمت العقوبات الأميركية بالنظام المالي الإيراني في حفرة عميقة بعد أن حرم نظام سويفت الدولي أمس المصارف الإيرانية من خدماته. ويقول محللون عن القرار إنه سيفاقم الضغوط على طهران ويجعل فرصها في تمويل صفقات السلع الأساسية شبه مستحيلة.
بروكسل – شكل قرار المزود الدولي لخدمات التراسل المالي المؤمن (سويفت) أمس تجميد وصول البعض من المصارف الإيرانية إلى شبكته، ضربة كبيرة لطهران حيث ستضيق الخطوة الخناق على النظام المالي للبلاد التي تعاني من أزمات اقتصادية أصلا.
وجاء قرار المزود، الذي يتخذ من بروكسل مقرا له، بعد ساعات من دخول الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية حيز التنفيذ على طهران، والتي تشمل قطاعي النفط والمال.
وقالت شركة سويفت في بيان “بناء على مهمتها في دعم صلابة النظام المالي العالمي ونزاهته، بوصفها تسدي خدمات عالمية ومحايدة، تعلق سويفت وصول بعض البنوك الإيرانية إلى شبكتها للتراسل”.
وأضافت “إن هذا الإجراء، رغم أنه مؤسف، اتخذ من أجل مصلحة واستقرار ونزاهة النظام المالي العالمي في مجمله”.
سعر صرف الريال أمس
◄150 ألف ريال للدولار
◄170 ألف ريال لليورو
◄190 ألف ريال للإسترليني
وتتيح خدمات سويفت ربط أكثر من 11 ألف منظمة مصرفية وبنى تحتية وشركات متعاملة في أكثر من 200 بلد ومنطقة، بحسب الشركة، التي أكدت أنها “لا تملك رساميل ولا تدير حسابات لحساب زبائن”.
وكان وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، قد دعا شركة سويفت الجمعة الماضي إلى استبعاد المؤسسات المالية الإيرانية المدرجة في اللائحة الأميركية السوداء، من خدماتها مع استثناء “التعاملات الإنسانية”.
واعتبارا من أمس، لن يعود بمقدور أي مؤسسة أجنبية تتعامل تجاريا مع البنك المركزي الإيراني أو غيره من المصارف في البلاد الوصول إلى المنظومة المالية الأميركية.
ويقول محللون إن المخاطر تعتبر كبيرة بالنسبة للمصارف الأجنبية، في ظل اقتصاد معولم حيث لا يزال الدولار العملة المهيمنة.
ولكنهم أشاروا في الوقت نفسه إلى أن حظر نظام سويفت على المصارف الإيرانية سيشكل عقبة كبيرة أمام طهران لتمويل صفقات توريد البضائع والسلع الأساسية مستقبلا.
وتعاني المصارف الإيرانية من مشكلة القروض المتعثرة وآثار عزلها عن النظام المالي العالمي بسبب العقوبات الغربية قبل الاتفاق النووي المبرم في يوليو 2015، وستكون في حاجة ماسة للعمل مع البنوك الأجنبية، التي مثل لها العمل مع إيران فرصة كبيرة.
وتشير تقديرات البنك المركزي الإيراني إلى أن إجمالي الأصول المصرفية الإسلامية في إيران يبلغ حوالي 523 مليار دولار. ويمثل ذلك أكثر من ثلث إجمالي أصول البنوك الإسلامية في العالم.
لكن ضعف الوضع المالي للمصارف وارتباطها الوثيق بالحكومة سيزيدان مخاطر التعامل معها، بعد أن طورت نظاما للتمويل الإسلامي يختلف بشكل كبير عن النظام السائد في الدول الإسلامية الأخرى.
وتجعل الاختلافات من الصعب على المصارف الأجنبية بل وحتى المصارف الإسلامية في منطقة الخليج وبعض دول جنوب شرق آسيا، التعامل في إيران.
ويوجد في إيران 19 مصرفا بينها 8 بنوك حكومية متخصصة. ورغم أن الرئيس حسن روحاني يريد أن يلعب القطاع الخاص دورا أكبر في الاقتصاد، فإن معظم المصارف، التي توصف بأنها خاصة تربطها علاقات بالدولة وتعمل في ظل نفوذها.
وأصدرت إيران في عام 1983 تشريعا يحول نظامها المصرفي بالكامل إلى نظام إسلامي.
وكانت واشنطن قد أعادت في أغسطس الماضي فرض عقوبات تم رفعها بموجب الاتفاق النووي في عهد الرئيس السابق باراك أوباما شملت شراء الحكومة الإيرانية للدولارات أو عمليات البيع والشراء الدولية لكميات كبيرة من العملة الإيرانية المتعثرة.
كما ضمت العقوبات الاستثمار في سندات الخزينة الإيرانية وتجارة الذهب أو غيره من المعادن الثمينة والألمنيوم والصلب والكربون أو الغرافيت والتجارة في قطاعي السيارات والطيران التجاري والواردات الأميركية من السجاد والمواد الغذائية الإيرانية.
وتسارع انحدار العملة الإيرانية مع اشتداد العقوبات حيث واصل الريال هبوطه أمام الدولار لأدنى المستويات التاريخية بالتزامن مع دخول ثاني حزم عقوبات واشنطن حيز التنفيذ، والتي تشمل قطاعات نفطية ومصرفية واسعة النطاق.
وبلغ سعر الدولار في تعاملات أمس 150 ألف ريال إيراني، ووصلت قيمة اليورو إلى حدود 170 ألف ريال، فيما تخطى سعر الجنيه الإسترليني حاجز 190 ألف ريال، وسط احتمالية تصاعد المؤشرات لأسعار الصرف.
ورغم أن الأرقام نشرها موقع “بونباست”، الذي يعتبر الأكثر موثوقية في متابعة الأوضاع المالية في إيران، إلا أن تقارير من داخل البلاد تؤكد أنها لا تكشف عن عمق انحدار العملة الإيرانية بسبب ندرة الصفقات التي يتم إبرامها.
وتؤكد عدة تقارير أن معظم مكاتب الصرافة في البلاد أغلقت أبوابها أو كتبت يافطة تعلن أنها لا تملك أي عملات أجنبية.
كما أشارت إلى أن الكثير من المواطنين الإيرانيين الخائفين من فقدان قيمة أموالهم يطاردون أي أثر للعملات الأجنبية وأنهم مستعدون لدفع أسعار أعلى من التي يعلنها “بونباست”.