السودان يزيد حصة دعم الدقيق لكبح أسعار الخبز

الخرطوم - قررت الحكومة السودانية زيادة الدعم الموجه للدقيق من أجل كبح هيجان أسعار الخبز، في خطوة قد تزيد من العجز في الميزانية، وسط أزمة اقتصادية خانقة تعيشها الدولة رغم رفع العقوبات الأميركية عنها قبل أكثر من عام.
وخيّم استفحال نقص الخبز في الآونة الماضية على حياة معظم السودانيين، الذين يضطرون يوميا للاصطفاف في طوابير لساعات خارج المخابز مع استمرار أزمة يلقي التجار باللوم فيها على شح العملة الصعبة.
ووصلت أزمات اقتصاد البلاد إلى ذروة خطيرة باختفاء الخبز من الأسواق، بعد سلسلة أزمات مست كافة مناحي الحياة منذ مطلع العام، في ظل تخبط الحكومة في إدارة الوضع، الذي يسير نحو الأسوأ وينذر بانفجار الاحتجاجات مع استمرار انفلات معدل التضخم وانحدار قيمة الجنيه.
وقالت وزارة المالية في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني إنه “تمت زيادة دعم الطحين (الدقيق) بنسبة 40 بالمئة بعد أن تسبب خفض الدعم هذا العام في ارتفاع أسعار الخبز واندلاع احتجاجات في الشوارع”.
وأشارت إلى أن الحكومة “ستنفق حوالي 35 مليون جنية سوداني (737 ألف دولار) يوميا بدلا من 25 مليونا (523 ألف دولار).
وأدى قرار خفض دعم الخبز في يناير الماضي، إلى اندلاع احتجاجات نادرة الحدوث في أنحاء البلاد بعد أن تضاعفت أسعار الخبز.
ودفع ارتفاع الخبز وسلع أساسية أخرى التضخم للارتفاع إلى مستوى قياسي بلغ 66 بالمئة في أغسطس الماضي، بحسب البيانات الرسمية، وهو ما يعتبر أحد أعلى المستويات في العالم.
ويواجه الاقتصاد السوداني صعوبة منذ انفصال الجنوب في 2011 آخذا معه ثلاثة أرباع إنتاج الخرطوم من النفط وحرمان البلاد من مصدر مهم للعملة الأجنبية.
ودخل السودان مغامرة استكشاف إمكانية تحرير سعر العملة المحلية للخروج من أزمة شح السيولة في السوق، والتي خلفتها السياسات الفاشلة للحكومات المتعاقبة، التي عجزت عن حل المشاكل الاقتصادية وتسببت في موجة استياء شعبي نتيجة اختفاء السلع وارتفاع أسعارها.
737 ألف دولار، حجم الدعم الذي قررت الحكومة تخصيصه لدعم الدقيق بعد أن كان عند 523 ألف دولار
وخفضت الحكومة قيمة الجنيه بشكل كبير في أكتوبر الماضي، بعد تكليف فريق من المسؤولين التنفيذيين في البنوك المحلية ومكاتب الصرافة بتحديد سعر الصرف بموجب نظام جديد وضعته الحكومة لمعالجة نقص حاد في العملة الأجنبية.
وقال وزير المالية، مسلم الأمير، خلال اجتماع عقد السبت الماضي مع أصحاب المطاحن إن “الحكومة تبحث في توفير سلعة الدقيق والإجراءات المرتبطة بها وتعزيز سياسة دعم الخبز وذلك لضمان توفيره وانسيابه، وتماشيا مع جهود الحكومة الرامية لتأمين مقومات الحياة وتحسين معاش الناس، بجانب تخفيف أعباء المعيشة على المواطن”.
وأكد أن الحكومة تعمل على توفير السلع الاستراتيجية الضرورية وتوفير احتياجات الدقيق الأخرى إلى جانب صناعة الخبز، مشيرا إلى أن الوزارة ملتزمة بالاستمرار في سياسة دعم الخبز لضمانه بصورة مستقرة والمحافظة على ثبات أسعاره.
ويتوقع أن تواصل الحكومة في سياسة إعفاء القمح ومدخلات إنتاج الدقيق من كافة الرسوم الجمركية، لتحد من أثر ارتفاع سعر الصرف على أسعار الخبز والاستمرار في إعطاء القمح الأولوية في تأمين النقد الأجنبي للاستيراد، بجانب التمييز الإيجابي للمطاحن والمخابز بتوفير الوقود والكهرباء والغاز.
وتقول السلطات إنها ستعزز كافة الإجراءات الإدارية والأمنية لمراقبة حركة الدقيق في الولايات والمخابز للتأكد من استلام حصصها وعدم تسربه أو تهريبه إلى الخارج.
واستوردت الخرطوم مليوني طن من القمح العام الماضي، حسبما تقول الحكومة، مقارنة مع إنتاج محلي بلغ حوالي 445 ألف طن.
وعزا تجار القمح من القطاع الخاص، الذين عهدت إليهم الحكومة بمسؤولية الاستيراد في بداية العام نقص الدقيق إلى شح العملة الصعبة.
وفرض بنك السودان المركزي، الذي لا تتجاوز احتياطاته النقدية سقف مليار دولار، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي، قيودا مشددة على عمليات سحب الأموال، ما جعل الكثير من المواطنين غير قادرين على سحب الأموال من البنك.