لهذه الأسباب يستهدفون محمد بن سلمان

ليس خافيا على أحد أن قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي تم توجيهها بالأساس لاستهداف المملكة العربية السعودية، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فالإعلام المناوئ الذي تديره آلة جهنمية لا يترك فرصة أو مناسبة إلا ويوجه أصابع الاتهام للأمير الشاب، ما يؤكد أن الواقفين وراءه غير مرتاحين لا لحالة الإصلاح الاجتماعي التي تعرفها المملكة، ولا لمشروع تصحيح المسار الفكري والحضاري، ولا لرؤية 2030، ولا لتوجه الرياض إلى إحداث توازنات في علاقاتها الدولية، وفي تنويع مصادر التسلح ومواطن الاستثمار والقطع مع حالة التبعية التقليدية للسياسات الأميركية في المنطقة.
المتحاملون على الأمير الشاب غير مرتاحين لمواقفه التي سبق وأعلن عنها، إزاء الإسلام السياسي وتياراته المتعددة ومنها جماعة الإخوان التي كانت في مراحل سابقة تتحرك بحرية داخل المملكة، وتخترق مؤسسات الدولة وتستفيد من مواقع القرار فيها وتحصل على الثروات الطائلة، إلى أن تبين أن تلك القوى تتآمر على الجميع بما في ذلك السعودية ذاتها، وبرز ذلك بالخصوص من خلال عدد من الدعاة الذين تحولوا إلى أدوات تكفير وأبواق تخوين للأنظمة ومحرضين على الفتنة والفوضى في ظل ما سمي بالربيع العربي، بدعم قطري يتم صرفه تحت عباءة يوسف القرضاوي.
الغريب أن من يتآمرون على محمد بن سلمان اليوم، هم أنفسهم الذين كانوا قبل سنوات ينتقدون حالة الانغلاق الاجتماعي والثقافي داخل المملكة، إلى أن جاء الأمير الشاب وجاءت معه الإصلاحات التي باركها والده العاهل السعودي الملك سلمان، وأيدها الشباب الذي تبلغ نسبته 70 بالمئة من الشعب، والنساء اللواتي يمثلن نصف المجتمع، لتدخل المملكة مرحلة من الانفتاح المحمود ما غيّر إيقاع الحياة داخلها، ودشّن آفاقا جديدة أمام الأجيال الصاعدة برؤية 2030 التي تنبني على التأسيس والتجديد والابتكار والتطوير والسعودة ومحاربة الفساد، وتحقيق عدد من الأهداف الكبرى من بينها زيادة الطاقة الاستيعابية لاستقبال ضيوف الرحمن المعتمرين من 8 ملايين إلى 30 مليون معتمر.
ورفع عدد المواقع الأثرية المسجّلة في اليونسكو إلى الضعف على الأقل، وتصنيف 3 مدن سعودية بين أفضل 100 مدينة في العالم، ورفع إنفاق الأسر على الثقافة والترفيه داخل المملكة من 2.9 بالمئة إلى 6 بالمئة، والارتقاء بمؤشر رأس المال الاجتماعي من المرتبة 26 إلى المرتبة 15، وزيادة متوسط العمر المتوقع من 74 إلى 80 عاما، وتخفيض معدل البطالة من 11.6 بالمئة إلى 7 بالمئة، ورفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي من 2 بالمئة إلى 35 بالمئة، ورفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22 بالمئة إلى 30 بالمئة، ورفع حجم الاقتصاد وانتقاله من المرتبة 19 إلى المراتب الـ15 الأولى على مستوى العالم، ورفع نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز من 40 بالمئة إلى 75 بالمئة.
الغريب أن من يتآمرون على محمد بن سلمان اليوم، هم أنفسهم الذين كانوا قبل سنوات ينتقدون حالة الانغلاق الاجتماعي والثقافي داخل المملكة
ورفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة من 600 مليار إلى ما يزيد على 7 تريليونات ريال سعودي، والانتقال من المركز 25 في مؤشر التنافسيّة العالمي إلى أحد المراكز الـعشرة الأوائل، ورفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من إجمالي الناتج المحلي من 3.8 بالمئة إلى المعدل العالمي 7.5 بالمئة، والوصول بمساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي من 40 بالمئة إلى 65 بالمئة، وتقدم ترتيب المملكة في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية من المرتبة 45 إلى 25 عالميا والأولى إقليميا، ورفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16 بالمئة إلى 50 بالمئة على الأقل من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، وزيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية من 163 ملياراً إلى 1 تريليون ريال سنويا، والوصول من المركز 82 إلى المركز 20 في مؤشر فاعلية الحكومة.
إن هذه الأهداف وغيرها، عندما يعلن عنها أمير شاب ينتمي إلى الجيل الثالث للأسرة الحاكمة، تسقط أوهام أعداء المملكة، كتلك التي تحدث عنها أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني ووزير خارجيته حمد بن جاسم في لقاءاتهما مع معمر القذافي، وتم تسريب تسجيلاتها، وتقطع الطريق أمام دعاة الفوضى، والباحثين عن فرصة لضرب الاستقرار في السعودية، كما تقصم ظهور المتآمرين تحت جنح الظلام ممن كانوا يطمحون إلى ضرب جمع الأنظمة العربية بما فيها النظام السعودي، بزعم أن المملكة تعيش حالة من الجمود والانغلاق وغير قادرة على مسايرة حالة التطور المذهل التي يعرفها العالم.
يضاف إلى ذلك أن الأمير محمد بن سلمان، نجح في استيعاب طموحات شباب بلاده وترجمتها إلى مشاريع عملية، وكان جريئا في تحديه للقطط السمان، وحاسما في تصديه للمؤامرات الإقليمية والدولية ضد المملكة وأشقائها، وفي تحديد أولويات المجتمع السعودي وخاصة فيما يتعلق بالتحديث والعصرنة، ووضع المصلحة العليا لبلاده فوق كل اعتبار، وبالتالي سحب البساط من تحت أقدام منتقدي الأوضاع السابقة، حتى أن ما تحقق خلال عام وأربعة أشهر من توليه ولاية العهد، يعتبر نقلة استثنائية كانت تحتاج إلى عقود ليس لإنجازها فقط، وإنما لتهيئة العقول للقبول بها.
لذلك يتعرض محمد بن سلمان للاستهداف من قبل المتضررين من إصلاحاته في الداخل والخارج، من قبل الإخوان والمتشددين ودعاة الفتنة وأباطرة الفساد والأعداء الإقليميين، ومحترفي الابتزاز وتجار الحروب والثورات وباعة الأوهام والشعارات، ومن كانوا يتباكون على منع المرأة السعودية من قيادة السيارة، وعلى حرمان الشباب من حضور حفلات فنية أو دخول صالات سينما في بلاده، ومن كانوا يستندون في مؤامراتهم على غياب الرؤية المستقبلية للمملكة، ومن كانوا يتحدثون عن الثروات المنهوبة، وعن الموقف المترددة، وعن الارتهان بواشنطن وغيرها من المؤاخذات، إلى أن جاء الأمير الشاب ليرد عليهم بالقرارات الجريئة التي غيرت وجه المملكة في 16 شهرا وفتحت أبواب المستقبل أمام السعوديين بكثير من الأمل والطموح والانطلاق.