البرلمان الأوروبي يطالب باريس وروما بموقف موحد لدفع التسوية الليبية

بروكسل – شكلت مناشدة رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاياني الدول الأعضاء في الاتحاد، بتوحيد موقفها وإعداد استراتيجية موحدة للعمل في ليبيا، إقرارا بعرقلة التنافس الفرنسي الإيطالي لمسار التسوية في البلاد التي تعصف بها الصراعات منذ 2011.
ووفقا لوكالة “آكي” الإيطالية، كان تاياني تحدث في مؤتمر صحافي عقده على هامش القمة الأوروبية في بروكسل الخميس، واصفا بـ”غير المفيد” تدخل أطراف أوروبية متعددة بوجهات نظر مختلفة في الشأن الليبي.
واعتبر أن “تباين مواقف الدول الأعضاء لن يساهم في تسوية الأوضاع وبسط الاستقرار في ليبيا”، مشددا على أهمية عودة السلام لليبيا إعلاء لشأن المصالح الاستراتيجية الأوروبية.
وأوضح أن “الاتحاد الأوروبي يجب أن يقدم لليبيين وجهة نظر موحدة خلال مؤتمر باليرمو”، ولم يفوت تاياني الفرصة لتوجيه انتقادات للسياسة الخارجية الأوروبية، قائلا “لسنا أقوياء بما فيه الكفاية تجاه القضايا الكبرى”.
وتعد إيطاليا لعقد مؤتمر دولي في باليرمو يومي 12 و13 نوفمبر المقبل.
ويرى مراقبون أن مؤتمر باليرمو هو رد على مؤتمر باريس الذي عقد تحت رعاية الرئيس إيمانويل ماكرون، في نهاية مايو الماضي، بحضور أطراف النزاع الليبي كافة. وجرى الاتفاق خلال المؤتمر على إجراء الانتخابات في العاشر من ديسمبر المقبل.
وقال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبّي كونتي “سأتحدث مع إيمانويل ماكرون بشأن ليبيا”.
وفي تصريحات على هامش المجلس الأوروبي الملتئم في بروكسل الخميس، أضاف كونتي، أنه مع ماكرون، “تحدثنا الليلة الماضية مع بعضنا وقلنا وداعا إلى وقت لاحق”، مبينا أنه “من الواضح أنه خلال الاجتماع الثنائي اليوم، سنواجه جميع الجوانب والقضايا المطروحة على جدول الأعمال مع فرنسا، ومن بينها، لا ينبغي أن ننسى مؤتمر باليرمو بشأن ليبيا”.
وخلص رئيس الوزراء الإيطالي إلى القول إن مؤتمر باليرمو “خطوة مهمة جدا في ما يتعلق بمنظورنا من ناحية السياستين الخارجية والداخلية، نظرا لأن لليبيا تأثيرا كبيرا جدا في ما يتعلق بقضية الهجرة”.
ويتوقع مراقبون أن يتم خلال مؤتمر باليرمو إعلان تأجيل الانتخابات الليبية وهو ما يخدم رؤية روما التي ألمحت في أكثر من مناسبة رفضها إجراء الانتخابات، مؤكدة أن الأمر بيد الليبيين وليس غيرهم في إشارة إلى باريس.
ويقول هؤلاء إن الانتخابات قد تأتي بأطراف طالما اشتغلت روما ضد مصالحها في طرابلس، وفي مقدمتهم قائد الجيش المشير خليفة حفتر حليف فرنسا الأول في ليبيا.
وحذر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف من مغبة إجراء انتخابات في ليبيا في ظل الظروف الحالية، معتبرا أنه يجب أن يسبق ذلك التوصل إلى إجماع كافة القوى السياسية الليبية على هذه الخطوة.
وقال لافروف في مقابلة مع قناة “روسيا اليوم” و”باري ماتش” و”لو فيغارو” الفرنسيتين إن روسيا تتعاون مع فرنسا وإيطاليا وشركاء أوروبيين وإقليميين آخرين من أجل دعم جهود التسوية في ليبيا، وتقدر عاليا قيام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مايو الماضي بدعوة اللاعبين المحوريين الليبيين للاجتماع في باريس، حيث اتفقوا على موعد محتمل لإجراء الانتخابات، وهو 10 ديسمبر المقبل.
واستدرك لافروف قائلا “للأسف، تفاهمات باريس لا تنفذ بشكل دقيق، وبالتالي لا تزال لدى القوى السياسية الليبية الأساسية وجهات نظر متباينة إزاء كيفية عمل هذا النظام السياسي. وحسب الكثير من الخبراء، فإن إجراء الانتخابات في ظل هذه الظروف أمر محفوف بالمخاطر”.
حفتر في تشاد تزامنا مع توتر أمني جنوب ليبيا
نجامينا – استقبل الرئيس التشادي إدريس ديبي في نجامينا المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا، بحسب ما أعلن مصدر مقرّب من الرئاسة التشادية. وهي المرة الثانية التي يلتقي فيها الرجلان في العاصمة التشاديّة في غضون أقلّ من شهرين، وسط توقعات بأن يكون التوتر الأمني الذي يشهده الجنوب الليبي، سبب الزيارة.
ويقدّم ديبي نفسه على أنه مقرّب من المشير الليبي. وتنتشر في جنوب ليبيا فصائل مسلحة تشاديّة يتّهم بعضها نجامينا بـ”استخدام” حليفها الليبي لقمع حركات تمرّد عند الحدود التشادية. وطالب مجلس النواب الليبي المنتخب القيادة العامة للقوات المسلحة، بإرسال تعزيزات ودعم عسكري وبشكل عاجل لـ”تطهير الجنوب الليبي من دنس العصابات الإجرامية”.
وأدان المجلس في بيان “انتهاك المعارضة التشادية حرمة التراب الليبي بتواجد قواتها في مناطق الجنوب الليبي وممارستها عمليات النهب والخطف والقتل”. ولا يزال الوضع الأمني في الجنوب مضطربا بالتزامن مع اشتباكات مسلحة جنوب منطقة أم الأرانب وشرق بلدة القطرون وتجهري جنوب البلاد، بين أبناء المنطقة ومجموعة من عصابات إجرامية أجنبية مسلحة تمارس أعمال الحرابة والسطو والخطف والتعدي على الممتلكات الخاصة وتعريض حياة السكان للخطر.
وكان المبعوث الأممي غسان سلامة ألمح خلال تصريحات سابقة إلى صعوبة إجراء الانتخابات وفقا لموعد 10 ديسمبر الذي جرى تحديده خلال مؤتمر باريس بسبب تردي الوضع الأمني وتلكؤ البرلمان ومجلس الدولة في إصدار التشريعات اللازمة لها.
ويركز المبعوث الأممي منذ اشتباكات اندلعت في العاصمة طرابلس نهاية أغسطس الماضي واستمرت لأكثر من شهر قبل أن تتوقف بوساطة أممية، على تثبيت الاستقرار في طرابلس من خلال تنفيذ الترتيبات الأمنية التي تنص على انسحاب الميليشيات من مؤسسات الدولة واستبدالها بقوات نظامية، وهو ما دفعه لطلب دعم ألمانيا بالخصوص.
وسلامة هو أول من انتقد التدخلات الخارجية في الأزمة الليبية واعتبرها عائقا حقيقيا أمام الجهود الأممية لإيجاد التسوية.
وطالب خلال قمة برازافيل سبتمبر العام الماضي الدول بضرورة العمل والتعاون معا بانسجام والابتعاد عن المنافسة والجهود الأحادية من أجل مساعدة الليبيين.