العلاج النفسي يخفف حدة القولون العصبي

حساسية الأعصاب تعتبر من أكثر أعراض المرض شيوعا، والقلق والتوتر يجعلان المعدة أكثر تحسّسا.
الاثنين 2018/10/01
الإجهاد يرتبط بالإصابة بمتلازمة القولون العصبي لكن العامل النفسي مهم أيضا

تشير دراسة حديثة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من متلازمة القولون العصبي والذين كثيرا ما يعجزون عن تخفيف أوجاعهم، حتى مع اتباع أنظمة غذائية خاصة، ربما تتحسّن حالاتهم بمضادات الاكتئاب والعلاج النفسي.

لندن - يعاني المصابون بمتلازمة القولون العصبي من ألم مزمن في البطن مع غازات وإسهال وإمساك. وفي حين يتحسّن البعض باتباع نظام غذائي خاص يتجنب أنواعا معينة من الطعام التي تسبب الأعراض، فإن هذا الأسلوب قد لا ينجح مع الجميع.

وخلال دراسة أميركية، فحص الباحثون بيانات 53 تجربة قارنت بين آثار مضادات الاكتئاب والعلاج النفسي سواء منفردة أو مع علاجات وهمية دون مادة فعالة أو العلاج المعتاد لمتلازمة القولون العصبي.

وأظهرت النتائج أن المعدلات الأعلى “لعدم الشعور بتحسن” جاءت مع العلاج الوهمي وقلت معدلات عدم الشعور بارتياح بنسبة 34 بالمئة مع مضادات الاكتئاب وبنسبة 31 بالمئة مع العلاج النفسي.

وقال الطبيب مايكل كاميليري، الباحث في كلية طب وعلوم مايو كلينيك في روتشيستر بولاية مينيسوتا والذي لم يشارك في الدراسة، “من خصائص متلازمة القولون العصبي الحساسية المفرطة لوظائف الأمعاء.. بما يعني أن الأعصاب التي تنقل الإشارات من الأمعاء إلى المخ حساسة بشكل زائد أو أن المخ أكثر انتباها أو يأتي رد فعله بشكل انفعالي بدرجة كبيرة على الرسائل الطبيعية الواردة من الأمعاء أو الاثـنين معا”.

وأضاف في رسالة بالبريد الإلكتروني “بما أنه ليست هناك أدوية تخفض حساسية الأعصاب، يصف بعض الأطباء أدوية تعدل الوظائف الدماغية على أمل أن يساعد ذلك في خفض القدرة على الإحساس أو الاستجابة الانفعالية للإشارات أو الرسائل الواردة من الأمعاء”.

وأشار الباحثون في النشرة الأميركية لأمراض الجهاز الهضمي إلى أن الحالات النفسية بما في ذلك الاكتئاب والقلق والأعراض البدنية الناتجة عن اضطرابات نفسية شائعة بين المصابين بمتلازمة القولون العصبي.

وأشار معدو الدراسة إلى أن من الشائع علاج المصابين بمتلازمة القولون العصبي بمضادات الاكتئاب، لكن العلاج النفسي ليس شائعا في مثل هذه الحالات.

وكانت دراسة أميركية سابقة وجدت أن الكثير من الأشخاص الذين يصابون بمتلازمة القولون العصبي، عانوا سابقا على مدى سنوات طويلة من أحداث مجهدة نفسيا. ووجد الباحثون من خلال هذه الدراسة التي شملت 2623 شخصا أن الصدمات النفسية والعاطفية مثل الطلاق والموت الحبيب والتعرض لحادث سير ولسوء معاملة جسدية أو نفسية، كانت أشياء رائجة بين من عانوا من متلازمة القولون العصبي.

الحالات النفسية بما فيها الأعراض البدنية الناتجة عن اضطرابات نفسية، شائعة بين المصابين بمتلازمة القولون العصبي

وقالت الطبيبة المسؤولة عن الدراسة يوري سايتو لوفتوس، إنه في حين أن الإجهاد ارتبط بالإصابة بمتلازمة القولون العصبي، فإن سوء المعاملة خلال الطفولة ظهر لدى أكثر من 50 بالمئة من المرضى المصابين بهذه الحالة.

وأشارت إلى أن أغلب الدراسات ركّزت على سوء المعاملة ولم تنظر في أنواع أخرى من الصدمات النفسية، لكن هذه الدراسة هي الأولى التي تنظر في أنواع متعددة من الصدمات ووقت التعرض لها على أساس يتعلق بالعائلة.

وذكرت لوفتوس أن الصدمة النفسية والعاطفية قد تجعل الدماغ والأمعاء أكثر تحسّسا، ومن المهم للأطباء والمرضى فهم الرابط المحتمل بين التعرض السابق لإجهاد نفسي والإصابة بمتلازمة القولون العصبي.

كما أظهرت تجربة علمية أن القلق الزائد عن الحد يعرض أصحابه للإصابة بالقولون العصبي. وقد تضمنت التجربة 620 فردا أصيبوا بالتهاب في المعدة نتيجة عدوى بكتيرية ولكن لم يصابوا بالقولون العصبي من قبل. وطلب من المشاركين الإجابة عن بعض الأسئلة المتعلقة بالسلوك الشخصي والمعتقدات المتعلقة بالمرض والحالة المزاجية ومستوى الضغط العصبي والقلق.

وتمت متابعة المشاركين لمدة 3 أشهر ثم 6 أشهر لتحديد ما إذا كانوا قد أصيبوا بأحد أعراض القولون العصبي مثل الإسهال الإمساك وآلام المعدة.

وأظهرت النتائج أن المشاركين أصحاب المستويات المرتفعة من القلق والضغط العصبي وأصحاب النظرة المتشائمة للمرض والأمراض، عموما، كانوا أكثر عرضة للإصابة بالقولون العصبي، إضافة إلى اكتشاف أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالقولون العصبي مقارنة بالرجال.

ويشار إلى أن مجلة الجمعية الأميركية للجهاز الهضمي نشرت دراسة، أجراها باحثون بجامعة ميتشغان، أكدوا فيها على زيادة مخاطر الإصابة بالقولون العصبي بين أعضاء هيئة التمريض العاملين بنظام الورديات المناوبة مقارنة بآخرين تتسم فترات عملهم بالثبات وعدم التناوب المتكرر.

وأجريت الدراسة على ثلاث مجموعات من أعضاء هيئة التمريض، أغلبهم من الممرضات، المجموعة الأولى تعمل بمواعيد عمل ثابتة والمجموعة الثانية تعمل بنظام الورديات الليلية والمجموعة الثالثة تعمل بنظام الورديات المتغيرة (المناوبة). وأكدت النتائج أن أعضاء المجموعة الثالثة يعانون أكثر من غيرهم من أعراض القولون العصبي وألم البطن. وتقل هذه الأعراض بصورة ملحوظة في المجموعات التي تعمل بمواعيد عمل ثابتة.

وفسّر الباحثون النتائج باعتبار أن القولون يعمل طبقا لساعة بيولوجية مسؤولة عن تنظيم حركة الأمعاء والقولون، خلال الست ساعات الأولى من اليوم، وبالتالي فإن اختلال هذه الساعة نتيجة تغيّر مواعيد العمل بنظام الورديات يؤدي إلى الشعور بالمغص وألم البطن والانتفاخ واضطراب عملية الإخراج.

وأكد العلماء أن اضطراب النوم لا يفسر زيادة أعراض القولون العصبي في مثل هذه الحالات، واقترحوا ضرورة إجراء المزيد من الدراسات لمناقشة تأثير تغيرات الساعة البيولوجية على مرضى القولون العصبي.

17