العوامل الوراثية تؤثر على تحصيل الطفل الدراسي

لندن - توصلت دراسة بريطانية حديثة أنجزتها الباحثتان في علم الجينات كايلي ريمفلد ومارغريتا مالنتشيني إلى أن العوامل الوراثية لها تأثير طويل المدى على الأداء الدراسي للطفل، وليس فقط على ذكائه.
وقالت إن الأطفال يختلفون بشكل كبير من حيث مستواهم الدراسي، وفي السنوات الأخيرة كشف باحثون عن أنه يمكننا أن نعزو ثلثي الفروق الفردية في الأداء الدراسي إلى العامل الجيني. واستخدمت الباحثتان عينة تضم أكثر من ستة آلاف زوج من التوائم، من المشاركين في برنامج قومي لدراسة “التطور الأولي للتوائم في المملكة المتحدة”، وتم تحليل نتائج امتحاناتهم من المرحلة الابتدائية حتى السنوات الأخيرة من التعليم الإلزامي في بريطانيا الممتد إلى المرحلة الثانوية. وأفادت نتائج الدراسة بأن الإنجازات الدراسية لدى التوائم كانت تتسم بالثبات عبر السنين بشكل ملحوظ؛ أي أن الأطفال الذين كانوا متفوقين في المرحلة الابتدائية غالباً ما كانوا يتفوقون أيضا في امتحانات الصف الثانوي الأخير.
وقالت الباحثتان “تسمح لنا مراقبة التوائم بتقدير مدى الاختلافات المرتبطة بالعامل الوراثي. وفي حالة التوائم المتماثلة، حيث تتطابق صفاتهم الوراثية بنسبة 100 في المئة، كان هناك تشابه واضح في الأداء الدراسي، أما التوائم غير المتماثلين، الذين تتشابه صفاتهم الوراثية بنسبة 50 في المئة، فكانوا يختلفون في أدائهم الدراسي، مثلهم مثل الإخوة العاديين من غير التوائم”.
وأضافتا “إن كان التوائم المتماثلون أكثر تشابهاً من التوائم غير المتماثلين فيما يتعلق بموضوع التفوق الدراسي، فإنه يمكن استنتاج الدور الوراثي الكبير الذي تلعبه الجينات هنا. وعندها يسهل علينا تقييم مدى التباين الذي يعود إلى الاختلافات الجينية في الحمض النووي لدى الأطفال”.
كما قالتا “قد توصلنا أيضا إلى أنه عندما تتشابه الدرجات دائماً في امتحانات الدراسة الابتدائية وحتى الثانوية، فإن 70 في المئة من هذا الثبات في الأداء يعزى إلى العامل الوراثي، بينما يعود 25 في المئة إلى البيئة المحيطة بالتوائم، مثل العيش في ظل نفس الأسرة، ودخول نفس المدرسة. أما نسبة الخمسة في المئة المتبقية، فتعود إلى العوامل البيئية المختلفة بين التلميذين التوأم، مثل اختلاف الأصدقاء أو المدرّسين”.
وبينت الدراسة أنه عندما طرأ تغيير في الأداء الدراسي، بعد أن اختلفت الدرجات ما بين نتائج المرحلة الابتدائية والمرحلة الثانوية، “اكتشفنا أن ذلك مرتبط -بشكل كبير- بالعوامل البيئية المختلفة.
وأشارت إلى أنه ربما من المنطقي الافتراض أن هذا التأثير الأساسي للعامل الوراثي على الثبات في أداء الأطفال خلال السنة الدراسية يمكن تفسيره بنسبة الذكاء. مضيفة أن تأثير الجينات يظل عاملا جوهريا بنسبة 60 في المئة، حتى بعد أخذ نسبة الذكاء في الاعتبار، والذي جرى قياسه من خلال اختبارات شفوية وغير شفوية للتوائم على مدى سنوات الطفولة والبلوغ.
وقالت ريمفلد ومالنتشيني “نعتقد أن النتائج التي توصلنا إليها، والتي تؤكد تأثير الصفات الوراثية على النجاح الدراسي، ستشكل دافعاً إضافياً لتحديد الأطفال الذين يحتاجون إلى دعم إضافي في وقت مبكر من حيواتهم، لأن احتمال استمرارية نفس الصعوبات التي يواجهونها خلال السنوات الدراسية سيكون أكبر”.