الحكومة الكندية تبحث عن مخرج من أزمتها مع السعودية

وزيرة الخارجية الكندية تكشف عن مسارع متواصلة لبلادها لرأب الصدع في العلاقات مع السعودية.
الأربعاء 2018/09/26
تعالوا نتصالح

نيويورك - تبحث الحكومة الكندية عن مخرج من الأزمة الدبلوماسية التي أثارتها مع المملكة العربية السعودية، بانتقادها للوضع الحقوقي في المملكة بشكل اعتبرته الرياض مؤسسا على معلومات مضلّلة ورأت فيه تدخّلا صارخا في الشأن الداخلي للمملكة، معلنة عن سلسلة من الإجراءات الصارمة التي فاجأت أوتاوا، وجرّت عليها انتقادات من الداخل الكندي اتّهم أصحابها حكومة جاستن ترودو بقلّة الخبرة في إدارة العلاقات الخارجية للبلد، وبالمقامرة بمصالح حيوية لكندا لقاء إصدار مواقف لفظية هادفة لتلميع صورة حكومته بتصويرها وصيّة على حقوق الإنسان في العالم.

وقالت كريستيا فريلاند وزيرة الخارجية الكندية، التي تحمّلها أطراف كندية بشكل مباشر مسؤولية تفجير الأزمة مع السعودية كونها مصدر المواقف الناقدة للرياض، إنها تأمل بلقاء نظيرها السعودي عادل الجبير الأسبوع الجاري على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لبحث الخلاف بين الرياض وأوتاوا.

وجمّدت السعودية في أغسطس الماضي، التجارة مع كندا وأوقفت واردات الحبوب وطردت السفير الكندي وأمرت جميع الطلبة السعوديين في كندا بالعودة للوطن بعد أن دعت أوتاوا إلى الإفراج “فورا” عن أشخاص تحتجزهم السلطات السعودية، وتقول إنّ عليهم ملفات قضائية موثّقة بارتكابهم لتجاوزات على قوانين البلاد، بينما وصفتهم الخارجية الكندية بالنشطاء في مجال حقوق الإنسان.

وكشفت فريلاند عن مساع متواصلة لبلادها لرأب الصدع في العلاقات مع السعودية من خلال اتصالات وصفتها بالدائمة مع الجبير الذي سيصل إلى نيويورك في وقت لاحق من هذا الأسبوع لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأضافت الوزيرة الكندية متحدّثة في فعالية استضافها مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك “أود الاعتراف بالجهد الكبير الذي يبذله الجبير.. نأمل باللقاء في نيويورك هذا الأسبوع وأعتقد أن هذا أمر جيد”.

ويقول مطّلعون على الشأن الكندي إنّ أوتاوا تعمل على إنهاء الأزمة الدبلوماسية مع السعودية بدفع من عاملين، أولهما الحرص على عدم خسارة مصالح اقتصادية حيوية مع المملكة من خلال تعاون اقتصادي وتجاري كان في طريقه إلى مزيد التطوّر باتفاق بين حكومتي البلدين، وثانيهما العزلة التي واجهتها كندا خلال تلك الأزمة حيث لم تعبّر أي قوّة من القوى الدولية ومن الدول الغربية التي تشاركها رفع لواء الدفاع عن حقوق الإنسان عن دعم صريح لها.

عاملان وراء المبادرة الكندية: الخوف من خسارة مصالح حيوية وغياب دعم الأصدقاء لموقف أوتاوا من الرياض

وأعلنت الولايات المتحدة الجار الأكبر لكندا حيادها في الأزمة بين الرياض وأوتاوا، مشدّدة على رغبتها في الحفاظ على علاقاتها مع الطرفين على حد السواء.

وعبّرت عن تلك العزلة بشكل واضح رايتشل كران مديرة السياسات في حكومة رئيس الوزراء الكندي السابق ستيفن هاربر، معلّقة على الأزمة مع المملكة العربية السعودية عبر حسابها في تويتر بالقول “ليس لدينا صديق واحد في العالم أجمع. وهذا أمر ليس من فراغ”.

ورأى مراقبون في الموقف الصارم للسعودية حيال الانتقادات الكندية ملامح توجّه سعودي لمقاومة نزعة معروفة لدى العديد من الدول والمنظّمات الغربية تقوم على الضغط على الدول باستخدام ملف حقوق الإنسان للحفاظ على وضع من يعطي الدروس لتلك الدول.

وكثيرا ما تثار مفارقة صادمة في هذا المجال تتمثّل في أنّ غالبية الدول التي تحاول إعطاء الدروس لغيرها في مجال حقوق الإنسان، لا تستطيع إثبات بياض صفحتها بشكل كامل في المجال الحقوقي ولا تماسك موقفها والتزامها معيارا واحدا في معالجة مختلف القضايا في العالم.

ولا تخلو محاولة تطبيق مثل تلك السياسة على دول كبيرة وغنية مثل السعودية من خسائر تكون في بعض الأحيان مادية مباشرة.

وفي محاولة لتفادي تلك الخسائر، حاول رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في وقت سابق تطويق الأزمة مع الرياض بتخفيض اللهجة تجاهها، مع فتح ما سمته مصادر دولية “قنوات خلفيّة” للحصول على مساعدة وسطاء غربيين في حلّ الأزمة مع السعودية.

وقال ترودو في وقت سابق إن حكومته تواصل التعامل دبلوماسيا مع السعودية، مؤكّدا على أهمّية أن تكون لكندا “علاقات إيجابية مع جميع الدول في مختلف أنحاء العالم”.

3