ماذا ستضيف بلومبيرغ العربية لشراكات إعلامية تحولت إلى نسخ ترجمة

لندن - تستعد قناة “بلومبيرغ العربية” للانطلاق قريبا، معيدة بذلك طرح التساؤل الذي شكل رقما صعبا في معادلة الإعلام العربي بشكل عام، وهو: هل قدمت الشراكات الإعلامية الإقليمية مع مؤسسات إعلامية عالمية إضافة معنوية للعمل الصحافي العربي؟
والإجابة على هذا السؤال تتطلب إعادة النظر في الخطط والوعود التي يقدمها الشركاء العرب، كـ”المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق” التي أبرمت شراكة مع شركة “بلومبيرغ أل.بي” العالمية للخدمات الإخبارية والإعلامية والمعلومات المالية.
وغالبا ما يكون سقف الطموح العربي تقديم محتوى يقترب إلى مستوى المحتوى الصحافي الغربي. لكن في أغلب الأحيان تستقر هذه الشراكات عند حدود “المغامرة” الإعلامية، دون أن تقدم تجربة تثري الحراك الإعلامي العربي.
وعلى العكس من ذلك، تتحول أغلب المنصات العربية التي تحمل أسماء عالمية إلى “مواقع ترجمة”، إذ تعتمد بشكل أساسي على التقارير الأصلية الصادرة عن تلك المؤسسة لترجمتها إلى العربية ونشرها دون إضافات أو تعديلات أو إجراء تحويل في الزاوية يناسب الواقع في منطقة الشرق الأوسط، ويزيل النظرة الاستشراقية التي كثيرا ما تتضمنها التغطيات الغربية للأحداث في المنطقة.
كما تتسبب الأجندات الصحافية للشريك العربي، أو الجهة المتصل بها، في عدم “إقلاع″ التجربة الصحافية الجديدة، وتحولها إلى منصة لتقديم صحافة مختلفة. وتعمل هذه الأجندات، السياسية أو الشخصية، كحاجز بين الصحافيين العاملين في المؤسسة الوليدة، وبين خبرات غربية متراكمة كان من المفترض تمريرها إليهم عبر الاحتكاك والتعامل المباشر مع الصحافيين الغربيين، والتعلم من تجاربهم.
وسائل الإعلام العالمية بدأت تقتنع بأن الشراكة مع قنوات عربية يجب أن تكون مرتبطة بشكل وثيق بالمؤسسة الأم
وكما حدث مع موقع “هافينغتون بوست عربي”، الذي أسسه وضاح خنفر المدير التنفيذي السابق لشبكة الجزيرة الإخبارية في يوليو 2015 قبل أن يتوقف ويتحول إلى موقع آخر لاحقا، تحول الموقع الإخباري سريعا إلى إثارة الجدل، بعدما تبنى أجندة قطرية تقوم على دعم تنظيم الإخوان المسلمين، وتبني أجندة ملتبسة قائمة على تنفيذ توجهات قطر بشكل عام. وقضى “هافينغتون بوست عربي” على الشراكة مع الموقع الإخباري العالمي “هافينغتون بوست” قبل أن تبدأ.
وتلقت قناة “سكاي نيوز عربية” انتقادات أيضا بسبب عدم الاستفادة من خبرات مؤسسة سكاي العالمية، إذ كانت تعمل كجزيرة منعزلة عنها تماما قبل اجراء تعديلات في ادارتها مما انعكس بشكل لافت على ادائها مؤخرا، على عكس الخدمة العربية في هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي”، التي تراجعت كثيرا في السنوات الأخيرة، لكنها حافظت على قدر من الارتباط مع خدمة “بي.بي.سي” الإنكليزية.
وعلى العكس من ذلك، قدمت تجربة “دي دبليو” العربية، وهي خدمة متفرعة من “دي دبليو” الألمانية، تجربة فقيرة، إذ لم تشكل حضورا قويا، رغم اعتمادها على استراتيجية قوية لاستغلال مواقع التواصل الاجتماعي. ويعود ذلك أساسا إلى هيمنة أيديولوجية على إدارة القناة والكثير من مسؤوليها الداعمين لمعسكر إيران وحزب الله في لبنان.
وتحاول صحيفة “الإندبندنت” تقديم تجربة مختلفة عبر تجنب أخطاء الشراكات العربية – الغربية القديمة، بعدما تعاقدت أيضا مع “المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق”.
وأعلنت الصحيفة البريطانية أن الموظفين في “الإندبندنت” العربية، التي من المقرر إطلاقها العام المقبل، سيتبعون حصريا إدارة تحرير الصحيفة البريطانية، وسيعملون ضمن فريق صالة التحرير الرئيسية في مقر الصحيفة في لندن.
ويقول متخصصون في شؤون الإعلام، إن وسائل الإعلام العالمية بدأت تقتنع أن أي شراكة مع صحف أو قنوات إخبارية عربية يجب أن تكون مرتبطة بشكل وثيق بالمؤسسة الأم، إذا ما أرادت إعادة تأهيل الصحافيين العرب العاملين فيها على النمط الغربي.
ويحتاج هذا أولا إلى قدرة على تحكم المؤسسة الأم في عملية رسم السياسة التحريرية، ومنح فرصة لتدريب الصحافيين العرب على العمل وفقا لقواعد صارمة للعمل الصحافي. كما تحتاج أيضا إلى توفير بيئة عمل تساعد الصحافيين العرب على الاختلاط بالبيئة الصحافية الغربية واكتساب مهارات تتواءم معها.