قيادة أميركية سعودية روسية لمواجهة غياب النفط الإيراني

تصاعد التنسيق بين الولايات المتحدة وروسيا والسعودية لمواجهة تداعيات الغياب الوشيك لإمدادات النفط الإيراني، في وقت تتزايد احتمالات إبرام تفاهمات بين واشنطن وكل من موسكو وبكين للتخلي عن دعم طهران لتخفيف آثار العقوبات الأميركية.
السبت 2018/09/15
روسيا تقود سباق الاستحواذ على حصة إيران في أسواق النفط

لندن – كشفت إشادة وزير الطاقة الأميركي ريك بيري أمس بالجهود الروسية لتعزيز إمدادات النفط عن الصورة القائمة التي تنتظر صادرات النفط الإيرانية مع اقتراب موعد تقييدها بموجب المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية التي تدخل حيز التنفيذ في 5 نوفمبر المقبل.

وقال بيري أمس بعد اجتماع مع نظيره الروسي ألكسندر نوفاك في موسكو، إن السعودية وروسيا ومنتجين آخرين من داخل أوبك وخارجها يستحقون الإشادة لمحاولتهم منع حدوث قفزة في أسعار النفط.

وتوقفت كوريا الجنوبية والكثير من الدول الأوروبية بينها فرنسا عن شراء النفط الإيراني في حين تقترب الهند واليابان من إيقاف مشترياتها التي تراجعت
بالفعل، بعد استكشاف موقف واشنطن، التي من المستبعد أن تقدم أي إعفاءات من العقوبات.

وسبقت روسيا جميع المنتجين في زيادة الإمدادات وأعلنت أنها مستعدة لزيادة جديدة لتعويض النفط الإيراني، رغم أنها من أقرب حلفاء إيران، في وقت تبحث فيه عن تفاهمات مع واشنطن قد تتضمن التخلي عن دعم طهران وإقصاء نفوذها في سوريا.

وأظهرت بيانات أمس تراجع مشتريات الهند من نفط إيران خلال الشهر الحالي إلى النصف مقارنة بالشهر الماضي، في وقت تحاول فيه الحصول على إعفاء من واشنطن، وهو أمر ترفضه واشنطن حتى الآن.

ويمكن أن يشتد الخناق على إيران في ظل تفاؤل بإمكانية تخفيف المناوشات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، قد تتضمن التزام بكين بعدم شراء النفط الإيراني.

وتراجعت صادرات النفط الإيراني بالفعل بأكثر من 30 بالمئة منذ مايو الماضي لتصل إلى أقل من مليوني برميل وهو أدنى مستوياتها منذ عامين، في وقت تحذر فيه وكالة الطاقة الدولية من ارتفاع كبير في أسعار النفط بسبب انحدار إمدادات إيران وفنزويلا.

وقال بيري اليوم “السعودية وروسيا ومنتجون آخرون يعدلون إنتاجهم لتجنيب مواطني العالم طفرة في أسعار النفط”. وأضاف أن الولايات المتحدة وروسيا والسعودية تعمل معا لكي تظل أسعار الطاقة العالمية في المتناول.

وتشير البيانات إلى أن منتجي منظمة أوبك زادوا الإنتاج بالفعل منذ مايو الماضي وبكميات تزيد على تراجع الإمدادات الإيرانية، في وقت تقترب فيه السعودية زيادة كبيرة مع اقتراب موعد توقف معظم الصادرات الإيرانية.

وأدت تلك التحركات إلى طمأنة أسواق النفط وتراجع الأسعار أمس بنحو 2 بالمئة بعد أن بلغت أعلى مستوياتها في 4 أشهر، متأثرة أيضا بتداعيات التوترات التجارية على الطلب على النفط.

ريك بيري: السعودية وروسيا ومنتجون آخرون يعدلون إنتاجهم لتجنب ارتفاع أسعار النفط
ريك بيري: السعودية وروسيا ومنتجون آخرون يعدلون إنتاجهم لتجنب ارتفاع أسعار النفط

وكان وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك قد أكد في وقت سابق هذا الأسبوع أن بلاده يمكنها زيادة الإنتاج إذا اقتضت الضرورة.

ولكن نوفاك حذر في الوقت ذاته من الضبابية في السوق بسبب العقوبات الأميركية على صادرات النفط الإيرانية.

وتجتمع أوبك والمنتجون المستقلون المشاركون في اتفاق خفض الإنتاج وبينهم روسيا في سبتمبر في الجزائر لمناقشة الأوضاع في السوق، وتقاسم زيادة الإنتاج التي تم إقرارها في اجتماعهم السابق في شهر يونيو.

وخلال الاجتماع مع بيري، قال نوفاك إنه اقترح إنشاء صندوق استثمار مشترك لتطوير مشروعات جديدة وأن صندوق الاستثمار المباشر الروسي يمكن أن يكون جزءا من مثل هذا الصندوق.

وفي هذه الأثناء تعزز الولايات المتحدة صادراتها من شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، التي تريد تنويع إمداداتها لخفض اعتمادها الشديد على الإمدادات الروسية، رغم أن الشحنات الأميركية أعلى تكلفة من الغاز الروسي المنقول بخطوط الأنابيب.

وقالت شايلين هاينز المتحدثة باسم وزارة الطاقة الأميركية إن بيري أبلغ المسؤولين الروس أن إدارة ترامب ترحب بالمنافسة في مجال الطاقة مع روسيا لكن “لم يعد بإمكانها استخدام الطاقة كسلاح اقتصادي”.

 وبحسب الوكالة الدولية للطاقة فإنه لم يتضح ما إذا كانت المملكة العربية السعودية، وغيرها من الدول النفطية، قادرة على تعويض النقص في إمدادات النفط العالمي، أو إلى أي مدى يمكن لهذه الدول زيادة إنتاجها.

وذكرت وكالة الطاقة الدولية أمس أنه إذا استمر تراجع الصادرات الإيرانية، فإن الأسواق قد تواجه نقصا يؤدي لارتفاع كبير في الأسعار إذا لم يتم تعويض النقص بزيادة الإنتاج في دول أخرى.

وكان سعر مزيج برنت قد تجاوز يوم الخميس حاجز 80 دولارا للبرميل، في ظل تراجع المخاوف من خطر تراجع الطلب على النفط بسبب النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين.

وتعهدت كل من روسيا ومنظمة أوبك بزيادة إنتاجها بنحو مليون برميل في يونيو، لكن الوكالة الدولية للطاقة قالت أمس إنها مازالت تنتظر لترى إلى أي مدى ستتم زيادة الإنتاج.

وكانت السعودية قد زادت إنتاجها بمقدار 70 ألف برميل يوميا إلى 10.42 مليون برميل يوميا خلال الشهر الماضي، لكن الإنتاج مازال أقل كثيرا من المستوى الذي اقترحه مسؤولون سعوديون في البداية وهو 11 مليون برميل يوميا.

10