التقاليد لم تثن فتيات عراقيات عن العمل كنادلات

تجربة المقاهي المختلطة لم تمض عليها سوى سنوات قليلة بسبب التقاليد التي تحظر على المرأة الاختلاط بالرجال.
الجمعة 2018/09/14
تحدي الواقع

وجدت في بغداد في التسعينات نواد وكازينوهات ومقاه عائلية ومقاه خاصة تديرها نساء، ولكن المقهى المختلط أو كما يطلق عليه الكوفي شوب، الذي لا يشترط على الزبون أن يكون مصحوبا بعائلته بدأ في منطقة الكرادة بشكل خجول قبل أكثر من ثلاث سنوات. وانتشرت المقاهي المختلطة في الشهور الأخيرة، ووصل عددها إلى أكثر من ألف وخمسمئة مقهى في مختلف أنحاء بغداد، ومراكز المحافظات.

وتشغل هذه المقاهي فتيات في مقتبل العمر كنادلات، وتتعرض لحملات أمنية كثيفة يقوم بها الأمن السياحي والنزاهة والشرطة الاتحادية بين وقت وآخر، بسبب الشائعات والاتّهامات التي يثيرها مواطنون حول ما تقدمه للزبائن من خدمات جنسية ومخدرات ونارجيلات معبأة بالحشيشة والمواد المخدرة.

ولم تمض على تجربة المقاهي المختلطة في العراق سوى سنوات قليلة بسبب العادات، والتقاليد العشائرية التي تحظر على المرأة الاختلاط بالرجال.

وقال جميل معتوق (40 سنة) صاحب مقهى النجمة بالربيعي، لـ“العرب” عما يثار من شائعات حول المقاهي المختلطة “أغلب الذي يقال هو مجرد شائعات لا صحة لها. تثيرها جماعة من الذين يريدون ابتزاز أصحاب المقاهي، كما كانوا يفعلون قبل سنوات، وهناك من يجمع لهم المال لاتّقاء شرورهم، فبعضهم له علاقات بنافذين بالميليشيات، وهؤلاء يمكن أن يجدوا مئة سبب لإغلاق محلاتهم”.

وأضاف “تعمل بمقهى النجمة أربع نادلات وهن في العشرينات من أعمارهن، وأقوم باختيارهن من الفتيات المقبولات المظهر، الودودات مع الزبائن، والأجرة اليومية لكل واحدة 25 ألف دينار (الدولار يساوي 1190 دينارا) أما “الكابتن” التي تديرهن، فأجرتها ثلاثون ألف دينار. وعملهن يبدأ في الرابعة عصراً وينتهي في الحادية عشرة ليلاً”.

واستطرد معتوق حول تبّرج عاملاته “يمكنك أن تذهب إلى دوائر الدولة، لتجد أن المهندسة والطبيبة، والموظفات، كلهن يضعن المكياج، ويرتدين ذات الملابس التي ترتديها عاملاتنا، فلماذا بناتنا محرم عليهن وضع المكياج وغيرهن حلال؟ إنها ليست إلا حجة، لكي يسيئون إلى سمعة الفتاة، التي تعمل بالكوفي شوب. وأنا كصاحب عمل مسؤول عن سلوك العاملات خلال فترة عملهن، ولكن بعد العمل، فلهن الحرية في ما يفعلنه، ولا شأن لي به".

النقيب ياسر العجيلي من الشرطة الاتحادية (35 سنة) قال لـ“العرب” عن الكوفي شوبات بالكرادة “دورنا محدد في هذه المنطقة بضبط النادلات اللاتي تقل سنهن عن الثامنة عشرة، وكذلك نضبط كل حدث يتناول النارجيلة في الكوفي شوب، ونقوم بتدقيق بطاقات الأحوال المدنية، لمعرفة إن كان مرتاد الكوفي شوب مطلوباً أو هو دون الثامنة عشرة. إضافة إلى أننا نقوم بالبحث عن المخدرات. وقمنا بغلق عدد من المقاهي المختلطة، لعدم التزامها بالقوانين، كتشغيل قاصرات، والسماح لمن هم أقل من الثامنة عشرة بتدخين النارجيلة”.

وذكر الباحث الاجتماعي ياسر البيضاني لـ“العرب” “الشباب في بغداد والمحافظات يعانون من البطالة إذْ بلغت نسبتها 40 في المئة، وهي نسبة كبيرة، لذلك فالشاب يعيش فراغاً، ومشاعر إحباط. وهذا الوضع يضطره للبحث عن وسيلة لقضاء ساعات خارج البيت. فلا عجب أن يجد راحته في المقهى، والكوفي شوب مع النارجيلة، والتعامل الودود، والكلمة الطيبة من نادلة أو صديق".

وأضاف موضحا “بعض الشباب يطلقون على الكوفي شوب اسم “صالون الحلاقة” ويرمزون بذلك إلى إنفاق المال الكثير فيه، ولكنه يبقى أرحم من البيوت، التي صار كل فرد فيها مشغولاً بهاتفه وباللابتوب، وبنفسه وإحباطاته. وانقطعت أواصر التواصل المعتادة بين أفراد الأسرة الواحدة”.

21