حالات الإصابة بالحصبة تسجل ارتفاعا قياسيا

رغم توفر اللقاحات في جل أنحاء العالم، تشهد مقاومة مرض الحصبة انتكاسة جزئية ترجع أسبابها إلى عدم تلقي عدد مهم من الأطفال لجرعات التطعيم التي توصي بها منظمة الصحة العالمية. ورغم أن الغالبية الكبرى من وفيات الحصبة (أكثر من 95 بالمئة) تحدث في البلدان ذات الدخل القومي المنخفض، لم تسلم أوروبا هذه المرة من تزايد عدد الوفيات والمصابين بالمرض على أراضيها ذات النظام الصحي المتطور.
لندن - كشفت منظمة الصحة العالمية أن حالات الإصابة بمرض الحصبة في أوروبا سجلت ارتفاعا قياسيا، حيث شهدت الأشهر الستة الأولى من عام 2018 إصابة ما يربو على 41 ألف شخص، توفي منهم 37 مصابا، مقارنة بإصابة 23927 عام 2017 وإصابة 5237 عام 2016.
وعزا الخبراء هذه الزيادة إلى تراجع عدد الأشخاص الذين عليهم أن يحصلوا على التطعيم. وشهد هذا العام إصابة 807 أشخاص في إنكلترا حتى الآن، ودعت منظمة الصحة العالمية الدول الأوروبية إلى اتخاذ التدابير اللازمة.
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي”، تقريرا عن هيئة الصحة العامة أفاد أن تفشي المرض في إنكلترا يرجع إلى حد كبير إلى سفر أشخاص إلى مناطق في القارة الأوروبية يتفشى فيها المرض.
تقول منظمة الصحة العالمية إن جهود التطعيم ضد الحصبة مكّنت من تحقيق مكاسب صحية عمومية كبرى، في الأعوام السابقة، ممّا أدّى إلى انخفاض الوفيات بهذا المرض في جميع أنحاء العالم بنسبة 79 بالمئة في الفترة بين عامي 2000 و2015.
في عام 2015 تلقى نحو 85 بالمئة من أطفال العالم جرعة واحدة من لقاح الحصبة قبل بلوغهم عامهم الأوّل في إطار الخدمات الصحية الروتينية، وذلك يمثّل زيادة مقارنة بعام 2000 حيث كانت تلك النسبة تناهز 73 بالمئة.
رغم أن معظم الناس يتعافون تماما من الحصبة، قد يترك المرض بعض المشكلات الصحية الخطيرة مثل الالتهاب السحائي
ولقد حالت عمليات إكساب المناعة ضد الحصبة خلال الفترة بين 2000 و2015 دون وقوع وفيات يُقدّر عددها بنحو 20.3 مليون وفاة، ليصبح بذلك لقاح الحصبة واحدا من أفضل اللقاحات التي يمكن اقتناؤها في مجال الصحة العمومية.
وتوضح المنظمة العالمية أن الحصبة مرض خطير، شديد العدوى، وينتشر عن طريق الرذاذ المصاحب للسعال والعطس. وفي عام 1980، أي قبل انتشار التطعيم على نطاق واسع، كان هذا المرض يودي بحياة نحو 2.6 مليون نسمة كل عام. ولا تزال الحصبة من الأسباب الرئيسية لوفاة صغار الأطفال في جميع أنحاء العالم وذلك على الرغم من توفّر لقاح مأمون وناجع لمكافحتها.
وتدوم العدوى من سبعة إلى 10 أيام، لكن على الرغم من أن معظم الناس يتعافون تماما، إلا أن الإصابة يمكن أن تترك بعض المشكلات الصحية الخطيرة مثل: التهاب الدماغ، الالتهاب السحائي، التشنجات والحمى، الالتهاب الرئوي، الالتهاب الكبدي.
ويمكن لتطعيم الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية أن يمنع العدوى، على الرغم من أن بحثا غير معتمد أجري قبل 20 عاما ربط على نحو خطأ بين التطعيم والإصابة بمرض التوحد، الأمر الذي جعل البعض يعزفون عن الثقة باللقاح.
وتوصي هيئة التأمين الصحي البريطانية بتطعيم جميع الأطفال بلقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية اعتبارا من الأيام الأولى للولادة وقبل سن الالتحاق بالمدرسة.
وتسجل أوكرانيا وصربيا أعلى معدلات تفشي المرض بين الدول الأوروبية. وقال نيدريت أمير أوغلو، من منظمة الصحة العالمية “تشير هذه الانتكاسة الجزئية إلى أن كل شخص ضعيف المناعة يبقى عرضة للإصابة بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه، كما يتعين على كل الدول مواصلة الدفع قدما لتدابير زيادة التغطية ورأب الفجوة بين الفئات المستهدفة بعمليات إكساب المناعة”.
وصوت مجلس الشيوخ الإيطالي مؤخرا لصالح قانون يلغي قانونا سابقا يجعل التطعيم إلزاميا للأطفال قبل سن الالتحاق بالمدرسة. ويعني التعديل الجديد عدم تغريم آباء الأطفال الذين لم يحصلوا على التطعيم.
وقالت هيئة الصحة العامة في إنكلترا لقد تأكدت 807 حالات إصابة بالحصبة في البلاد، وكانت أعلى النسب في لندن (281 حالة)، وجنوب شرق البلاد (166 حالة)، وجنوب غرب (139)، وغرب ميدلاندز (84 حالة)، ويوركشاير وهامبيرسايد (75 حالة).
جهود التطعيم ضد الحصبة مكّنت من تحقيق مكاسب صحية عمومية كبرى، في الأعوام السابقة
وقالت ماري رامزي، رئيسة قسم التطعيم في هيئة الصحة العامة في إنكلترا “شهدنا تفشيا لأعداد المصابين بالحصبة في إنكلترا، وهي ترتبط بحالات تفش عديدة تشهدها أوروبا”.
وأضافت “معظم الحالات التي رُصدت كانت بين مراهقين وشباب لم يحصلوا على تطعيم الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية عندما كانوا أطفالا”. وقالت “ينبغي لكل من تخلف عن التطعيم في الماضي أو غير متأكد من إن كان قد حصل على جرعتين أم لا أن يستشير طبيبا كي يلحق بالركب”.
وأضافت “نشجع الناس على ضمان حصولهم على جرعات من التطعيم قبل السفر إلى دول يتفشى فيها مرض الحصبة، أو الذهاب إلى أماكن التجمعات الحاشدة مثل الاحتفالات أو قبل بداية الالتحاق بالجامعة”.
يذكر أن أعراض الحصبة الأكثر شيوعا تتمثل في أعراض تشبه البرد، والرشح والعطس وظهور علامات على مكافحة الجسم لعدوى كارتفاع درجات الحرارة والتعب وفقدان الشهية وآلام العضلات وأيضا احمرار العينين وإدماعهما (التهاب الملتحمة) مع وجود بقع رمادية في الفم.