السويداء تشيع قتلاها وسط تنامي الغضب من هجمات داعش

عمان- شيعت محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية الخميس عشرات من أبنائها الذين قتلوا في هجمات لتنظيم الدولة الاسلامية أودت بأكثر من 250 شخصاً، في أكبر عملية للجهاديين في هذه المنطقة منذ بداية النزاع في 2011.
وقال سكان وشهود إن مدينة السويداء الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية شيعت الخميس جثامين العشرات من سكانها الذين سقطوا قتلى في هجمات منسقة نفذها تنظيم الدولة الإسلامية الذي اجتاح قرى وشن عدة هجمات انتحارية داخل المدينة.
وقالوا إن الهجمات أثارت صدمة لدى الطائفة الدرزية المنتشرة في لبنان وسوريا وإسرائيل، وهي الأسوأ ضد الأغلبية الدرزية في المدينة الواقعة جنوب غرب سوريا والتي تفادت العنف خلال الصراع المستمر منذ أكثر من سبع سنوات.
وخرجت نعوش الضحايا الملفوفة بالأعلام السورية والدرزية من المستشفى الرئيسي بالمدينة في الوقت الذي تجمع فيه الآلاف لتشييع جثامين الضحايا في المدينة التي توقفت فيها الحركة حدادا على الضحايا.
وبسبب الغضب مما اعتبر اخفاقا للسلطات السورية في درء الهجمات التي وقعت عند الفجر منع السكان محافظ المدينة عامر العشي وممثلين عن الحكومة من حضور الجنازة.
وأنحى كثير من السكان باللوم على السلطات في الإهمال في حين تساءل آخرون عن كيفية نزول عشرات المتشددين من المناطق التي أعلنت خالية منهم واقتحام سبع قرى شمال شرقي مدينة السويداء وإثارة الفوضى في المدينة. وقال ساكن يدعى علاء مقلد "تم طرد المحافظ بعد أن أنحى الناس باللوم على السلطات في التقاعس عن اتخاذ إجراء".
غياب دور الجيش
ووقع الهجوم في الوقت الذي كانت تخوض فيه القوات الحكومية مدعومة بضربات جوية روسية مكثفة معارك مع المتشددين في جيب يقع إلى الغرب قرب حدود الجولان والحدود مع الأردن.
وبدأ التنظيم هجومه صباح الأربعاء بتفجير أربعة انتحاريين أحزمتهم الناسفة في مدينة السويداء تزامناً مع تفجيرات مماثلة استهدفت قرى في ريفها قبل أن يشن هجوماً على تلك القرى ويسيطر على عدد منها.
وقال اثنان من السكان إن الغضب تأجج بسبب ما اعتبر غيابا لأي دور كبير للجيش عندما هرع شباب الدروز لحماية المدنيين في القرى المحاصرة وتصدوا للمتشددين.
وقالت وسائل الإعلام الرسمية إن الجيش تدخل وقاتل المتشددين كما شن ضربات جوية على من لاذوا بالفرار من المتشددين.
وتسبب رفض الكثير من زعماء وكبار رجال الدين الدروز الموافقة على الانضمام للقوات المسلحة في توترات منذ فترة طويلة مع السلطات السورية.
وقال مسؤول درزي إن وفدا عسكريا روسيا زار السويداء في الآونة الأخيرة وطلب من زعماء الدروز الموافقة على مشاركة ميليشيا محلية في هجوم تدعمه روسيا في جنوب غرب سوريا لاستعادة المناطق التي سيطرت عليها المعارضة المسلحة. وأضاف المسؤول أن الطلب الروسي قوبل بالرفض.
والدروز في السويداء جيران لمحافظة درعا ذات الأغلبية السنية ويقاومون منذ فترة طويلة الانجرار إلى الصراع السوري حيث أن أغلب المسلحين المعارضين لحكم الأسد من السنة.
ونفذ انتحاريون على متن دراجات نارية هجمات انتحارية في تكرار لبعض الهجمات الأكثر دموية للتنظيم خلال أوج قوته عندما سيطر على مناطق واسعة في العراق وسوريا .
وفجر أحد الانتحاريين نفسه في سوق للخضروات لدى وصول الباعة لبيع منتجاتهم في حين قُتل آخرون قبل أن يتمكنوا من تفجير أنفسهم في مستشفى في هجمات أحدثت صدمة لدى الدروز.
مخابئ في البادية
وتبنى تنظيم الدولة الاسلامية الأربعاء في بيانين منفصلين الهجمات التي قال إن "جنود الخلافة" نفذوها في مدينة السويداء وريفها. ونشر فجر الخميس على حساباته على تطبيق "تلغرام" صوراً تظهر قيام مقاتليه بذبح شخصين على الأقل، قال انهما من الجيش السوري والموالين له في ريف السويداء.
وقال وزير الخارجية السورية وليد المعلم إن "عناصر تنظيم داعش الإرهابي القادمين من البادية" ارتكبوا "جريمة همجية بشعة راح ضحيتها المئات من الشهداء والجرحى" في السويداء.
ويعد هذا الاعتداء الأكبر على المحافظة التي بقيت الى حد كبير بمنأى عن النزاع. وتسيطر قوات النظام على كامل المحافظة فيما يقتصر وجود مقاتلي التنظيم على منطقة صحراوية عند أطرافها الشمالية الشرقية.
وبعد طرده من مناطق واسعة في سوريا والعراق المجاور، لا يزال التنظيم قادراً على التسلل من الجيوب والمناطق الصحراوية التي يتحصن فيها لتنفيذ هجمات دموية.
وتمكنت قوات النظام في مايو من طرد التنظيم من أحياء في جنوب دمشق، وتم اجلاء مئات من المقاتلين من مخيم اليرموك واحياء مجاورة إلى البادية السورية الممتدة من وسط سوريا حتى الحدود مع العراق وتتضمن جزءاً من أطراف محافظة السويداء.
ومنذ اجلائهم، ينفذ الجهاديون هجمات على نقاط لقوات النظام وحلفائها في البادية والمناطق المحيطة بها. ونشرت شبكات اعلامية محلية على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً قالت إنها تعود لمقاتلين من التنظيم قتلوا خلال اشتباكات الأربعاء. وأفادت عن العثور على بطاقات هوية بحوزتهم تظهر انهم من مخيم اليرموك.
وتوشك قوات النظام على استعادة كامل جنوب البلاد الذي يشمل محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، بعد سيطرته إثر هجوم واتفاقات تسوية مع الفصائل المعارضة على أكثر من 90 في المئة من درعا والقنيطرة.
ورفعت قوات الأسد الخميس العلم السوري فوق معبر القنيطرة مع القسم الذي تحتله إسرائيل من هضبة الجولان، وفق ما أفاد المرصد السوري والإعلام الرسمي. ودخلت قوات النظام مدينة القنيطرة إثر خروج مقاتلين معارضين رفضوا اتفاق التسوية.