عمران خان "يلعب ورقة الدين" لتعزيز فوزه في الانتخابات الباكستانية

إسلام آباد- يبدو المعارض السياسي الباكستاني عمران خان، بطل الكريكيت السابق الوسيم، في وضع جيد للفوز في الانتخابات التشريعية التي ستُجرى الأربعاء في باكستان، رغم أن خصومه يتّهمونه بقلة احترام قواعد المنافسة النزيهة.
وقال زعيم حزب حركة الإنصاف الباكستاني إنه متأكد من فوز حزبه في الانتخابات البرلمانية، الأربعاء المقبل، ورفض التحالف مع حزبي الرابطة الإسلامية– جناح نواز والشعب لتشكيل الحكومة.
وأضاف خان (65 عاما)، بطل الكريكيت العالمي السابق، أن بلاده تحتاج إلى "حكومة قوية وذات مصداقية"، لإخراج البلد الآسيوي النووي من مشاكله السياسية والاقتصادية.
ورأى أن "الأحزاب القائمة على الوضع الراهن، خيبت آمال الشعب في السنوات السبعين الماضية، لقد استمتعوا بالسلطة مرة تلو الأخرى، ولم يسلموها، لهذا السبب الشعب متلهف للبحث عن خيار جديد في هذا الوقت".
ويشير خان، في حديثه إلى حزبين رئيسيين، الأول هو حزب الشعب الباكستاني (يسار الوسط)، بقيادة رئيسة الوزراء الراحلة، بينظير بوتو، والثاني هو حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية– جناح نواز، الذي كان يقوده نواز شريف.
وحكم حزب بوتو، باكستان أربع فترات، فيما حكم حزب شريف ثلاث فترات غير متتالية، منذ 1970. وبرز حزب حركة الإنصاف، كجماعة يشكل مناصروها الغالبية في إقليم خيبر بختنخوا (شمال غرب)، حيث يحكم الإقليم منذ 2013.
القائد الرياضي
وتعطي استطلاعات رأي حديثة لحزبه حركة الانصاف الباكستانية أفضلية الفوز على المستوى الوطني مقابل منافسه الرئيسي حزب الرابطة الاسلامية- نواز الذي يحكم البلاد منذ 2013 بصعوبة بسبب المشاكل القضائية التي يواجهها زعيمه السابق نواز شريف المسجون حاليا.
لكن يبدو أن رصيد الحزب وقاعدته السياسية في بنجاب، أكبر أقاليم باكستان، متقارب مع رصيد حزب الرابطة الإسلامية- جناح نواز. ويرى محللون أن حركة الإنصاف ظهر كحزب يحظى بتأييد شعبي كبير في إقليم بنجاب، معقل حزب نواز.
ويُتهم الجيش الباكستاني الذي يتمتع بنفوذ قوي علناً بالتدخل لتعزيز حملة عمران خان وإضعاف حملات منافسيه، الأمر الذي ينفيه الجيش وخان. وبنى "القائد" الرياضي السابق الذي اتخذ مضرب الكريكيت شعارا انتخابيا له، حملته على مكافحة الفساد، مشيرا في كل فرصة سانحة إلى فساد عائلة شريف.
ووعد هذا الاصلاحي بانشاء "دولة الرفاه الاسلامية". ويظهر عمران خان الذي اشتهر في الغرب بمغامراته العاطفية في الماضي، بشخصية متحفظة أكثر في باكستان حيث يقدم نفسه أنه مسلم متديّن يمسك المسبحة بين يديه. وترى الصحافية عريفة نور أنه "يلعب ورقة الدين".
ويطلق عليه البعض اسم "طالبان خان" ويهاجمونه لدعواته المتكررة الى إجراء حوار مع مجموعات متمردة عنيفة ولما يحكى عن تحالف حزبه مع رجل الدين سامي الحقّ الذي يسمّى "أب طالبان".
ويتمّ تصويره على أنه متهوّر ويخاطر بمواقف من مواضيع دينية حساسة مثل قانون التجديف المثير للجدل. وصرّح مؤخرا أن الحركة النسائية أدت إلى "تدهور دور الأم".
حزبا الرابطة والشعب
لكن بالنسبة لمناصريه الكثيرين، فإن خان منزّه عن الفساد وكريم، اذ أنه أمضى سنوات بعد تقاعده من الرياضة في بناء مستشفيات اضافة إلى جامعة. ويُشبّه أحياناً بالرئيس الأميركي دونالد ترامب بسبب لهجته الشعبوية وتغريداته الطويلة على "تويتر"، الا انه يعتبر هذا التشبيه "سخيفا".
وقال خان بشأن احتمال فشل أي حزب في تأمين الغالبية المطلقة في البرلمان لتشكيل الحكومة "فقط حكومة قوية هي التي تستطيع إخراج البلاد من مشاكلها، التي تتراوح بين الاقتصاد والسياسة الخارجية والقانون ونظام التنمية".
وأضاف "أنا متأكد، بإذن الله، أننا سنكون قادرين على تشكيل الحكومة بمفردنا أو بمساعدة بعض شركاء الائتلاف. لكن هؤلاء الشركاء في الائتلاف لن يكونوا حزب الرابطة الإسلامية-جناح نواز ولا حزب الشعب الباكستاني".
وتابع "هذان الحزبان نهبا البلاد. نفضل أن نكون في صفوف المعارضة على أن نشكل حكومة بمساعدتهما". كما رفض مخاوف أحزاب منها الرابطة الإسلامية- جناح نواز، والشعب الباكستاني، بشأن نزاهة الانتخابات المقبلة. وقال إن "الحزبين (الرابطة والشعب) استشرفا هزيمتهما، ولهذا السبب يحاولان إثارة الجدل بشأن نزاهة الانتخابات كخطوة وقائية".
محاربة الفساد
خصوم خان، يتهمون الجيش القوي في باكستان بـ"التلاعب" و"هندسة" الانتخابات المقبلة لتعزيز فرص فوز خان، وهو اتهام رفضه حزب حركة الإنصاف مرارا.
واتخذّ الحزب من محاربة الفساد شعارا لنفسه، وهو ما جذب أعدادا كبيرة من الناس في عموم البلاد. وقضت محكمة باكستانية، في وقت سابق من يوليو الجاري، بسجن نواز شريف، لمدة عشرة أعوام، لإدانته بتهم فساد ينفي صحتها.
ورأى خان، أن "الفساد هو أحد أكبر المشاكل في باكستان. وبسبب نضالنا الدؤوب بات الناس اليوم يتحدثون علانيةً عن هذا الخطر". ودافع عن إدراج مصطلح "الجدير بالانتخاب لمنصب" في حزبه.
ويُطلق هذا المصطلح على سياسيين مشهورين بتحويل ولاءاتهم، لكنهم يفوزون بفضل ثروتهم ونفوذهم، بغض النظر عمن يمثلون، وهو ما يراه كثيرون مناقضا لمحاربة حزب حركة الإنصاف للفساد. وختم خان، بقوله إن هؤلاء السياسيين "يعرفون فن خوض الانتخابات، وليس بإمكانهم تمييع موقفنا الأيدولوجي (محاربة الفساد)".