نبيل عمرو: إجراء انتخابات عامة حل ديمقراطي لإنهاء الانقسام

الرباط – تطرح تحولات القضية الفلسطينية منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل وخطط إدارته لتقديم تسوية سياسية عرفت إعلاميا بـ”صفقة القرن” والتصعيد الإسرائيلي المستمر وتعثر ملف المصالحة الداخلية تحديات تزيد من تعقيدات المشهد الفلسطيني.
ورغم إجماع متابعين على أن توجهات الإدارة الأميركية حيال القضية الفلسطينية قد أعادت الزخم والتأييد الشعبي لهذه القضية بعد سنوات على ما سمي بـ”الربيع العربي”، فإن هذه الإدارة قد زادت الضغوط السياسية والدبلوماسية على السلطة الفلسطينية.
تزيد الضغوط على السلطة الفلسطينية منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، وتحرك الإدارة الأميركية لفرض خطة للسلام تراعي مصالح حليفها التقليدي إسرائيل على حساب الفلسطينيين في ظل وضع داخلي مترد لم ينجح بعد في إنهاء الانقسام بين الفرقاء.
وأمام هذه التحولات السياسية في الملف الفلسطيني قيم نبيل عمرو القيادي ووزير الإعلام السابق في السلطة الفلسطينية في حوار مع “العرب” الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط ومستجدات الساحة السياسية الفلسطينية.
خطة السلام
يرى عمرو أن “صفقة القرن” التي تسعى من خلالها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنعاش عملية السلام المتعثرة في المنطقة قد حسم الشأن بخصوصها قبل الإعلان عنها. ولا يستبعد أن تكون في مراحل التشكل الأخيرة ومن ثمة تتحول إلى واقع يفرض على الفلسطينيين.واستند في رأيه إلى المواقف الأميركية الحاسمة بداية من قطع التمويل عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وانتهاء بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إلى القدس ورأى أنها مؤشرات تصب في صالح إسرائيل وتؤكد الضغط الأميركي لتمرير هذه الصفقة.
واعتبر عمرو أن “جرأة ترامب في اتخاذ هذا القرار بخصوص القدس مردها سببان؛ الأول شخصيته الانعزالية المحافظة ومحاولته استرضاء حليفة واشنطن التقليدية إسرائيل على حساب الفلسطينيين. أما السبب الثاني فهو رضوخ ترامب للوبي الداعم له ماديا أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية.. الذي يعمل على الإسراع في تنفيذ هذه الخطة حتى لا تضيع عنهم هذه الفرصة التاريخية التي يؤمنها لهم ترامب”.
وأضاف “ترامب ينحاز علنا إلى إسرائيل، لقد قام بنقل السفارة الأميركية بأسرع مما كان متوقعا وسبقت ذلك تصريحاته بأنه على الفلسطينيين أن يتوقفوا عن دفع رواتب أسر الشهداء. لكن نقول له: هؤلاء شهداؤنا ولا يستطيع أي فلسطيني أن يتخلى عن ذلك مهما فعلت”.
واعتبر عمرو أن تعاطف ترامب مع الاستيطان الإسرائيلي وعدم إدانة أي مشروع استيطاني جديد مؤشرات تكشف أن ما يخدم مصلحة إسرائيل في صفقة القرن قيد التطبيق، وما يمكن أن يفهم منه أن ما يخدم مصلحة الفلسطينيين مؤجل إلى حين الإعلان عنه.
أمام هذا الوضع الراهن لا يبدي عمرو تفاؤله بعملية السلام على عكس بدايات تفاهمات أوسلو التي كانت تبشر بنجاح مشروع السلام الفلسطيني الإسرائيلي بدعم دولي وعربي كبير، ويقول “لا نستطيع القول إن فرص السلام مواتية الآن فهي عملية تبدو مؤجلة ومشكوكا فيها إن لم نجزم بأنها غير واردة”. ويرى أن عملية السلام تعيش انقلابا جوهريا، محملا الطرف الإسرائيلي المسؤولية؛ فهو من يتحمل “المسؤولية المباشرة في تعثر مسار السلام، منذ انتخاب بنيامين نتنياهو الذي قدم برنامجا انتخابيا قائما على التخلص من مخرجات أوسلو”.
وأضاف “عندما يتم انتخاب رئيس وزراء على أساس هذا البرنامج يعني أن هناك تصميما قياديا وقاعديا لوقف أي إمكانية لأن يتقدم الفلسطينيون نحو تحقيق دولتهم وهو ما يحدث حاليا”. وقال “قرر الإسرائيليون أنهم لا يريدون سلاما مع الفلسطينيين يؤدي إلى دولة فلسطينية، بوضع مبادرة السلام العربية على الرف وفرض برنامجهم بدعم أميركي”.
الانقسام.. نكبة ثانية
لمواجهة الضغوط الأميركية دعا نبيل عمرو إلى بلورة خطة عمل تعيد ترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني لمواجهة التحديات القادمة، لافتا إلى أن تقوية الوضع الداخلي ومعالجة كل أشكال الانقسام تتطلبان وسائل ديمقراطية وليس أوامر فصائلية.
واعتبر عمرو الانقسام الفلسطيني بمثابة النكبة الثانية التي ألحقت الضرر بالشعب الفلسطيني. واعتبر المسؤول الفلسطيني أن المحادثات الدائرة بين فتح وحماس مجرد اتفاقات على الورق وتخفق مع ساعات التطبيق الأولى فالوضع على الأرض مركب للغاية.
وقال إن “حماس تعتبر حكم غزة هو الملاذ الأخير ليس لها فقط وإنما للإخوان المسلمين في المنطقة العربية، وبحكم فوزها في الانتخابات تعتقد أن من حقها ممارسة السلطة، وتعتقد أيضا أن السلطة الفلسطينية في رام الله هي مجرد خصم ومنافس وليست سلطة شرعية”.
وأوضح أنه بالنسبة للسلطة الفلسطينية برام الله “تنتظرها أعباء كبيرة في حال انتهاء الانقسام، وهي أعباء مادية أساسا حيث المطالبة بالإنفاق في ظل أوضاع معيشية متردية، لذلك طرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس معادلة يجري نقاشها، بأنه إذا أردتم أن أكون مسؤولا فيجب أن تكون مسؤولية تامة، وهذا موقف الرئيس عباس وهو خاضع للجدل في الساحة الفلسطينية”.
تعاطف ترامب مع الاستيطان الإسرائيلي وعدم إدانته أي مشروع استيطاني جديد مؤشرات تكشف أن ما يخدم مصلحة إسرائيل في صفقة القرن قيد التطبيق
ويرى أن حماس فشلت في إدارة الأوضاع بغزة ومعظم قادة حماس يعترفون بذلك ويبحثون عن مبررات وليس عن حلول، وتابع “من يتحمل الجزء الأكبر من الانقسام انقلاب حركة حماس واستئثارها بالسلطة في غزة. وعليها الانتباه إلى أن كل يوم تتمسك فيه حماس بالسلطة يعني انتكاسة جديدة للحياة الفلسطينية داخل القطاع وللقضية الفلسطينية ككل”. واعتبر أن المخرج يكمن في إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، مشيرا إلى أن الانتخابات هي الوسيلة الديمقراطية الأكثر فاعلية للإسراع في حسم الخلافات، فـ”حينما تفشل قيادة فتح وحماس في إنهاء الانقسام يجب أن تعود إلى الشعب”.
وأوضح أن الرئيس الفلسطيني يستطيع أن يصدر قرارا أو مرسوما في هذا الشأن ويحدد الموعد الانتخابي. وتوقع موافقة حماس إذا أقدم عباس على هذه الخطوة.
وتطرق عمرو في ختام حواره مع ‘العرب ” إلى التقائه بعباس بعد قطيعة دامت تسع سنوات، في خطوة اعتبرها بعض المراقبين محاولة لإعادة ترتيب البيت الداخلي لفتح، في حين اعتبر وزير الإعلام السابق أن اللقاء مع أبومازن يأتي في سياق التحضير للمجلس الوطني الفلسطيني.
وعن حالة القلق التي انتابت الشارع الفلسطيني بعد مرض عباس ووصوله إلى العقد الثامن من العمر، وبداية الحديث عمّن سيخلف الرئيس، أشار المسؤول الفلسطيني إلى أنه لا يوجد استعداد لسد فراغ منصب الرئيس في حال حدوثه فالكل متخوف من هذا الغياب المفاجئ، لافتا إلى أنه “لا يوجد حاليا بديل عن الرئيس أو شخص تلقائي من المقرر أن يخلفه”، واعتبر أن “خلافة أبومازن يجب أن تنبثق من صندوق الاقتراع”.