مناورات شركات الأدوية الكبرى لإبقاء الأسعار مرتفعة

تغريدة ترامب تضع الشركات في قفص الاتهام، والاحتكار والتضليل ضاعفا الأسعار أحيانا عشرات المرات.
الأربعاء 2018/07/18
الاحتكارات الملتوية سلاح شركات الأدوية

لندن – حشرت تغريدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب شركات الأدوية في قفص الاتهام وسلطت عليها الأضواء، ودفعتها لمراجعة سياساتها لتخفيف الأضرار الكبيرة التي لحقت بسمعتها لدى الرأي العام.

ورغم استياء شركة فايزر من انتقادات ترامب إلا أنها أعلنت تأجيل زيادات في أسعار 100 عقار طبي حتى نهاية العام، أو لحين تنفيذ خطة ترامب لتعزيز نظام الرعاية الصحية في إطار سلسلة من الإجراءات التي تهدف لخفض أسعار الأدوية.

وأشار تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية الأسبوع الماضي إلى وجود 4 استراتيجيات رئيسية تعتمدها شركات صناعة الأدوية لزيادة الأسعار وإبقائها مرتفعة.

وذكرت أن الأسلوب الأول كان يعتمد رفع الأسعار مرتين في العام الواحد، وأنه كان من الشائع زيادة الأسعار في يناير ومرة أخرى في فصل الصيف، قبل أن تقفز قضية أسعار الدواء المرتفعة إلى قمة جدول الأعمال السياسي.

وتضيف أن تلك الزيادات كانت تضمن أن تصبح الأدوية التي لا تباع إلا بوصفة طبية أكثر ربحية مع مرور الوقت. لكن الكثير من الشركات توقفت عن زيادة الأسعار في الصيف بعد أن أصبحت تحت مجهر المراقبة.

ديفيد ميتشيل: زيادات الأسعار الكبيرة لا تستند إلى أدلة تثبت ارتفاع تكلفة إنتاج الدواء
ديفيد ميتشيل: زيادات الأسعار الكبيرة لا تستند إلى أدلة تثبت ارتفاع تكلفة إنتاج الدواء

وتشير البيانات إلى أن استراتيجية زيادة الأسعار مرتين في العام، التي بدأت تفقد جاذبيتها، كانت السبب الرئيسي لتضخم الأسعار. فعلى سبيل المثال، ارتفع متوسط سعر الجملة لحبة فياجرا 100 مليغرام، من نحو 12 دولارا في عام 2007 إلى أكثر من 88 دولارا بداية الشهر الحالي. وتقول شركة فايزر إنها تنوي الآن إعادة سعر فياجرا إلى المستوى الذي كان عليه قبل يوليو الجاري والبالغ 80.82 دولار “بأقصى سرعة ممكنة” إلى جانب الأدوية الأخرى التي ارتفعت أسعارها مطلع الشهر الحالي.

وتشير فايننشال تايمز إلى أن الاستراتيجية الثانية هي الزيادة السنوية للأسعار، وبدأت تعتمدها معظم شركات الأدوية منذ بداية العام الماضي. وتعهدت بإبقاء نسبة الزيادات بأرقام من رقم واحد، وكانت في الغالب تزيد على 9 بالمئة.

ونسبت إلى ديفيد ميتشيل، وهو ناشط في حملة “مرضى من أجل أدوية بأسعار ميسورة” قوله إن تلك الزيادات، التي تتجاوز معدل التضخم في الولايات المتحدة لا تزال كبيرة وأن الأمر لا يستند إلى بيانات تثبت ارتفاع تكلفة إنتاج الدواء.

وأضاف أن “التأثير الذي يقع على النظام نتيجة زيادة بنسبة 9 بالمئة في سعر دواء شائع بدرجة كبيرة يمكن أن يكون أكبر بكثير من تأثير إحدى الزيادات الكبيرة جدا في سعر دواء لا تحتاجه سوى نسبة صغيرة من الناس”.

وتشير البيانات إلى أن شركة آبفي، التي تصنع دواء “هوميرا” الأكثر مبيعا في العالم، رفعت متوسط سعر الجملة لحقنة 40 مليغراما من نحو 792 دولارا في العام الماضي إلى نحو 2923 دولارا أي بزيادة تصل نسبتها إلى 270 بالمئة.

أما الاستراتيجية الثالثة فهي حصار السوق. وتنسب فايننشال تايمز إلى مايكل ري، الرئيس التنفيذي لشركة آر.اكس سيفينغز، التي تصنع تطبيقات تساعد أرباب العمل وشركات التأمين على تقليل إنفاقها على الأدوية قوله إن “الطريقة السريعة لتحقيق أرباح هائلة تكمن في امتلاك وضع احتكاري، حيث تكون مالكا لجميع الشركات المنافسة”.

ويرتكز هذا الأسلوب على استهداف دواء يواجه منافسة ضئيلة أو بلا منافسة على الإطلاق رفع سعره بوتيرة هائلة، لكن معظم شركات الدواء الكبرى أصبحت تتجنب هذا التكتيك خشية الإضرار بسمعتها، لكنها لا تزال استراتيجية سائدة في بعض جيوب الصناعة.

وتشير البيانات إلى أن سعر الجملة لأقراص عقار ميليبريد، وهو استيرويد يستخدم لعلاج أمراض متعددة، قفز بنسبة 4000 بالمئة خلال السنوات العشر الماضية.

مايكل ري: الطريقة السريعة لتحقيق أرباح هائلة هي امتلاك جميع الشركات المنافسة
مايكل ري: الطريقة السريعة لتحقيق أرباح هائلة هي امتلاك جميع الشركات المنافسة

وقد حدث ذلك رغم أن العقار تم اكتشافه في الخمسينات من القرن الماضي وفقدَ براءة اختراعه الحصرية منذ سنوات طويلة، لكن شركة سيريكور التي تنتجه، تمكنت من فرض تلك الزيادة في الأسعار لأنها الشركة المصنعة الوحيدة له.

وألقت الشركة باللوم في تلك الزيادات في الأسعار على شركة زايليرا قبل أن تستحوذ سيريكور عليها مؤخرا.

أما الاستراتيجية الرابعة التي ترصدها فايننشال تايمز فهي لجوء الشركات إلى محاربة المنـافسة، مـن خلال التدخل في تصميم دليل قائمة الأدوية الذي تعتمده الشركات التي تضبط الإنفاق الدوائي لشركات التأمين وأرباب العمل، من أجل تصميم القوائم ظاهريا بطريقة تستبعد الأدوية ذات التكلفة الأكبر. ويؤكد مايكل ري أن بعض شركات صناعة الدواء ذات المنتجات باهظة الثمن تحاول شراء مقاطع معينة من دليل قوائم الأدوية لإبقاء الأنواعَ الأرخص من الشركات المنافسة خارج القوائم، من خلال تقديم خصومات لجهات ضبط الإنفاق الدوائي.

ويضيف أن معظم الناس يعتقدون أن كتيبات الوصفات الدوائية تستند إلى الفعالية والقيمة والتكلفة. في حين أن وضع دواء معين يمكن أن يستند إلى خصومات للشركات الاستشارية.

وكانت شركة فايزر قد رفعت دعوى قضائية ضد شركة جونسون أند جونسون متهمة إياها بإرغام المستشفيات على توقيع “عقود استبعاد” لأدوية تنتجها من أجل ترويج أدوية مشابهة وأكثر كلفة تنتجها جونسون أند جونسون.

10