المصالحة بين إثيوبيا وإريتريا ضرورة للأمن في القرن الأفريقي

رئيس الحكومة الإثيوبي أبيي أحمد والرئيس الإريتري إيسايس أفورقي ينهيان أطول حرب في أفريقيا.
الثلاثاء 2018/07/10
بدأ عهد السلام

أسمرة - نجح رئيس الحكومة الإثيوبي أبيي أحمد في تحقيق ما عجزت عنه الحرب طيلة عقود بالتوصل إلى إنهاء الحرب مع إريتريا من بوابة بناء علاقات تقوم على مراعاة المصالح الاقتصادية والأمنية المشتركة، في نموذج يمكن أن يتوسع ويصبح أرضية لتفاهمات أوسع في منطقة القرن الأفريقي.

وأعلنت إثيوبيا وإريتريا انتهاء حالة الحرب بينهما، وذلك في بيان مشترك وقع، الاثنين، غداة عقد لقاء تاريخي بين رئيس الحكومة الإثيوبي والرئيس الإريتري إيسايس أفورقي في أسمرة.

وأعلن وزير الإعلام الإريتري يماني جبر ميسكيل على تويتر نقلا عن “بيان سلام وصداقة مشترك” وقع بين الطرفين، أن “حالة الحرب التي كانت قائمة بين البلدين انتهت. لقد بدأ عصر جديد من السلام والصداقة”.

وأضاف أن “البلدين سيعملان معا لتشجيع تعاون وثيق في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية”. وتابع أن الاتفاق وقعه رئيس حكومة إثيوبيا ورئيس إريتريا صباح الاثنين في أسمرة.

وبثت محطات التلفزيون صور الحفل وظهر فيها الرجلان خلف مكتب خشبي يوقعان الوثيقة.

ويأتي ذلك بعدما أعلن أفورقي وأبيي أحمد، مساء الأحد، خلال مأدبة عشاء عن إعادة فتح السفارات والحدود بينهما بعد عقود من حرب باردة بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وقال أبيي “اتفقنا على بدء تشغيل خط الطيران وفتح الموانئ لكي يتمكن المواطنون من التنقل بين البلدين وإعادة فتح السفارات”.

وأضاف رئيس الوزراء الإثيوبي “سنهدم الجدار وسنبني بالمحبة جسرا بين البلدين”.

وغادر أبيي أسمرة بعد توقيع البيان المشترك الاثنين.

Thumbnail

وجاء الإعلان ليتوج أسابيع من تطورات سريعة للتقارب بين البلدين باشرها رئيس الوزراء الإثيوبي وأفضت إلى زيارته للعاصمة الإريترية ولقائه رئيس البلاد.

وقال محللون إن المصالحة بين أديس أبابا وأسمرة إذا تم تنفيذ تفاصيلها بشكل كامل، وصمدت بمواجهة الأطراف المعارضة لها في الداخل ووكلائها في الخارج، ستدفع إلى تغيير نوعي في منطقة القرن الأفريقي التي تعيش منذ عقود على وقع صراعات عرقية تغذيها تدخلات خارجية متعددة.

ولفتوا إلى أن هذه المصالحة جاءت، أيضا، ثمرة جهد إقليمي لعبت فيه السعودية والإمارات دورا بارزا في سياق جهود الدولتين العربيتين لخلق المناخ الملائم لجعل منطقة القرن الأفريقي عنصر استقرار إضافيا وعاملا داعما لأمنهما الإقليمي.

ولم يكن خافيا أن المصالحة بين إثيوبيا وإريتريا قد تمت بعد زيارات متتالية لمسؤولي البلدين في اتجاه الرياض وأبوظبي والقاهرة، فضلا عن الزيارة التي قام بها ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى أديس أبابا، والتي فتح من خلالها علاقة جديدة بين دول الخليج ودول القرن الأفريقي تقوم على بناء علاقات متينة من بوابة الاستثمارات والمساعدات كأرضية ضرورية لتوسيع قاعدة الأصدقاء.

ومن الواضح أن رغبة رئيس الحكومة الإثيوبي الجديد في إخراج بلاده من العزلة قد شجعت الدول العربية المعنية على الانفتاح على أديس أبابا ودعم خيارها في تنقية الأجواء مع أسمرة، فضلا عن خلق أرضية تساعد دول القرن الأفريقي على تجاوز مخلفات الحروب وقطع الطريق على المحاولات الأجنبية لتغذيتها.

ويعتقد مراقبون أن نجاح المصالحة سيمثل اختبارا جديا قد يشجع الصوماليين على وقف الحرب والسير في طريق المصالحة. كما أنه يساعدهم على التحرك للتخلص من الأجندات الأجنبية التي تساهم بشكل واضح في توسيع دائرة الحرب ومنع توحيد البلاد وبناء أجهزة أمنية قوية تحتكم لقرار الدولة وليس لمصالح الميليشيات المتنافرة ومموليها الأجانب.

Thumbnail

وتشهد منطقة القرن الأفريقي هجوما لأجندات مختلفة بينها أجندة تركية تحاول تطويق مصر والتسلل إلى البحر الأحمر مستفيدة من أدوار ثانوية تلعبها الدوحة لخدمة الأجندة التركية أكثر من البحث عن مصالح قطرية وأيضا في سياق محاولاتها لإرباك استراتيجية السعودية والإمارات في تأمين الممرات المائية وتحرير الملاحة الدولية في البحر الأحمر حفاظا على الأمن القومي الخليجي ككل.

والعلاقات بين إثيوبيا وإريتريا مقطوعة منذ أن خاض البلدان نزاعا حدوديا استمر من 1998 حتى 2000 وأسفر عن سقوط نحو 80 ألف قتيل.

وبدأ التقارب بين البلدين حين أعلن أبيي أن إثيوبيا ستنسحب من بلدة بادمي وغيرها من المناطق الحدودية الخلافية، تنفيذا لقرار أصدرته العام 2002 لجنة تدعمها الأمم المتحدة حول ترسيم الحدود بين البلدين.

وكان رفض إثيوبيا تنفيذ القرار أدى إلى حرب باردة استمرت سنوات بين البلدين الجارين.

وفي 1993 أعلنت إريتريا، التي كانت منفذ إثيوبيا على البحر بمرفأيها عصب ومصوع، استقلالها بعدما طردت القوات الإثيوبية من أراضيها في 1991 بعد حرب استمرت ثلاثة عقود. ومنذ ذلك الوقت أصبحت إثيوبيا البالغ عدد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة بلدا من دون منفذ بحري، ما دفعها إلى اعتماد جيبوتي منفذا بحريا لصادراتها.

ورحب قادة المنطقة بجهود السلام حيث قال رئيس رواندا بول كاغامي متوجها إلى أبيي وإيسايس “نحن نهنئكما ونقف إلى جانبكما”.

كما هنأ الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، أبيي وإيسياس على “اختيارهما طريق الحوار وبدء رحلة الصداقة”.

وتولى أبيي منصبه في أبريل الماضي بعد سنوات من الاضطرابات المناهضة للحكومة، وسرعان ما أعلن تغييرات غير مسبوقة شملت تحرير بعض نواحي الاقتصاد الذي تسيطر عليه الدولة والإفراج عن معارضين مسجونين.

لكن أكبر تحول في سياسته حتى الآن هو توجهه نحو إريتريا، إذ وعد أبيي بالتنازل عن الأراضي التي احتلتها بلاده.

من جانبها، ردت إريتريا بإرسال اثنين من كبار المسؤولين إلى إثيوبيا في 26 يونيو، وبعد ذلك تم إعلان اللقاء بين زعيمي البلدين.

للمزيد: السلام بين إريتريا وإثيوبيا: مؤشر لعصر جديد في القرن الأفريقي

1