الخلافات تطيح برئيس هيئة الانتخابات في تونس

تونس- أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس الخميس استقالته من منصبه بسبب خلافات داخلية تشهدها الهيئة منذ الانتخابات البلدية التي جرت في مايو الماضي.
وأفاد رئيس الهيئة محمد المنصري، في بيان له نشر الخميس في وسائل اعلام محلية، بأنه قدم استقالته بعد التشاور والاتفاق مع أعضاء الهيئة، في ظل تعطل أعمالها من بينها الاستعداد لانتخابات 2019.
وكان يفترض أن يخصص البرلمان أول أمس الثلاثاء جلسة عامة للتصويت على طلب أعضاء مجلس هيئة الانتخابات إقالة المنصري لكن تم ارجاء الجلسة الى موعد لاحق.
ويأتي طلب الإقالة عقب الانتخابات البلدية التي شهدتها تونس في مايو الماضي، حيث يشكو مجلس الهيئة من وجود تنازع للصلاحيات بجانب إخلالات مالية وإدارية شابت سير الانتخابات وهو ما ينفيه المنصري.
وقال رئيس الهيئة إن استقالته تأتي لغياب بوادر حلول في الأفق، موضحا أن "مصلحة البلاد والإعداد الجيد للمحطات الانتخابية القادمة يتطلبان مزيدا من التضحية والتنازل والتحلي بالمسؤولية".
ويستمر المنصري في منصبه، الذي تولاه في نوفمبر الماضي خلفا لشفيق صرصار المستقيل، إلى حين انتخاب مرشح آخر من بين أعضاء الهيئة من قبل البرلمان، وقد دعا البرلمان، إلى البدء في إجراءات "سد شغور منصب رئيس الهيئة".
ويستند مجلس استند في قرار الإعفاء إلى الفصل 15 من قانون الهيئة المستقلة للانتخابات، وينص على إعفاء رئيس الهيئة أو أحد أعضاء المجلس في حالة ارتكابه لخطأ جسيم في القيام بالواجبات الموكلة إليه بمقتضى هذا القانون أو في صورة الإدانة بمقتضى حكم بات من أجل جنحة قصدية أو جناية أو في صورة فقدانه لشرط من شروط العضوية.
ويرفع طلب الإعفاء من قبل نصف أعضاء مجلس الهيئة على الأقل ويعرض على الجلسة العامة للمجلس التشريعي للمصادقة عليه بالأغلبية المطلقة لأعضائه. وتحتاج اقالة المنصري الى الحصول على الأغلبية المطلقة أثناء التصويت عليها في البرلمان.
وأجرت تونس أول انتخابات بلدية خلال فترة الانتقال السياسي في البلاد الذي بدأ منذ عام 2011 بعد الإطاحة بحكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وبعد نهاية الانتخابات طلب ثمانية أعضاء لمجلس الهيئة من أصل تسعة إقالة المنصري.
وتوترت الأجواء بين هيئة الانتخابات والأحزاب أثناء الحملات الدعائية للانتخابات المحلية التي جرت في مايو الجاري.
واتهمت عديد الأحزاب الهيئة بالانحياز وعدم الحياد والتضييق على عملها بعدما عمدت بعض الهيئات الفرعية إلى رفض التأشير على البيانات الانتخابية لعدد من الأحزاب من بينها حزب نداء تونس في محافظة بن عروس وحراك تونس الإرادة في تطاوين وحركة مشروع تونس في منطقة الدندان والجبهة الشعبية في دائرة تونس وقفصة وسوسة ومنوبة.
في حين لم تسجّل أي هيئة فرعيّة اعتراضا يُذكر على البيان الانتخابي لحركة النهضة لتكتفي ببعض التنبيهات بخصوص بعض المخالفات التي تمّ تسجيلها خلال الأيّام الأولى للحملة.
ولم يقف التوتر عند هذا الحد بل تأجج عقب إبرام الهيئة لاتفاق مع الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري يتعلق بضبط المعايير الخاصة بتغطية الانتخابات.
واختصر الجدل الذي أثاره الاتفاق في البداية جدلا بين المؤسسات الإعلامية وهيئة الانتخابات لتنخرط فيه الأحزاب في ما بعد.
واتفقت كلّ من أحزاب نداء تونس وحركة النهضة والجبهة الشعبية على رفض الاتفاقية المُشتركة مشيرة إلى أنها تمثّل تضييقا غير مقبول على التغطية الإعلاميّة للحملات الانتخابيّة ومسّا من مسار العمليّة الانتخابيّة ككلّ. وأثار قرار عزل المنصري استغراب المتابعين الذين طالبوا بكشف حقيقة ما يجري داخل أروقة الهيئة.
ودعا مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية، في السابق، أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى كشف كل الحقائق التي أدت إلى تفاقم الوضع داخل الهيئة لإنارة الرأي العام.
وطالب مرصد شاهد في بيان له، مجلس النواب بفتح تحقيق في أقرب وقت ممكن للوقوف على الحقائق واتخاذ الإجراءات المناسبة باعتباره الجهة الوحيدة المخولة قانونا لاتخاذ قرار إعفاء الرئيس من عدمه، والإسراع بتجديد ثلث أعضاء مجلس الهيئة لتعويض الأعضاء الذين شملتهم القرعة.
وحذر المرصد مما يمكن أن يترتب عن هذا الطلب من انعكاسات وتداعيات خطيرة على استقرار وسلامة المسار الانتخابي، معبرا عن أسفه الشديد لتواصل الصراعات والتجاذبات داخل مجلس الهيئة والتي كانت سببا رئيسيا في استقالة الرئيس والأعضاء السابقين.