غاز نوفيتشوك مرة أخرى في بريطانيا

وزير الأمن البريطاني يطالب روسيا بتقديم تفاصيل بشأن الهجوم بغاز الأعصاب نوفيتشوك الذي استهدف سكريبال وابنته بعد تسمم رجل وامرأة بريطانيين بنفس المادة.
الخميس 2018/07/05
لندن تتعاطى بأعلى درجات الجدية مع الحادثة

لندن – أثار الإعلان عن حادثة تسمم جديدة بغاز الأعصاب الذي استخدم في محاولة لاغتيال العميل الروسي السابق سيرجي سكريبال وابنته المخاوف من وجود مخاطر على المواطنين بعد الحادثة التي تسببت في توتر حاد في العلاقات الروسية الغربية.

وسرعان ما أكدت الشرطة البريطانية أن "الخطر ضئيل على العامة" بعد الإعلان أن البريطانيين اللذين عثر عليهما السبت بحالة حرجة في قرية قريبة من مدينة سالزبري حيث تم تسميم سكريبال وابنته في مارس الماضي بواسطة غاز الأعصاب السام "نوفيتشوك" تعرضا لنفس المادة السامة.

وتعقد الحكومة البريطانية الخميس اجتماعا طارئاً لبحث تداعيات الحادثة التي استخدم فيها نفس غاز الأعصاب في عملية تسميم سكريبال وابنته، حيث يترأس هذا الاجتماع وزير الداخلية ساجد جويد، وقال متحدث باسم رئيسة الوزراء تيريزا ماي انه يتم التعاطي مع الحدث "بأعلى درجات الجدية".

وطالب وزير الأمن البريطاني بن والاس روسيا بتقديم تفاصيل بشأن الهجوم بغاز الأعصاب نوفيتشوك الذي استهدف سكريبال وابنته، وذلك بعد تسمم جديد بنفس المادة. وقال والاس لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) الخميس "يمكن أن تصوب الدولة الروسية هذا الخطأ، بإمكانهم إخبارنا بما حدث وما فعلوه وملء بعض الفجوات الكبيرة التي نحاول سدها".

وأضاف "أنهم (الروس) من يقدر على الإجابة على كل الألغاز ليبقى الناس في أمان".

ونقل الاثنان وهما امرأة عمرها 44 عاما ورجل عمره 45 عاما إلى المستشفى بعد العثور عليهما فاقدي الوعي في إيمزبري على مسافة بضعة كيلومترات من سالزبري التي شهدت الهجوم على سكريبال وابنته يوليا.

وقال قائد شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية نيل باسو للصحافيين "تلقيت نتائج التحاليل من بورتون داون (مركز الأبحاث العسكري) وتظهر أن الشخصين تعرضا لغاز الأعصاب نوفيتشوك".

وألقت بريطانيا باللوم على روسيا في تسميم سكريبال وابنته بغاز نوفيتشوك الذي طوره الجيش السوفيتي إبان الحرب الباردة فيما مثل أول هجوم معروف بهذا النوع من الأسلحة الكيميائية على أراض أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية. ونفت روسيا أي صلة لها بتسميمهما.

وتقود شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية التحقيق حاليا، لكن باسو قال إنه ليس واضحا كيف تعرض الاثنان لغاز الأعصاب أو إن كانا استهدفا عمدا. وأضاف "ليست لدي أي معلومات أو أدلة عن استهدافهما بأي حال من الأحوال... لا يوجد ما يشير إلى ذلك على الإطلاق في الخلفية التي ينحدران منها".

Thumbnail

وتقع إيمزبري على بعد 11 كيلومترا إلى الشمال من سالزبري حيث عثر على سكريبال وابنته فاقدي الوعي على مقعد في الرابع من مارس.

ويشارك نحو 100 من ضباط وحدة مكافحة الإرهاب في القضية وطوقت الشرطة خمس مناطق مختلفة على الأقل منها متنزه وعقار في سالزبري، بالإضافة إلى مركز لخدمة المجتمع تابع لإحدى الكنائس.

وتسبب الهجوم في أكبر عملية طرد لدبلوماسيين روس من الغرب منذ الحرب الباردة مع تأييد حلفاء أوروبيين والولايات المتحدة لرأي رئيسة الوزراء تيريزا ماي بأن موسكو مسؤولة عن الهجوم أو أنها فقدت السيطرة على مخزون لغاز الأعصاب.

ويحيط الغموض بالهجوم كما أن الدافع غير واضح وكذلك السبب وراء استخدام غاز أعصاب ارتبط بوضوح بالجيش السوفيتي خلال الحرب الباردة.

ونفت روسيا، التي تستضيف حاليا بطولة كأس العالم لكرة القدم، أي صلة لها بالواقعة وأشارت إلى أن بريطانيا نفذت الهجوم لتأجيج ما وصفتها بالهستيريا المناهضة لموسكو.

وردت موسكو بطرد دبلوماسيين غربيين وشككت في كيفية علم بريطانيا بأن روسيا هي المسؤولة عن الهجوم، وقدمت تفسيراتها الخاصة التي شملت كونها مؤامرة من أجهزة مخابرات بريطانية.

الخطر محدود

قال مسؤولون طبيون كبار يوم الأربعاء إن الخطر على الجمهور محدود وإن كان تعرض شخصين ليست لهم صلات على ما يبدو بالجاسوسية أو الاتحاد السوفيتي السابق لغاز أعصاب سيذكي المخاوف من أنه لا تزال هناك آثار للمادة في المنطقة.

وقالت مسؤولة القطاع الطبي في إنكلترا سالي ديفيز للصحافيين "بصفتي كبيرة المسؤولين الطبيين الممثلة للدولة أود أن أطمئن الجمهور بأن الخطر عليهم لا يزال محدودا".

وقال المتحدث باسم ماي إن اللجنة الحكومية المعنية بالتعامل مع حالات الطوارئ اجتمعت لبحث الحادث. وسيرأس وزير الداخلية ساجد جاويد اجتماعا للجنة الخميس. وقال جاويد "التحقيق المتعلق بإيمزبري مستمر ويجب إعطاء الشرطة المساحة التي تحتاجها لتواصل محاولة الوقوف على الحقيقة الكاملة".

وأضاف "قلبي مع الشخصين المتأثرين (بالغاز). أولوية الحكومة الأولى هي سلامة السكان بالمنطقة المحلية لكن كما أوضحت إدارة الصحة العامة في إنكلترا الخطر على الجمهور محدود".

واستدعي المسعفون صباح السبت إلى منزل في إيمزبري بعد أن أغشي على المرأة التي قالت وسائل الإعلام إنها تدعى دون ستيرجس ثم عادوا في وقت لاحق من اليوم حين شعر الرجل الذي يدعى تشارلي رولي بالإعياء.

وكان الاعتقاد السائد في البداية أن الاثنين تعاطيا جرعة ملوثة من الهيروين أو الكوكايين. لكن التحاليل أظهرت تسممهما بغاز نوفيتشوك.

غسل الملابس

وقال سام هوبسون، الذي قدم نفسه على أنه صديق لهما وقال إنه زارهما السبت، إن دون شعرت بتوعك أولاً وأن "رغوة خرجت من فمها"، بعد ذلك كان تشارلي "يتعرَّق بشدة، ولم يكن ممكناً الحديث معه. كان يُصدر أصواتاً غريبة ويهتز من الأمام إلى الوراء دون أن يجيب".

وقالت نتالي سميث (27 عاما) وهي جارتهما إنها رأت السبت رجال الإطفاء وسيارات الأسعاف "تسد الطريق" و"البعض كان يرتدي بدلات واقية".

ضُرب طوق أمني حول خمسة مواقع زارها المريضان ولا سيما مسكنهما في ايمزبري والكنيسة المعمدانية في المدينة وحديقة الملكة إليزابيث في سالزبري.

هيئة الصحة العامة البريطانية تنصح على سبيل الاحتياط الأشخاص الذين زاروا نفس الأماكن التي مر بها الضحيتان بين مساء الجمعة وبعد ظهر السبت بغسل ملابسهم على الرغم من عدم وجود "خطر فوري على الصحة العامة"

وقال روي كولينز سكرتير الكنيسة "نشعر جميعا بالارتباك والصدمة".

وفي سالزبري يبدي السكان قلقاً من التداعيات. وقال باتريك هيلمان (70 عاما) إن الحادثة "كان لها تأثير كارثي على سالزبري، سواء على الاقتصاد أو على حياة الناس".

وقال جون ريد البالغ من العمر 84 عاما "بالكاد كنا نحاول العودة إلى حياتنا الطبيعية. هذا ليس مفيداً للسياحة".

وأعلنت الشرطة عن توفير خط هاتفي للمساعدة. وقال قائد شرطة ويلتشير كير بريتشارد "لا يمكننا التقليل من شأن تأثير هذا النبأ المروع عن حادثة ثانية كبيرة في هذا الجزء من بلدنا وخلال هذا الوقت القصير".

وعلى الرغم من عدم وجود "خطر فوري على الصحة العامة"، نصحت هيئة الصحة العامة البريطانية على سبيل الاحتياط الأشخاص الذين زاروا نفس الأماكن التي مر بها الضحيتان بين مساء الجمعة وبعد ظهر السبت بغسل ملابسهم.