إيران تكثف الضغوط على الأوروبيين بزيادة تخصيب اليورانيوم

إسرائيل تدعو لتحالف عسكري ردا على طموحات طهران النووية، وإجماع أوروبي على التصدي لميليشيات إيران في المنطقة.
الأربعاء 2018/06/06
محطة بوشهر النووية تستعيد أنفاسها

طهران – يرى محللون أن إيران استنفدت جميع أوراق الضغط التي تمتلكها من أجل إنقاذ الاتفاق النووي الذي دخل مرحلة الاحتضار، بإعلان زيادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم، حيث دخل المسؤولون الإيرانيون مرحلة الحرب النفسية، أملا في تحرك أكبر لحلفائها الأوروبيين، بعد فشلهم في تلبية المطالب الأميركية للإبقاء على الاتفاق.

ويشير مراقبون إلى أن طهران تقود حربا نفسية من خلال إعلانها الترفيع في أنشطة التخصيب، علّها تحقق ما عجزت عنه الدبلوماسية، فيما تشير مصادر دبلوماسية غربية إلى وجود استعداد لدى الإصلاحيين في إيران لقبول بعض نقاط التسوية، الاثني عشرة، التي حددها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للإبقاء على الاتفاق.

وقال نائب الرئيس الإيراني علي أكبر صالحي الثلاثاء، إن بلاده أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها ستزيد قدرتها على تخصيب اليورانيوم من خلال زيادة عدد أجهزة الطرد المركزي لديها.

وصرح صالحي الذي يتولى رئاسة المنظمة الإيرانية للوكالة الذرية “لقد سلمنا الوكالة رسالة حول بدء بعض النشاطات”، مضيفا “إذا سمحت الظروف سيكون بإمكاننا أن نعلن ربما بدء العمل في تصنيع أجهزة طرد مركزي جديدة”.

ومضى صالحي يقول “هذه الإجراءات ليس معناها فشل المفاوضات مع الأوروبيين”، في إشارة إلى المحادثات بين إيران والاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا وبريطانيا من أجل بقاء إيران في الاتفاق رغم الانسحاب الأميركي منه. وقال صالحي أن الإعلان عن تصنيع أجهزة طرد مركزي “ليس معناه أننا سنبدأ بتجميع أجهزة طرد مركزي” بهدف استخدامها.

وكان المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي قال الاثنين، إن “من واجب منظمة الطاقة الذرية الإيرانية الاستعداد سريعا لزيادة قدرتها على إنتاج اليورانيوم المخصب”، حيث يمكن استخدام اليورانيوم عند تخصيبه بنسب عالية وفي وجود كمية كافية منه لصنع قنبلة ذرية.

ودعا وزير الاستخبارات الإسرائيلي إسرائيل كاتز الثلاثاء، إلى تشكيل تحالف عسكري غربي ضد إيران في حال تحدت طهران قوى العالم عبر تخصيب اليورانيوم للاستخدام العسكري، حيث تعول إسرائيل على دعم الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب المطلق لها عبر سياسة الحزم إلى أقصى الحدود حيال إيران.

علي أكبر صالحي: سنزيد في تخصيب اليورانيوم من خلال زيادة أجهزة الطرد المركزي
علي أكبر صالحي: سنزيد في تخصيب اليورانيوم من خلال زيادة أجهزة الطرد المركزي

وجاءت تصريحات كاتز في وقت بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جولة للقاء القادة الأوروبيين لمناقشة التدخل الإيراني في المنطقة وبرنامج طهران النووي، وهما ملفان ترى تل أبيب أنهما يشكلان تهديدا خطيرا.

وقال الوزير الإسرائيلي “إذا لم يستسلم الإيرانيون الآن وحاولوا العودة إلى تخصيب اليورانيوم دون إشراف سيكون على رئيس الولايات المتحدة والتحالف الغربي برمته إصدار بيان واضح في هذا الصدد”.

وتابع “إن الرسالة يجب أن تكون؛ في حال عاد الإيرانيون إلى تخصيب اليورانيوم الذي يمكنهم من صناعة قنبلة نووية، فسيتم تشكيل تحالف عسكري ضدهم”.

وحذر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي القادة الأوروبيين بأن عليهم التخلي عن “حلم” مواصلة إيران تقييد برنامجها النووي في ظل إعادة فرض العقوبات الاقتصادية.

وتشير إسرائيل إلى أن رفع العقوبات بموجب الاتفاق النووي سمح لإيران بتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط وذلك باستخدام قواتها ومجموعات تابعة لها.

وتصر كذلك على أن الحدود الزمنية التي يضعها الاتفاق لا تضمن بألا تحصل في نهاية المطاف على الأسلحة النووية في وقت تطالب كذلك بوضع قيود على برنامج طهران الصاروخي.

وخلال لقائه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الاثنين، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن إيران “تسعى إلى حيازة أسلحة نووية لتنفيذ مخططاتها لارتكاب عمليات إبادة جماعية”.

وقال نتنياهو “من المهم منع إيران من الحصول على سلاح نووي، نعلن التزامنا والتزامي أنا مجددا عدم السماح بحدوث ذلك”، فيما قالت ميركل إن أنشطة إيران في الشرق الأوسط مصدر قلق.

وأكدت ميركل “لدينا نفس الهدف المشترك وهو أن إيران ينبغي ألا تمتلك أبدا سلاحا نوويا، لكن الخلاف بيننا هو على طريقة تحقيق هذا الهدف”، مضيفة “النفوذ الإيراني في سوريا واليمن ولبنان مقلق ويتعين الحد بقوة من الأنشطة الإقليمية لإيران”.

وإذا كان الأوروبيون يشاركون الولايات المتحدة وإسرائيل في القول بوجود تهديد إيراني للمنطقة، فإنهم بالمقابل يختلفون حول طريقة الرد على هذا التهديد.

وأعلنت الرئاسة الفرنسية “إننا نتقاسم التشخيص ذاته بأن الوجود العسكري لإيران أو لمجموعات موالية لإيران في سوريا يشكل خطرا مستديما”.

لكن باريس تدعو إلى استكمال الاتفاق الموقع من خلال إجراء مفاوضات جديدة مع إيران بشأن أنشطتها الباليستية ونفوذها الإقليمي، في حين تدعو إسرائيل إلى نهج يقوم على المواجهة لإرغام طهران على إعادة التفاوض في الاتفاق النووي.

ويرى الباحث في معهد الآفاق والأمن في أوروبا دافيد خلفة أن “هدف نتنياهو هو الخروج من الطابع الثنائي مع واشنطن وإرغام الأوروبيين على الأقل على تعزيز الاتفاق القائم ليصبح أكثر تشددا”.

وأضاف الباحث أن “نتنياهو لا يستطيع لعب الورقة الأميركية وحدها بل عليه أن يسعى لاستمالة قسم من الأوروبيين على الأقل”.

وأشار إلى أن إسرائيل تعول من أجل ذلك على وسيلتي ضغط هما التهديد بفرض عقوبات أميركية على الشركات الأوروبية المتعاملة مع إيران، وهي عقوبات لم تدخل بعد حيز التنفيذ، والمحور الأميركي الإسرائيلي.

ومقابل الضغوط الإسرائيلية والأميركية على الأوروبيين، هناك الضغوط الإيرانية، حيث تهدد طهران بالانسحاب من الاتفاق في حال لم يضمن الأوروبيون لها عدم الانصياع للعقوبات الأميركية الجديدة.

5