القاهرة وعمّان ورام الله: لا صفقة قرن بالأمر الواقع

القاهرة - انتهى الاجتماع المصري الفلسطيني الأردني على المستويين الدبلوماسي والاستخباراتي بالقاهرة، الخميس، إلى وضع سيناريوهات عدة للتصدي لمحاولات الولايات المتحدة فرض بنود صفقة القرن كأمر واقع، بما لا يتفق مع الحد الأدنى لشروط ومطالب الفلسطينيين والعرب.
وقالت مصادر سياسية لـ”العرب”، إن القاهرة والأطراف العربية المعنية بالقضية الفلسطينية لن تقبل أن تكون غزة “دوحة أو طهران جديدة”، وهناك تحركات جادة قريبا لرفض أي وضع جديد يجعل من قطاع غزة دويلة منفصلة تحت سلطة حركة حماس وما ينتج عن ذلك من إزعاج بالغ لمصر، أمنيا وسياسيا واقتصاديا.
واستضافت القاهرة اجتماعا، الخميس، ضم سامح شكري وزير الخارجية المصري ونظيريه الأردني أيمن الصفدي والفلسطيني رياض المالكي، إضافة إلى رؤساء أجهزة المخابرات في البلدان الثلاثة، لبحث تطورات الأوضاع في غزة وما أثير بشأن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تفاصيل صفقة القرن، بعد انتهاء شهر رمضان.
وتنعقد اللجنة الثلاثية لمصر والأردن وفلسطين التي تشكلت العام الماضي، بشكل دوري، لبحث القضية الفلسطينية وتنسيق المواقف وتبادل الرؤى، باعتبارها الدول الرئيسة الأكثر قدرة على تقييم الوضع الراهن ورسم سيناريوهات المستقبل في الأراضي الفلسطينية، لما لها من انعكاسات مباشرة عليها.
وتزامن اجتماع القاهرة مع غياب واضح للرئيس الفلسطيني محمود عباس (83 عاما) عن المشهد السياسي منذ أيام لأسباب صحية ما ضاعف من القلق حول مصير السلطة من بعده.
واستبق الاجتماعَ تدخلٌ مباشر من القاهرة خلال الأيام الماضية لوقف التصعيد العسكري المتبادل بين الفصائل الفلسطينية والقوات الإسرائيلية في قطاع غزة، وهو التصعيد الأكبر منذ حرب “الجرف الصامد” عام 2014.
وخشيت مصر من أن يؤدي التصعيد إلى انفجار الموقف، ودخول بعض القوى الإقليمية (حلف إيران وقطر وتركيا) على الخط، لجني مكاسب سياسية.
وأعلنت كل من إسرائيل وحركتي حماس والجهاد الإسلامي، بطرق مختلفة الالتزام بالهدنة، طالما تمسّك الجانب الآخر بها.
وجاء الاجتماع بعد أسبوع واحد من القمة الثنائية التي عقدت بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بالقاهرة، في إطار التنسيق المتبادل للضغط على أميركا وإسرائيل للاستجابة لمخاوف الفلسطينيين قبل أي تسوية سياسية جديدة محتملة.
وتصطدم التحركات المصرية والأردنية والتصدي لمحاولات إخضاع الشعب الفلسطيني للأمر الواقع، بحسابات سياسية ضيقة لحركة حماس، التي مازالت تتمسك بأن تكون هي السلطة الحاكمة في القطاع، لأن هذا الوضع يسرّع وتيرة تمرير التسوية الأميركية التي تقوم بالأساس على استمرار عزل غزة وسكانها عن الضفة الغربية.
وقال سمير غطاس، الخبير في الشؤون الفلسطينية، والقريب من دوائر السلطة الوطنية، إن “مخاوف مصر والأردن من صفقة القرن كبيرة للغاية، لأن التسوية السياسية الجديدة التي تريد الولايات المتحدة فرضها كأمر واقع، تجعل الفلسطينيين يشتبكون يوميا مع المصريين والأردنيين، وتصبح الشعوب الثلاثة أعداء لنفسها وللسلطات على حد سواء”.
وأضاف في تصريحات لـ”العرب”، أن هناك بنودا في الصفقة ترمي لأن يكون تأمين منطقة الضفة الغربية والمعابر الحدودية مسؤولية مشتركة بين الأمن الأردني والإسرائيلي، ما يجعل المواطن الأردني عدوا لشقيقه الفلسطيني باعتباره “محتلا لأراضيه”، أما غزة فسوف تصبح دويلة منفصلة تحت حكم حركة حماس، شريطة نزع سلاحها، وهي لن تمانع في ذلك، وهو ما يجعل من القطاع “مستوطنة قطرية وإيرانية بدعم وتأييد ومباركة حمساوية”.
وترتبط حزمة المساعدات الغذائية والطبية والبترولية التي تدخل بشكل دوري إلى غزة بمشاركة مصر والأردن، بتحسين الأوضاع المعيشية لسكان القطاع، بشكل لا يجعلهم، أمام تردي أحوالهم الإنسانية، يقبلون بأي تسوية سياسية جديدة تخرجهم من هذا الوضع.