مسجون في "إجازة" وراء حادثة ليج الإرهابية في بلجيكا

حادثة ليج الإرهابية تثير موجة من الجدل بعد أن منحت السلطات السجنية إجازة قصيرة لمنفذ الهجوم استغلها في قتل شرطيين ورجل قبل أن ترديه الشرطة قتيلا.
الخميس 2018/05/31
مراقبة السجن لا تعني مراقبة المساجين

بروكسل - واجهت السلطات البلجيكية، الأربعاء، أسئلة عن سبب السماح لسجين، يعتقد أنه تحول إلى التطرف أثناء وجوده في السجن، بالخروج في إجازة قصيرة استغلها في قتل ثلاثة أشخاص في مدينة ليج.

وقال وزير العدل كوين جينس، الذي يشرف على السجون إنه يشعر بأنه “مسؤول” عن إراقة الدماء أمس الأول الثلاثاء بعد مقتل شرطيين ورجل، حيث أطلقت الشرطة النار على المهاجم بعد ذلك وقتلته.

وأضاف جينس “مسألة ما إذا كان يجب ترك هذا الرجل يخرج من السجن لافتة لأنه قتل ثلاثة أشخاص أبرياء تماما بغرض قتل نفسه”. وأكد جينس أن هذه كانت المرة الرابعة عشرة التي يسمح له فيها بالخروج من السجن بشكل مؤقت لتحضيره لإطلاق سراحه والاندماج في المجتمع، فيما تساءل نائب رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو “الكل في بلجيكا يوجه السؤال نفسه: كيف أمكن السماح لشخص ارتكب كل هذه الجرائم بمغادرة السجن؟”.

وقال وزير الداخلية جان جامبون إن السلطات ما زالت تدرس دوافع القاتل الذي قالت وسائل إعلام محلية إن اسمه بنجامين هيرمان (31 عاما) ويعمل تاجر مخدرات وكان مسجونا لكن سمح له بالخروج لمدة يومين استعدادا للإفراج عنه في عام 2020.

وأضاف جامبون “هناك دلائل على أنه تطرف في السجن لكن هل التطرف هو ما دفعه إلى ارتكاب هذه الأفعال؟” مؤكدا أن من المعتقد أن هيرمان قتل كذلك أحد معارفه الذي عثر على جثته في جنوب ليج في وقت سابق الثلاثاء. وتابع “ربما يرجع الأمر إلى أنه ليس لديه ما يتطلع إليه، لأنه قتل كذلك شخصا الليلة السابقة، (ما يثير الشك في) حالة الرجل النفسية وحقيقة أنه ربما كان تحت تأثير المخدرات”، مشيرا إلى أنه “رغم تصنيف هيرمان في التقارير الأمنية متطرفا إسلاميا محتملا قد يلجأ إلى العنف فقد كان يبدو شخصا مهمشا”.

وقال مصدر من الشرطة لوكالة رويترز إن المسلح هتف قائلا “الله أكبر” باللغة العربية أثناء تبادل لإطلاق النار مع الضباط في مدرسة بوسط ليج، بعد أن قتل الأشخاص الثلاثة.

وكان في وقت سابق قد طعن شرطيين بسكين حتى الموت وأخذ مسدسيهما وأطلق النار على رجل في سيارة واحتجز امرأتين رهينتين.

وقال بيتر فان أوستايين المختص بشؤون المتطرفين والذي أجرى اتصالات مع بلجيكيين يقاتلون في سوريا “أعتقد أنه فرد واحد دخل في نوبة قتل، لا أعتقد أنه هجوم منظم”.

كوين جينس: مسألة وجوب ترك هذا الرجل يخرج من السجن لافتة لأنه قتل ثلاثة أبرياء
كوين جينس: مسألة وجوب ترك هذا الرجل يخرج من السجن لافتة لأنه قتل ثلاثة أبرياء

وعلى عكس هجمات أخرى نفذها أشخاص بمفردهم في أوروبا لم يعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن هذا الهجوم.

وقد يكون هيرمان، الذي دخل السجن وخرج منه عدة مرات منذ 2003، قد وجد سبيلا إلى العنف الذي أثار مخاوف من أن تصبح سجون أوروبا حواضن للفكر المتطرف.

وكانت تقارير صحافية قد أشارت إلى أن النهج الذي تتبعه السلطات البلجيكية في مراقبة المساجين على خلفية ملفات التطرف والإرهاب داخل السجون أسوأ كثيراً مما يعتقد البعض.

وألمحت التقارير إلى أن البعض من السجناء يستطيعون التواصل عبر الهاتف مع زملائهم في صفوف داعش في سوريا والعراق، كما أن هناك أسلحة محظورة موجودة في زنازين عدد من السجناء في ملفات لها صلة بالإرهاب.

وتعاني خطط الحكومة البلجيكية لمكافحة الفكر المتشدد بين المساجين، من النقص الحاد في عدد المستشارين المؤهلين للعمل في هذا المجال، حيث أكدت برلمانية بلجيكية وجود أكثر من 80 سجيناً من المتأثرين بالفكر المتشدد، يتم إعداد برنامج مناصحة لهم، يتولاه اثنان فقط من المستشارين الإسلاميين.

وقالت البرلمانية ياسمين خرباش، في البرلمان الفلاماني، إن سير العمل بهذه الطريقة قد يحتاج إلى سنوات طويلة للانتهاء من خطة مكافحة انتشار الفكر المتشدد، سواء داخل السجون بين المتأثرين بالفكر المتشدد، أو بين الأشخاص الذين كانوا يخططون للالتحاق بصفوف داعش.

وحسب مصادر إعلامية، فإنه في الوقت الحالي، يقبع 163 سجيناً لهم علاقة بقضايا الإرهاب في السجون البلجيكية، ويوجد 23 منهم في قسم لاجتثاث التطرف، بنسبة واحد من أصل سبعة.

ومن خلال تبادل المعلومات بين الأجهزة المعنية، فإن الإدارة العامة للمؤسسات السجنية قادرة على القيام بتقديرات موثوقة نسبياً للدرجة وللطريقة التي تظهر بها الميولات نحو التطرف في السجون، وتحديد ما إذا كان هناك خطر للإصابة بـعدوى التطرف.

وكانت الحكومة قد أعلنت عن مجموعة من الإجراءات في إطار مكافحة الإرهاب قبل عامين، في أعقاب إحباط مخطط إرهابي في مدينة فرفييه البلجيكية، القريبة من الحدود مع هولندا، عندما حاول ثلاثة أشخاص، عادوا وقتها من سوريا، تنفيذ هجوم استهدف عناصر ومراكز الشرطة.

وتمثلت الإجراءات الجديدة، التي أصبحت متاحة، في التنصت الهاتفي على شخصيات معروفة بمواقفها التي تدعو إلى الكراهية، بالإضافة إلى إلزام الجهات المختصة في شركات الاتصالات بالتعاون مع السلطات الأمنية في هذا الصدد.

ويمكن لرجال الأمن، بمقتضى الإجراءات الاستثناية، التنصت على هواتف المتشددين ودعاة الكراهية، وتفتيش منازلهم أو فتح الطرود البريدية، وزرع أجهزة التنصت أو الكاميرات.

وشككت محكمة المدققين الأوروبيين الثلاثاء، في نجاعة الآليات التي تعتمدها المفوضية الأوروبية لمكافحة التطرف والإرهاب المتنامي في بلدان الاتحاد رغم توفر الموارد المالية المرصودة.

و خلص تقرير أصدرته المحكمة إلى أنه من غير الواضح مدى فعالية جهود الاتحاد لمكافحة التطرف، فيما تتزايد الهجمات الإرهابية داخل عدد من الدول الأوروبية رغم البرامج والتمويلات المرصودة.

5