فيسبوك أصبح أداة حكومية لجس نبض المصريين

مستخدمو الشبكات الاجتماعية يلجأون للسخرية كرد فعل متكرر تجاه المواقف والقرارات الصعبة، إثر تسريب قرارات الزيادة في الأسعار على موقع فيسبوك.
الاثنين 2018/05/28
باب فيسبوك مغلق

القاهرة - أصبحت الحكومة المصرية تعتمد على الشبكات الاجتماعية كوسيلة رسمية لإلقاء البيانات وأداة لمعرفة رد فعل الجماهير على قراراتها، وهو ما يحدث حاليا.

وقد عمدت أجهزة الحكومة مؤخرا إلى تسريب عبارات لجس النبض عبر بعض الحسابات غير المعروفة تحت عنوان “أنباء عن رفع أسعار الوقود خلال ساعات”. ونشرت حسابات معروفة لصحافيين وإعلاميين مقربين منها عبارات من عينة “لا بديل عن تحريك سعر الوقود.. أسعار النفط خارج السيطرة”.

تبريرات مؤيدي الحكومة في مصر تعددت، فكتب محام حر على تويتر “لا أفهم لماذا تصنعون أزمة من زيادة أسعار البنزين. لا يهم اركبوا سيارة واحدة فقط”.

ولجأ حساب “تحيا مصر” الذي يرعاه الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى تذكير الناس بالأوضاع الصعبة التي كان المصريون يعانون منها خلال فترة حكم الرئيس الإخواني محمد مرسي، ولم يكن الوقود متاحا في معظم محطات وقود السيارات، وكان التيار الكهربائي كثير الانقطاع، واضطرت بعض الأسر لشراء مولدات كهربائية.

وتتحكم ثلاثة اتجاهات في حوارات المصريين على شبكات التواصل حول القرار المرتقب. الأول يخُص حسابات مقربة من الحكومة، وتعمل على تهيئة المتابعين لتقبل زيادة الأسعار من خلال تبريرات منطقية، بينها أن ارتفاع أسعار النفط عالميا أكبر بكثير من توقعات الحكومة، ومصر مازالت من أرخص دول العالم في أسعار البنزين.

والاتجاه الثاني يتمثل في مجموعات محسوبة على المناوئين لنظام الحكم، ومعظمهم من جماعة الإخوان، وبقايا بعض الحركات الاحتجاجية، مثل (6 أبريل، والاشتراكيون الثوريون) وهؤلاء يحاولون استغلال القرار المنتظر لإشعال مظاهرات غاضبة ضد الدولة .

أما الاتجاه الثالث، فيمثل رؤية الناس العامة، غير المسيسة، ويسعى إلى الاحتجاج على القرار المتوقع بمقولات ساخرة وتعليقات طريفة تستدعي معاناة المواطنين مع الغلاء، وتدني مستويات المعيشة، وهو الاتجاه الأكثر وضوحا على شبكات التواصل الاجتماعي.

الحديث عن زيادة أسعار الوقود ينذر بقرب إصدار قرار فعلي، وفق معلقي فيسبوك

واختلفت توقعات واجتهادات الأفراد بشأن نسب زيادة أسعار الوقود، وتحولت مواقع التواصل إلى مركز للتكهنات واستطلاعات الرأي حول تلك القضية. فقالت بعض الحسابات غير المعروفة إن الزيادة ستصل إلى 80 بالمئة.

ويرى خبراء أن ما يحدث من تعبئة وحشد وطريقة تداول الخبر قبل صدوره يخضع لإستراتيجية عمدت الحكومة إلى استخدامها خلال الأعوام الماضية عبر اتخاذ إجراءات لتقبل الناس قراراتها، وتهيئتهم نفسيا بما يضمن الهدوء عند إعلانها.

ويسعى مناصرون للحكومة إلى المبالغة في الأسعار والأرقام الخاصة بالقرارات الحكومية بشكل يجعل الناس عند صدور الأرقام الحقيقية يشعرون بارتياح نفسي، بسبب عدم حدوث زيادة ضخمة كما ذهبت تكهنات.

وفي ذلك كتب حمدي الموجي على تويتر “أعتقد أن زيادة أسعار البنزين ستكون بـ9 جنيه اختبارا ولكن ما سيحدث أنهم سيقولون إنه لا صحة لما يتردد من شائعات، والزيادة بسيطة 2 جنيه فقط ومعها منشور للجان بأسعار البنزين بالدولار في تكساس وباريس ولندن وإن أسعارنا حلوة”.

وكتب حساب باسم “البشمهندس” تغريدة تقول “الحكومة تجس نبض الشعب في خبر زيادة أسعار البنزين خلال ساعات. طيب ممكن الشعب يجس نبض الحكومة في التحضير لتنظيم اعتصام في التحرير”.

فكرة جس النبض معروفة لدى رواد شبكات التواصل الاجتماعي، في ظل حديث متكرر لدى نشطاء فيسبوك بأن الأجهزة الأمنية لديها كتائب إلكترونية داعمة مثلما توجد لجماعة الإخوان كتائب مشابهة هدفها الحشد وخلق حالة سياسية معينة.

ولجأ الكثير من المصريين إلى السخرية كرد فعل متكرر تجاه المواقف والقرارات الصعبة. ونشرت رودي مقطع فيديو لمجموعة من الشباب ترقص في الشارع وكتبت تعليقا يقول “شاهد فرحة المواطنين ونزولهم إلى الميادين للاحتفال بزيادة أسعار البنزين”.

ونشر مصطفى درويش مقطعا لبغل يسير بمفرده في شوارع القاهرة المزدحمة وتحته كتب يقول “الحل العصري لغلاء أسعار البنزين”.

وكتب يوسف تغريدة تقول “خطة الدولة لتمرير زيادة أسعار البنزين بسهولة. أولا، أن تكون الزيادة الخميس. ثانيا، تجهيز جدول بأسعار البنزين في العالم ومصر. ثالثا، إطلاق تصريحات بأن الزيادة ضرورية ولا بديل عنها وطرح أفكار لترشيد الاستهلاك”.

19