لاجئون في قلب المدينة بين رف الكتب

في طعم الآخر" كتاب لعالم الأنثروبولوجيا التونسي المقيم في سويسرا منذر كيلاني، يصف فيه افتتان الغرب بما روجه عقب الاكتشافات الكبرى عن وجود شعوب تأكل لحوم البشر.
الأحد 2018/05/27
كوتان تتساءل: هل يمكن النظر إلى قضية اللاجئين بمعزل عن قضايا الأحياء الشعبية؟

في كتاب "المهاجرون أسفل العمارة" تتوقف إيزابيل كوتان، عالمة الاجتماع المتخصصة في الأحياء الشعبية، عند اللحظة التي اجتاحت فيها مجموعة من المهاجرين معهدا مهجورا في الدائرة التاسعة عشرة بباريس عام 2015، بلغ عددهم نحو ألف ونصف، حولوا ساحة الأفراح إلى مخيم تتكدس فيه النفايات ويعم الصخب والعنف والفوضى، ما أزعج السكان، فلم يترددوا في المطالبة بإزالته.

تتحدث الكاتبة عن التمزق الذي شملها هي، مثلما شمل غيرها، بين الرغبة في مساعدة بشر فقدوا كل شيء، وبين محاولة فهم الظاهرة، التي جاءتها حتى مسكنِها. وهي إذ تحاول تفسير غضب الأهالي، ترى في تلك الظاهرة مخبرا لما واجه المجتمعات الأوروبية: كيف نستقبل؟ في أي ظروف يمكن للأحياء الشعبية أن تواصل ضمان الإدماج الذي اعتادت عليه؟ في الوقت الذي تتباهى فيه باريس ولندن ونيويورك بكونها مدنا للعالم، ومدنا ملاذا، هل يمكن النظر إلى قضية اللاجئين بمعزل عن قضايا الأحياء الشعبية؟

بطنُ الخلَف أفضل قبر للسلف
بطنُ الخلَف أفضل قبر للسلف

آكلو لحوم البشر في المخيال الغربي

"في طعم الآخر" كتاب لعالم الأنثروبولوجيا التونسي المقيم في سويسرا منذر كيلاني، يصف فيه افتتان الغرب بما روجه عقب الاكتشافات الكبرى عن وجود شعوب تأكل لحوم البشر، وما تلاه من خلط بين البيئة الثقافية والطقوس الشعائرية وبين الولائم البشرية لـ "همج" بِحار الجنوب والمآتم الجنائزية، حيث يعتبر بطنُ الخلَف أفضل قبر للسلف، فضلا عن تلذذ القتلة المدمنين أجساد ضحاياهم.

والمقاربة هنا تغذي تقليدا أسطوريا مديدا عن سوء فهم ثقافي طبع التقاء الغربيين بالشعوب النائية، سوء فهمٍ يعوزه البعدان الرمزي والاستعاري لظاهرة زائلة لا يمكن تناول حقيقتها إلا من جهة الخيال. يستند الكتاب إلى الإنتاج الأدبي والعلمي والفني الذي يعبر فيه أصحابه عن خوفهم من أن يؤكلوا بدورهم، أو هم يتقمصون دور الآكل، وفي ذلك علامة على اتساع الحقول الدلالية لأكل لحوم البشر، حيث الحب والكراهية، الرغبة والنبذ، الهوية والغيرية، النظام والفوضى، التحالف والنفوذ، والاستقلالية والعبودية.

أفلاطون بيننا

"هب أن أفلاطون يعود" كتاب طريف للفيلسوف روجي بول دروا، يتخيل فيه أفلاطون وهو يلاحظ هواتفنا الجوالة، ويلتقي بالمغتربين، ويكتشف العلميات الإرهابية، ويرقب المسؤولين السياسيين. بل إنه يجعله يقابل بطل الجيدو تيدي رينر، ومغني الروك بوب ديلان، ويرافقه إلى مطاعم ماكدونالد، ومركز البحث عن الشغل، ويحثه على مشاهدة "بيت من ورق" والاستماع إلى ماكرون وترامب.

 لمجرد التسلية، كلا، لأن جولة مؤسس الفلسفة في عالمنا المعاصر تسمح بتبين أهم ملامح فكره، بوضع الفوارق بينه وبين عالمنا اليوم، لمعرفة ما يمكن إدراكه بيسر، وما يتعذر عليه فهمه. والنتيجة أن تلك الجولة تبين جوهر ما يقوله لنا أفلاطون، وما لا نستطيع رؤيته من دونه. وقد صيغ الكتاب في شكل دفاتر يومية، بلغة مبسطة تجمع بين الترفيه والتأمل، وغاية مؤلفه التفكير في استعمالات الفلسفة، وزوايا الظل فيها، وطرقها المسدودة، مع التركيز على ضروريتها وفوائدها.

11